روايات روز أمين

رواية قلوب حائرة لروز أمين الجزء الرابع كامل

رواية قلوب حائرة الفصل التاسع والثلاثون

أفاق من نومه قرب الظهيرة فقد جفاهٌ النوم في حضرتها ورائحتها التي كان يشتاقها حد الجنون ولكنه بالنهاية وقع صريع النومٍ من شدة تعبه،

نظر بجانبه مٌتلهفاً يتفحص وجودها تملكهٌ الإحباط حين وجد مكانها فارغاً، جلس وزفر بضيق وأرجع شعره للخلف بحركة غاضبة ،أمسك وسادتها وأخذها داخل أحضانه وأشتم بها عبير حبيبته وهو مغمض العينان،

ثم تحركَ إلي الحمام أملاً منهْ أن يجدٌها ويٌمليِ عيناهٌ برؤياها ولكن أصابهٌ الإحباطِ من جديد لعدم وجودها ، توضأ وصلي فرض الله عليه ونزل الدرج للأسفل

إستمع لصوتها المرح مع صغارها يخرج من داخل المطبخ

سحبهٌ قلبهْ إليها ودلف إلي المطبخ وجدها تبدو كشمسٍ والنجوم حولها ،تقف تصنع لصغارِها وصغار باقي المنزل الوجبات المحببة إليهم .

وقفتا عَلية ومٌني سريعاً بإحترام لتحيته

وتحدثت عَلية بإحترام:

_صباح الخير يا ياسين باشا .

إبتسم لها وتحدث بود:

_صباح النور يا عَلية ،

جري عليهِ مروان قابلهٌ بحب ورفعه لأعلي وثبته داخل أحضانه

فتحدث الصغير:

_صباح الخير يا بابي .

قبله ياسين وأردف بحنان:

_صباح الفل يا قلب بابي .

كانت سعيدة من داخلها لأجل طفليها وحالتهما النفسية التي إرتفعت عنان السماء بفضل مٌناداتهم لياسين بأبي وأيضاً رعاية ياسين الغير مٌتناهية لهما

نظر ياسين للصغير وتسائل :

_أمال أنس فين ؟

أجابهٌ مروان وهو مازال معلق داخل أحضانه:

_أنس بره في الجنينة مع نانا والضيوف .

كانت تقف حول المنضدة الموضوعة بمنتصف المطبخ تصنع المعجنات للصغار، لم تلتفت إليه حتي تٌشعره بأنها غير مبالية بتواجده ،

وجه حديثهٌ إلي عَلية بتساؤل:

_ الضيوف فطروا يا عَلية ؟

أجابته بإحترام:

_ الرجالة فطروا مع عز باشا وطارق بيه وخرجوا يشتروا شوية حاجات علشان يرجعوا ياخدوا الستات ويسافروا علي القاهرة،

وأكملت:

_ والستات بيفطروا في الجنينة مع ثريا هانم ومنال هانم .

وأكملت عَلية بتساؤل:

_أحضر لحضرتك الفطار يا باشا ؟

نظر علي من أثارت حٌزنه لعدم إكتراثها لتواجده وتحدث:

_لا يا عَلية مليش نفس، لو بس تعملي لي فنجان قهوة يبقي كتر خيرك .

أجابته بإحترام :

_بس كده، من عنيا يا باشا .

نظر إلي سارة إبنة يٌسرا الماكثة بجوار مليكة تٌساعدها وتحدث بإهتمام:

_أخوكي فين يا سارة ؟

أجابتهٌ بإحترام :

_في فيلا جدو عز بيعوم في البول مع حمزة وأمير.

وأكملت بإستحياء وترجي:

_ خالو هو حضرتك متعرفش رقم للأوتيل إللي مامي نازلة فيه، أصلي كلمتها هي وأنكل سليم ولاقيت تليفوناتهم مقفولة وأنا حابة أطمن عليها ؟

نطقت أخيراً وتحدثت للفتاة:

_ أكيد لسه نايمة يا سارة وأول ماتصحي إن شاء الله هتكلمك علشان تطمن عليكي إنتي وياسر .

أجابها ياسين تأكيداً لحديثها:

_بالظبط زي ما طنط مليكة قالت لك يا حبيبتي، وأنا إن شاء الله علي أخر اليوم لو هي ما كلمتكيش هحاول أوصل لها وأخليها تكلمك .

وتحركَ حاملاً الصغير للخارج

أما هي فنظرت علي أثرة وتنهدت بألم ثم نظرت إلي عَلية التي أشرعت لعمل قهوة ياسين فتحركت إليها وتحدثت:

_سيبي لي القهوة يا دادة أنا هعملها

إبتسمت علية لها ونظرت مٌني وأبتسمت هي الأخري بتخابث علي ذلك التصرف الذي حتماً سيرضي سيدٌها عندما تخبره به

وبعد قليل أخرجت له مٌني القهوة وهو يجلس داخل الإستراحة وحيداً فتقدمت وهي تحمل لهٌ حاملاً فوقهٌ قدحٍ من القهوة ومعهٌ بعض المعجنات الساخنة التي صنعتها مليكة بأيديها ،

وأبتسمت مٌني وتحدثت:

_الست مليكة هي اللي عملت لك القهوة بنفسها وكمان حطت لك البيتزا والكوكيز ده معاها

وأكملت بثرثرة:

_قولت لها بس الباشا مش حابب ياكل حاجة مع القهوة ، ردت وقالت لي إسمعي الكلام وطلعيهم، الباشا ماينفعش يشرب قهوتة علي معدة فاضية ،

وأكملت بإبتسامة:

_ والنبي الست مليكة بتحبك أوي يا باشا .

إنتفض داخله بسعادة من إهتمام تلك العنيدة به وبصحته حتي وهي غاضبة منهْ

ثم تحدث ببرود رسمه علي وجههِ أمامَ تلك المٌني:

_حطي القهوة وأرجعي علي المطبخ وخلي بالك من كل حاجة بتحصل حواليكي:

أمائت له بإيجابية وأنصرفت وبدأ هو بتناول وحدات الكوكيز بتلذذ .

________________________

عِند سليم ويسرا داخل الأوتيل

كانت تجلس داخل أحضانه الحانية يداعب بيده خصلات شعرها بحنان

ثم رفع وجهها إليه ووضع قبلة طويلة متلهفة فوق شفتاها قابلتها هي بترحابٍ شديد .

ثم نظر إليها بحب وتحدث بعيون هائمة:

_مبروك يا حبيبتي، مبروك يا أحلى وأجمل وأرق عروسة في الدنيا كلها .

وضعت رأسها علي كتفه ولفت ذراعها حول عنقه وتحدثت بحنان وهي تضع قٌبلة حنون فوق عنقهْ:

_الله يبارك فيك يا حبيبي،

وتنهدت بهيام وأكملت:

_إنتَ حنين أوي يا سليم، ربنا يخليك ليا .

شدد من إحتضانها وأجابها بحنان:

_وييجي إيه حناني في حنان حضنك ونظرة عيونك يا يسرا، أنا حاسس إنك عوض ربنا إللي كان شايلهولي علشان يكافئني علي وقفتي مع المرحومة مراتي في مرضها .

وضعت يدها علي وجنته وقبلته وتحدثت بحنان:

_الله يرحمها يا حبيبي،

ثم أكملت بحب:

_اللي أنا متأكدة منه يا سليم إن ربنا جعل كل واحد مننا عوض للتاني علي كل اللي شافه وعاناه في حياته .

ثم إنتفضت وأكملت بتذكر:

_يا خبر شفت حبك عمل فيا إيه يا سليم، أديني نسيت أتصل بسارة وياسر وأطمن عليهم،

ثم نظرت له بهيام وأردفت:

_عيونك توهتني ونستني روحي يا سليم .

إبتسم لها بسعادة وقبلها برقة ثم أبتعد وتحدث وهو يٌمسك هاتفها :

_أفتحي فونك وتعالي نكلمهم مع بعض وبعدها أكلم ماما وأطمن عليها هي وعلي

وبالفعل إتصلا كلً منهما وأطمئن علي أطفالهما سوياً .

قضت يسرا بعض الأيام داخل الأوتيل وبعدها أخذت أطفالها وطفل سليم وسافروا جميعاً إلي أسوان للإستقرار هناكَ حيثٌ مكان عمل زوجها الحنون .

__________________________

بعد مرور بعض الأيام

طلبت ثريا من ياسين الإذن إلي مليكة لتذهب بصحبة جيجي إلي النادي الإجتماعي للترويح عن نفسها ولو قليلاً

وافقها وبعث معهما السائق بسيارة الأسرة

كانت تتحرك برشاقة وهي تمارس لعبة التنس مع مدربها الذي عادت إليه بعد غياب دامَ أكثر من عامان، للتدريب من جديد علي يده ،

كانت تتحرك سريعاً ورفعت يدها لأعلي لتستعد لتلقي الطابة بمِضربِها وفجأة وجدت مدربها توقف عن رمي الطابة وهو ينظر خلفها بتركيز ،

وفجأة وجدت من يٌمسك بمعصمِها المتواجد بهِ المضرب، إنتفضت بهلع ونظرت خلفها سريعاً وجدته بطلتهِ المٌهلكة لكيانها ينظر لها بابتسامة إستفزازية وتحدث بصوتٍ خفيض:

_ بيتهيأ لي أنا ما أديتش الإذن للهانم علشان تيجي وتقف تتنطت قدام راجل غريب بالشكل المبتذل ده .

نظرت له بإستنكار وأجابته بنبرة ساخرة:

_معلش يا سيادة العقيد، أصلي نسيت أسجل في طلب العريضة إني هتمرن .

نظر المٌدرب وتحدث إحتراماً لياسين :

_ أهلاً يا سيادة العقيد نورت المكان .

إبتسم لهٌ بسماجة وأجابهْ بنبرة باردة:

_أهلاً ،

فأكملَ المٌدرب بعفوية:

_إ يه يا مليكة مش هنكمل الماتش ؟

كادت أن تتحدث لكنه أمسك المِضرب منها ولف معصمهِ حول خصرها بتملك تحت إستغرابها وتحدث هو بإبتسامة سمجة:

_لا والله يا كابتن مدام مليكة إعتزلت التنس خلاص،

وأكملَ ساخراً :

_ياريت بقا تلحق تشوف لك بديل بسرعة قبل الأولمبياد ما يبدأ علشان متخسرش الذهبية إللي كانت مؤكدة .

نظرت له بضيق وتحدثت بصوتٍ خفيض لا يسمعهٌ غيرة:

_كفاية علينا ذهبية سيادتك اللي تستحقها وبجدارة في البرود وإستفزاز البشر .

نظر المدرب مٌوجهاً تسائلهٌ إلي مليكة بطريقة إستفزازية لياسين:

_ حقيقي الكلام ده يا مليكة ،مش هتكملي تدريب بجد ؟

هدر به بنبرة صوت مٌرعبة:

_هو السمع عندك إيه يا حضرة إنتَ، ما أنا لسه قايل لك إن خلاص إعتزلنا ده أولاً ،

ثانياً بقي يا محترم إسمها مدام مليكة المغربي وعلي فكرة أنا مبحبش أعيد كلامي لإني لما بتضر أعيده للأسف بزعل، وأنا زعلي بيبقي غبي ووحش أوي ربنا يكفيك شره

وأكملَ بنبرة تهديدية:

_مفهوم ولا أعيد كلامي ؟

إبتلع المدرب لعابه من هيئة ياسين المٌرعبة وتحدث بإحترام:

_مفهوم يا باشا بعد إذن سعادتك

وأنصرفَ هارباً من أمام ذلك الوحش الكاسر .

أما هي ففد نفضت يدةٌ من علي خصرها بغضب وتحدثت:

_مٌمكن بقي أفهم إيه اللي سيادتك عملته ده ؟

يعني إيه تمنعني إني أتمرن ؟

أجابها بحدة وغضب:

_وهو علشان سيادتك تتدربي تقعدي تتنطتي وتهزي جسمك قدام المهزء ده ؟

وأكملَ بحدة ونبرة آمرة:

_ ومن النهاردة مفيش زفت تمرين تنس تاني وأقصي حاجة مسموح لك بيها هنا هي إنك تتمشي في ممشي السيدات أو تدخلي جيم السيدات غير كده تتقي شري وتاخدي لك ساتر بعيد عن غضبي إللي إنتي مش قده اليومين دول، مفهوم يا مدام ؟

وأكملَ مٌستفزا إياها :

_ولا تحبي أعيد كلامي ؟

نظرت له بغضب ودقت بأرجلها فوق الأرض وتحركت

أوقفها بحدة :

_علي فين يا هانم ؟

أجابته بإبتسامة مٌستفزة:

_ رايحة أغير هدومي ولا يكونش ده كمان ممنوع ؟

ثم تحركت تحت إبتسامتهْ من تصرفها وحالة الغضب التي وصلت إليها بفضله ،

تحركت ودلفت لحجرة تبديل الملابس أما هو فذهب وجلس بإنتظارها بجوار جيجي وبدأ يحتسيان مشروباً بارداً سوياً

وقد علم ياسين مٌسبقاً من المراقب الذي وضعهٌ لمراقبة وحماية تلك العنيدة أنها إرتدت الملابس الخاصة بلعبة التنس كي تستعد للتدريب مع مدربها، جن جنونه وترك ما بيده من عمل وأتي إليها مٌسرعاً لينقض عليها بغضب

وبالفعل أبدلت ثيابها وخرجت وكادت أن تذهب إليهما وجدت سالي بوجهها تربع يداها وتنظر لها بحقدٍ وغل وبدون مقدمات تحدثت:

_من أول ما شفتك وأنا ما أرتحتلكيش أبدا وشفت جوه عنيكي حقيقتك إللي بتحاولي تداريها عن الكل

إبتسمت مليكة وتسائلت بنبرة ساخرة:

_ وياتري بقي إيه هي حقيقتي اللي حضرة العبقرية سالي هانم إكتشفتها ؟

أجابتها بغل:

_حقيقه بشعة لواحدة قلبها إسود مليان بالحقد والغل، واحدة ما بتطقش تشوف إتنين بيحبوا بعض وهي أرملة وحيدة باباها لزقها بالعافية لياسين المغربي علشان تستفاد من منصبه وتاخد لها قرشين من وراه هو كمان

وأكملت بغل:

_ هو أنا مش قولت لك ماتحاوليش تتدخلي في علاقتي بشريف، غبائك وحقدك خلاكي ما تطتيقيش تشوفيه بيحبني وبيسمع كلامي روحتي جبتي له قريبة الحيزبونة حماتك ولعبتوا عليه

واسترسلت بتعالي وغرور:

-وخلتيه يسيبني أناااااا، علشان واحدة متجيش صفر علي الشمال في جمالي وثقافتي وشياكتي .

إبتسمت مليكة وأجابتها ساخرة:

_مسكينة يا سالي، صدقيني إنتي صعبانة عليا، وعلي العموم أنا عمري ما اتمنيت لك غير كل خير، بعد إذنك .

كادت أن تتحرك إلا أنها وجدت سالي تسحبها من يدها بعنف وهي تتحدث بغضبٍ وغل :

_رايحة فين يا حلوة إنتي فاكرة نفسك هتمشي كده من قدامي قبل ما أخلص الكلام اللي لازم تسمعيه .

نفضت يدها من عليها بغضب وتحدثت بقوة:

_إوعي إيدك، إيه الطريقة الهمجية بتاعتك دي ؟

أمسكتها سالي من جديد وهزتها بعنف وهي تتحدث بغل :

_الهمجية دي لسه هتشوفيها دلوقتي حالاً .

لم تكمل جملتها حتي صرخت بألم حين تم إلتواء ذراعها وراء ظهرها وشعرت بألمٍ لم يضاهيهِ ألمْ

صرخت ونظرت لهٌ وتحدثت بعيون مٌترجية:

_سيب إيدي يا سيادة العقيد، إيدي هتتكسر .

أجابها وهو يجز علي أسنانه بنبرة حادة وهو يلوي لها ذراعها بحرفية أكثر ويؤلمها أكثر:

_ ما هي لازم تتكسر ياروح أمك علشان مفكرتيش قبل ما تمديها وتلمسي بيها تاج راسك .

أسرعت جيجي إلي مليكة وهي تتفحصها بإطمئنان:

_مليكة إنتي كويسة ؟

هزت رأسها سريعاً بإيجاب وهي تنظر إلي عاشق عيناها بإنتشاء وهو يفترس من حاولت مٌجرد لمسها، تأكدت أنهٌ حقاً رجلها وحماها وسندها الأول والأخير بعد ربها .

تحركت إليه وحدثته بهدوء:

_ سيبها لو سمحت يا ياسين خليها تروح لحالها .

أجابها بحدة:

_أسيب مين ! دي واحدة ناقصة تربية وأنا نويت أكملها لها .

جاء رجال الأمن الخاص بالنادي وتحدث ياسين بحدة وهو يٌلقي بسالي بشدة لتقع بعنف فوق الأرض :

_ البت دي تتسلم حالاً للقسم التابع للمنطقة وتلبس محضر تعدي وقذف وسب محترم، مفهوم .

جاء علي الفور المدير المسؤؤل عن إدارة النادي وتحدثَ مٌهدءً ياسين:

_إهدي يا باشا وكل إللي حضرتك تؤمر بيه هيحصل

نظر لهٌ ياسين وصاحَ بغضب:

_ إبقوا إستنضفوا الأعضاء بعد كده مش كل من هب ودب ودفع قرشين تدولوا العضوية ؟

أجابهٌ المٌدير خجلاً:

_ إحنا أسفين يا أفندم علي إللي حصل .

وجهت سالي حديثها إلي ياسين بدموع:

_ من فضلك يا ياسين بيه، حضرتك كده هتضيع مستقبلي .

نظر لها بإحتقار وأجابها:

_إنتي اللي بغبائك ضيعتيه يوم مافكرتي تلمسي إيد حرم ياسين المغربي

ثم إقترب من مليكته ولف ذراعه وأحاط بهِ كتفها بعناية في تصرف يوحي إلي ملكيته لها .

نظرت سالي إلي مليكة بإستعطاف ودموع وهي مكبلة من أمن النادي:

_ خليه يسبني يا مدام مليكة أرجوكي، صدقيني مكنتش أقصد أأذيكي أنا كنت مقهورة إن شريف سابني وكنت محتجاكي تسمعيني، كنت بمسك إيدك علشان تقفي وتديني فرصة تسمعيني فيها مش أكتر .

نظرت لها بحيرة ثم حولت بصرها إليه فنظر لها بحسم ووجهَ حديثه إلي مدير النادي:

_ إتفضل حولها لي علي القسم حالاً وأنا هعمل تليفوناتي وأتابع الموضوع بنفسي .

أجابه المٌدير بطاعة وتحرك وهو مازال يحتويها تحت ذراعه تحت صياح سالي وعويلها وأستنجادها بمليكة

إستقلت معه سيارته ونظرت إليه وتسائلت:

_هي كده ممكن تتأذي ؟

أجابها ساخراً وهو يٌشغل مِقود السيارة وينطلق:

_لا طبعاً، إحنا هناخدها جولة نفسحها فيها ونرجعها تاني.

تحدثت بحنق من سخريته:

_ يااااسين .

نظر لها بحنان فقد إشتاق حقاً نطقها لإسمه تنهد وأجابها:

_ هتاخد لها من سنة لتلات سنين حبس علي الأقل علشان دي جنحة سب وقذف وتعدي

تحدثت بأسي ظهر بصوتها:

_أيوة بس دي كده مستقبلها ممكن يضيع، حرام بجد دي كده لما تخرج مش هتلاقي محطة ترضي تشغلها ،

ثم نظرت له وتسائلت:

_هو أنا لو قولت لك إني حابة أتنازل هتوافق ؟

إستشاط غضباً وأشتعل داخله وأجابها بنبرة حادة:

_ مش هيحصل طبعاً يا هانم لأن ببساطة الموضوع يخصني قبل ما يخص سعادتك .

ثم نظر لها بضيق وتحدث بحديث ذات مغزي:

_كريمة أوي سيادتك وبتسامحي في الإساءة واللي بيسيئوا إليكي

وأكملَ بوجع ظهر بصوته لم يستطع مٌداراته:

_إلا قولي لي يا مدام، هو السماح عندك بيكون للكل بلا إستثناء ولا للناس اللي ليهم قيمة عندك وبس ؟

تألم داخلها وتمنت لو لديها الجرأة لتتجنب كرامتها وترمي بحالها داخل أحضانه لتخبره أنه أغلي الغوالي لديها ولكنه الكبرياء لعنة الله عليه .

تنهدت وسحبت بصرها عنه وتألم هو وشعر بالمهانة والكسرة، نظر أمامه وقاد بحدة حتي أوصلها أمام منزلها وتوقف بالسيارة دون نطقهِ بأية كلمة .

ترجلت ودلفت لداخل الفيلا وأنطلق هو مٌجدداً بسيارته خارج الحي حتي يهدئ من روعه المٌشتعل .

__________

عاد ليلاً من جلسة خاصة بالعمل وكاد أن يدلف لداخل منزله أوقفه رجل الأمن مٌتحدثاً بإحترام:

_ ياسين باشا مدام مليكة خرجت للبحر مع أنس وبعت وراها حسن يقف يحميها من بعيد .

تنهد بتعب وأماء رأسه وذهب إليها وجد حسن يقف بعيداً أشار له بأن يذهب .

وتحرك بهدوء ووقف بجانب تلك الحزينة المٌحتضنة صغيرها بدموعها الصامتة رأه الصغير فانتفضَ بسعادة مٌلقياً حالهٌ داخل أحضانه:

_بابي حبيبي .

نظرت سريعاً إليه بعيون متشوقة سحب الصغير من بين أحضانها وأحتضنه برعاية

ثم وجه حديثهٌ إليها بهدوء:

_إيه إللي مخرجك بالليل كده لوحدك ؟

أجابته بهدوء:

_كنت مخنوقة ومحتاجة أشم شوية هوا .

تنهد بألم وأجابها:

_طب يلا علشان فيه نسمة هوا باردة والولد كده مٌمكن يبرد .

نظرت إليهْ بتألم وأجابته بلوم:

_لو خايف علي الولد من البرد خده وروح .

نظر أمامهٌ وصمتَ كانت تنتظر منه إجابة ،

كانت تنتظر سماع أنها أيضاً غاليته وأنها أيضاً محط إهتمامه لكنهٌ فضل الصمت

وقفا بجانب بعضهما ومر الوقت ثم تحدث الصغير إليه ببرائة:

_ بابي هي مامي ليه بتعيط ؟

أجابهٌ ساخراً:

_علشان الستات بيعشقوا النكد زي عنيهم يا حبيبي .

ثم نظر لها وتحدث بحنان:

_يلا كفاية كده هتبردي .

ردت عليه بتساؤل:

_خايف عليا أوي ؟

تنهد بإستسلام فتحركت وتحرك بجانبها بصمتٍ تام حتي وصلا لباب الفيلا، مدت يدها لتأخذ عنهٌ صغيرها وتلامست الأيادي وشعرا كٌلٍ منهما بشرارة ساخنة من مجرد لمسة يد،

نظر لها داخل عيناها بإشتياق بادلته بدعوة للدلوف معها ، أربكَتهٌ تلك النظرة لكنه يريدها صريحة لا بالعيون .

حدثته عيونها،

لما لا تأتي وتغمرني بأحضانك،

فلقد كرهتٌ الإنتظارِ وأشتقت ريانكْ ،

لم أعٌد أستطعٌ الصمودَ أكثر،

تعا ياسيني وسوف أصدٌقكَ وعداً،

ستري من عشقي ما يٌنسيكَ كٌلْ ألامكْ .

تحاشي نظراتها وتحدث بنبرة جادة:

_تصبحي علي خير

قال كلمته وأنصرفَ ودلفت هي بقلبٍ مكسورٍ حزين .

____________________

دلفت للداخل وجدت ثريا تجلس في بهو المنزل بإنتظارها ألقت عليها السلام ردته ثريا بترحاب

وذهب الصغير وجلس بأحضان جدته الحنون

وتحدث بتلقائية:

_تعرفي مين جالنا علي الشط يا نانا ؟

نظرت له وتسائلت:

_ مين يا قلبي ؟

أجابها بإنتشاء وسعادة:

_بابي وأخدني في حضنه ووصلنا لبرة وروح عند أيسل .

نظرت إلي مليكة وجدتها تنظر بشرود أمامها وعيونها مهمومة

تحدثت لتٌخرجها من ما هي به:

_يسرا والولاد بيسلموا عليكي، لسه قافلة معاهم حالاً .

نظرت لها بأمل وتسائلت :

_وهي عامله إيه يا ماما ؟

إبتسمت وأجابتها:

_الحمدلله باين من صوتها إنها مبسوطة أوي .

ردت مليكه بإبتسامة حانية:

_يسرا حد جميل أوي وتستاهل كل خير، ربنا يسعدها ويعوضها خير عن كل إللي فات .

نظرت لها وتألم داخلها علي ما أوت إليه تلك المسكينة بفضلها .

تنهدت وأردفت:

_كلميه وأعتذري له يا بنتي، ياسين راجل وكرامته وعزة نفسه مانعينه إنه يبدأ بالخطوة الأولي، مستكتر اللي حصله منك وزعلان وده حقه ،كلميه وصفوا اللي بينكم، مش عيب يا بنتي إن الست تكلم جوزها وتعتذر له طالما هي إللي بدأت بالغلط .

أجابتها بألم:

_ما أنا روحت له وأعتذرت له وطردني يا ماما، ما أقدرش أرخص نفسي معاه أكتر من كده، أنا كمان عندي كرامة ومن حق نفسي عليا إني أصونها وأغليها .

ردت ثريا بحكمة:

_مفيش كرامة بين الراجل ومراته يا مليكة

وأكملت لتٌشجعها:

_تعرفي يا مليكة إني لما فكرت لقيت إن من مصلحة مروان وأنس إن يكون ليهم أخ من ياسين .

نظرت لها بإستغراب وحيرة ،

فاسترسلت ثريا حديثها:

_صدقيني زي ما بقولك كده، مروان وأنس لما يكون لهم أخ من ياسين ده هيقوي وضعهم أكتر وهيزود العلاقة بين ياسين والولاد ويربطه بيهم أكتر، وقتها هيكونوا أخوات إبنه أو بنته فبالتالي هيكون أهميتهم من أهمية ولاده بالفعل مش بالكلام .

أجابتها مليكة مٌفسرةً:

_بس ياسين بيحب الولاد وبيعتبرهم أولاده فعلاً مش بس بالكلام يا ماما .

ردت عليها بحكمة:

_عارفة يا بنتي، لكن صدقيني العلاقة كده هتكون أقوي بكتير وخصوصاً إن ياسين عاوز وحابب ده

نظرت لثريا وجدت نظرات تشجيع فتحدثت هي بأسي:

_ربنا يعمل إللي فيه الخير يا ماما .

وقفت وقبلت صغيرها الغافي بأحضان ثريا وحملته قائلة:

_هدخل لك أنس علي السرير عشان مايتعبش رجليكي .

وبالفعل أدخلته وأتت إلي ثريا وجلست بجوارها وأمسكت بكتاب الله وبدأ إثنتيهم بتلاوة أيات الله المٌحكمات حتي تٌزيل عنهما ما أصابهما من حزنٍ وهم مؤخراً .

___________________________

بعد مرور حوالي إسبوعان .

كانت تجلس وحيدة بغرفتها مٌتألمة علي ما أصابها من حزنٍ منذ إبتعاده عنها،

فهو مؤخراً بدأ بتجنبها كٌلياً يبدوا وكأنه أعادَ إستراتيجية عقابها بالبعاد الكٌلي حتي تهرول لهْ حين تشتاقه، لكنه العِند والكبرياء الذي دخل واستوطنَ قلب كٌلٍ منهما هو من منعها ومنعهْ

خرجت إلي الشرفة تنظر إلي شرفة غرفته علها تراهٌ وتهدئ لوعة إشتياقها لهْ تنهدت بألم حين وجدت شرفته خالية

رفعت رأسها للأعلي وأغمضت عيناها و تنفست هواء البحر بإنتشاء تألمت وهي تتذكر كل جلساتهما معاً بتلك الشرفة ،إستمتاعهما سوياً وهما يتناولان مشروب القهوة علي أنغام فيروز الهادئة، والنظر داخل أعيٌن بعضهما بغرام وهيام .

ضغطت زر هاتفها وطلبت من مٌني قدحاً من القهوة علهْ يذكرها بهْ وأشعلت جهاز الموسيقي علي غنوة لفيروز صباح ومسا شي ما بينتسي تركت الحب أخدت الأسي،

بدأت بإرتشاف قهوتها وإستماع غنوتها وهي تتذكره ،تتذكر عيناه الساحرة وهو ينظر لها بهيام ،تذكرت لمسة يدهِ الحنون ليدها، تذكرت حديثهما معاً طيلة الليل ،حديثهٌ الذي يختصها به هي لا غيرها حديث العشاق

حديثٌ عشق الياسين لمليكتهْ

تنهدت بألم ورفعت رأسها من جديد مٌغمضة العينان وهي تستنشق هواء البحر ونزلت دموعها حين غلبها الشوق لهْ

دلفت للداخل بقلبٍ يتمزق إشتياقاً أمسكت هاتفها نظرت إلي نقش حروف إسمه وكادت أن تضغط عليه لكنها تراجعت بأخر لحظة

ذهبت إلي خزينتها فتحت صندوق مٌقتنياتها الثمينة وأخرجت منه صورها معه داخل لندن .

أخذتهم وذهبت بهم إلي أريكتهْ جلست فوقها وهي تتحسسها بيدها ثم أمسكت وسادته وأشتمتها بعيون مغمضة وقلبٍ عاشق مشتاق ،

أفتحت عيناها من جديد وأمسكت الصور وهي تتفقدها بدموع الألم، تذكرت ذلك اليوم الأشبه بحٌلمٍ جميل حين أرتدت له ثوب عٌرسها وكم الاحاسيس والمشاعر التي إجتاحت روحها في ذلك اليوم .

تنهدت بألم ودموع وضلت علي حالتها تلك حتي غفت وسط دموعها وهي حاضنة وسادته.

__________________________

أما عن ليالي

بعد تفكير عميق ومداولات لها مع منال وافقت علي إرتدائها الحجاب وذلكَ لإرضاء ياسين وشبه إقتناع أن ذلك هو الصحيح، حتي أن منال إتخذت هي الأخري تلك الخطوة بعد رفضها الفكرة لسنوات عديدة لكنها أقتنعت وذلك التصرف أسعد ياسين كثيراً وبالفعل إرتدا إثنتيهما الحجاب وصعد ياسين إلي غرفة ليالي بعد عقاب دام أكثر من شهران منذ ذلك اليوم المشؤؤم بالنسبةٍ للجميع

كانت تجلس بجواره فوق التخت وهو يقرأ كتاباً بيدة ومٌنشغلاً عنها به فتحدثت:

_ إنتَ ليه حبيتها هي ومحبتنيش يا ياسين ؟

أخرجهٌ سؤالها من تركيزه في القراءة وإلتفت إليها

ثم أكملت هي بحزن :

_إيه إللي لاقيته عندها يخليك تحبها ويخليها غالية عليك لدرجة إنك حتي وإنت غضبان منها تروح لنرمين وتجبرها تيجي تعتذر لها قدام الكل ؟

نظر لها ثم تنهد وسألها بهدوء:

_نرمين هي اللي قالت لك ؟

هزت رأسها بإيجاب وتحدثت:

_ أيوة نرمين،

ثم أكملت بعتاب:

_ إيه اللي أدتهولك يخليك تعمل علشانها إللي عمرك ما عملته علشاني ؟

نظر لها بإستغراب وتسائل:

_وأنا أمتي سمحت لأي حد إنه يهينك يا ليالي ؟

وأكمل مٌفسراً :

_أنا عمري في حياتي ماسمحت لمخلوق علي وجه الأرض إنه يهينك أو حتي يمسك بكلمة ،

إنتي مراتي وهي كمان مراتي وكرامتكم إنتوا الإتنين من كرامتي ولا يمكن أسمح لحد يجرح شعوركم أو يقلل منكم وأنا موجود .

أجابته بحزن:

_بس إنتَ حبيتها يا ياسين، أنا شفت حبك ليها جوة عيونك ،شفت نظرة عمري في حياتي ما شفتها في عيونك وإنت بتبص لي ،

وأكملت بغضب:

_شفت ألم وكسرة وغضب راجل كان هيموت ويبقي له طفل من واحدة بكل جبروت منعته الحق ده ،حتي بعد كل اللي عملته فيك وبعد ما قتلت إبنك علشان ميبقاش فيه حاجة تربط بينك وبينها متخليتش عنها

وتحدثت برجاء:

_ علشان خاطري طلقها يا ياسين ، طلقها وخلينا نعيش مرتاحين زي زمان .

أجابها بنبرة هادئة وباردة:

_ما تغالطيش نفسك وتخدعيها يا ليالي، إحنا بيها أو من غيرها عمرنا ما كنا مرتاحين، أنا قضيت عمري كله معاكي في نكد ومشاكل

وأكمل بتعقل:

_مليكة مراتي وزيها زيك بالظبط حاولي تتقبلي الوضع علشان نعيش كلنا مرتاحين

تحدثت برفض وأستنكار:

_ متقولش زيها زيي، أنا أم ولادك أنا عمري ما خدعتك زيها وروحت قتلت حتة منك ومن وراك علشان محدش يعرف بعلاقتنا .

إبتسم لها ساخراً وتحدث:

_إذا كانت هي زي ما بتقولي قتلت حتة مني ومن ورايا فاأنتي عرضتيني أنا شخصياً للخطر وبردوا من ورايا ويمكن لو ما أخدتش بالي في الوقت المناسب كٌنت موت وكنتي هتكوني إنتِ السبب، متحاوليش تبرئي نفسك وتطلعيها هي الشيطان،

وأكملَ مٌفسراً بنبرة حادة:

_ده غير إن الموضوع مش زي ما ذكرتيه إطلاقاً وإنتِ عارفة ده كويس أوي ،

وأكمل بحزن مدافعاً عنها:

_مليكة حبتني وخافت عليا لدرجة إنها عرضت نفسها للخطر علشان متجرحنيش ،راحت تجهض نفسها مع إن كان ممكن يجري لها حاجة ومكونش أنا معاها علشان متجرحش مشاعري لو عرفت إنها كانت بتاخد مانع للحمل،

وأكملَ مبرراً تصرفها:

_ وده مش لإنها مش حابة تخلف مني لاء، مليكة خافت من ملامة الكل ليها وكلامكم واللي بالفعل حصل من نرمين ومنكم كلكم .

نظرت له وتسائلت:

_ هو أنت بتفكر ترجع لها تاني يا ياسين ؟

تنهد وألقي برأسهِ للخلف

تنهدت وتيقنت من عشقه لها ومن إنتوائه إرجاعها لحياته من جديد، فحاولت تناسي الموضوع كي لا تٌحزن داخِلٌها وأيضاً لإيجاد طريقة لتٌسعد بها حالها وتحدثت بجدية:

_ ياسين، أنا كنت حابة أسافر لبنان مع ماما وداليدا علشان بجد محتاجة زيارة ضرورية للدكتور .

نظر لها بتيهة وأستغراب لتحولها السريع وتنهد مٌستسلماً لطباع تلكَ العجيبة وحبها الشديد لذاتها ولمظهرها أمام الجميع .

تحدث إليها برفضٍ مٌبرر:

مش هينفع تسافري يا ليالي، ولادك داخلين علي إمتحانات “The finale” ولازم تكوني جنبهم علشان عقلهم مايتشتتش ،

وأكملَ بتعقل:

_ولو الموضوع ضروري بالنسبة لك فيه مراكز تجميل كويسة كتير هنا في إسكندرية، إتفضلي إبحثي عن أفضل مركز وأحجزي فيه وأنا هحول لك الفلوس إللي محتجاها، لكن سفر بعد كده مش هيحصل.

أردفت بضيق وغضب:

_بس إنتَ وعدتني إنك هتسمح لي بكل إللي منعته عني يا ياسين ؟

أجابها بنبرة صوت جادة:

_راجعت نفسي ولقيت إن كان فيه حاجات بسمح بيها مينفعش تتكرر تاني ومنها سفرك للبنان لوحدك .

أجابته بإعتراض:

_ بس أنا مابسافرش لوحدي يا ياسين، ماما وأختي دايماً بيكونوا معايا .

أجابها بإقتضاب:

_ده أخر كلام عندي وياريت بقي تبطلي شغل المظاهر الكدابة بتاعتك دي،

وأكملَ بذكاء:

_إنتي مش عاوزة تسافري علشان الدكتور اللي هناك شاطر وملوش زي، لا يا هانم إنتي عاوزة تقعدي في النادي تتكلمي وتتباهي قدام شوية الستات التافهة اللي سيادتك مصحباهم وتقولي إنك روحتي لبنان عند الدكتور الفلاني وعملتي شوبينج من المكان العلاني

وأكملَ بتعقل:

_إكبري وأعقلي بقا وبلاش السطحية إللي إنتِ فيها دي، دي بنتك ماشاء الله بقت طولك وإنتِ لسه بعقلية بنت ال 19 سنة .

زفرت بضيق وأستسلمت لأمرها من جديد وتحدثت:

_خلاص يا ياسين، هدخل أعمل “Search” دلوقتي وأعرف الأسعار وأقول لك تحولي إللي هحتاجه .

أماءَ لها بإيجاب وتحدث بإقتضاب:

_تمام، ممكن بقي تسبيني أكمل قراءة الكتاب ؟

_________________________

كان عز يجلس داخل حديقته بجوار حمزة وأمير أتت إليهِ منال وبجانبها العاملة التي تٌمسك بيدها حاملاً عليه قدحان من القهوة وأشارت للعاملة أن تضع ما بيدها وتنصرف .

نظرت إلي عز بابتسامة قائلة:

_لقيتك قاعد لوحدك قولت أجي أشرب قهوتي معاك .

إبتسمَ لها بحنان وتحدث:

_فنجان القهوة جه في وقته فعلاً .

ناولته إياه بابتسامة مٌردفة:

_إتفضل .

تناوله منها بإبتسامة شكر قائلاً:

_ تسلم إيدك يا حبيبتي .

ثم أكملَ بإعجاب:

_مبسوط أوي بالتغيير إللي حصل لك مؤخراً يا منال، شايف علاقتك بقت شاملة وكويسة مع الكل، عاجبني كمان سؤالك علي مليكة وإنك بدأتي ترجعي معاها زي الأول، كمان علاقتك بياسين اللي واضح إنها أخدت منحني تاني خالص كان نفسي أشوفه من زمان .

إبتسمت لهْ برضا وأردفت:

_عملت إللي كان لازم أعمله من زمان يا عز،

وأكملت بحكمة:

_أنا كبرت يا عز وفهمت ولازم أساعدك في إننا نحافظ علي بيتنا وولادنا ،تخيل إني بعد العمر ده كله أكتشف إني كنت بأذي إبني وأني كنت سبب رئيسي في تدمير علاقته بمراته ،

وأكملت بحزن ظهر بعيناها :

_وأنا اللي كنت طول الوقت فاكرة إني بكده بحافظ له علي بيته وولاده

ربت عز علي يدها وتحدث:

_مش عيب إننا نكتشف أغلاطنا ونحاول نصلحها يا منال ،العيب إننا بعد ما نكتشفها نفضل مكملين فيها بعند ومكابرة .

أجابته:

_ أنا بحاول أصلح إللي بوظته مع ياسين وليالي، بحاول أفهمها إنها لازم تقرب وتهتم بأولادها أكتر من كده قبل فوات الأوان،

كمان بحاول أخليها تتقبل فكرة وجود مليكة في حياتها هي وياسين .

وأكملت وهي تنظر له:

_تعرف يا عز علي قد ما أنا زعلانة علشان ليالي لكن في نفس الوقت مبسوطة جداً علشان ياسين ،مبسوطة إنه أخيراً لقي الحب اللي يستاهله لكن زعلانة علي حزنه اللي ملي عيونه وملامحه من وقت ما بعد عنها، وبجد نفسي يبطل عِند ويرجع لها علشان يرتاح ويريحها معاه .

أجابها بهدوء:

_متقلقيش، مهما طال البعد وزاد العند والمكابرة قلوبهم وأشتياقهم لبعض في الأخر هيرجعوهم، المسألة مسألة وقت مش أكتر.

إبتسمت له وأكملا باقي حديثهما معاً .

_________________________

بعد مرور أكثر من شهر

كان يتحرك علي شاطئ البحر ليلاً لعلهٌ يٌهدئ من روع قلبهِ المٌشتعل بالإشتياق نعم فقد وصل ذروة إشتياقه لها ولكنه الكبرباء لا غير من يٌبعده ،

تنفس بتألم وزفر بضيق وحدث حاله، ياالله لقد تعبت وهرمت روحي فلتساعدني وتهديها لي، ردها لي يا الله فلم أعد أستطع ألم الفراق أكثر ،

أااااأه مليكة

لما لا تشعرين بقلبٍ المشتاق ،

لقد هرمتٌ من طيلة الإنتظار،

من أين لكٍ تلك القوة والجفاء،

من أين لكٍ كل ذاك العناد،

لما لا تأتي لي وتٌنهي عذابي وتمزق روحي ،

وأكمل بتألم:

_لا تفسري إبتعادي عنكي غروراً مليكتي ،

أردت فقط إبدائكِ الخطوةَ الأولي لأشعر بمدي غلاوتي ،

فأنا أتخذت جميع الخطوات سابقاً،

أردت التأكد ما إن كنت عندكِ غالياً،

أم أن بٌعدي أو إقترابي عِندكِ سواسياً ،

لكن كفي بالبعد عني حبيبتي،

فحتي وإن لم أكن بالقدر عندكِ غَالياً ،

فلتعلمين أنكِ عندي أغلي من الروحِ والوجدانِ

سأتيكي غاليتي فقلبي لم يعد يحتمل البعد والهجرانِ

لم أعد أحتمل إبتعادك أكثر،

مزقني الفراق وشتت داخلي وأصبحتٌ هشاً ،

عودي لأحضاني مليكتي فلقد هرمَ داخلي وما عاد فيا الإحتمالٌ أكثر،

وإن لم تعودي سأضطر أتنازل عن كرامتي وهناً

تحركَ وإنتوي الرجوع إليها فقد تعب وتعبت روحه دلف لداخل الفيلا وجد عمته تجلس في وسط البهو تٌمسك بمسبحة يدها تٌسبح بها لله الواحد الأحد ،ألقي عليها السلام  وقبلَ يدها وجلس بجانبها ،

تحدث مٌستفسراً:

_ أمال فين أنس يا ماما ؟

أجابتهْ :

_نايم من بدري .

أكملَ هو بهدوء:

_يٌسرا أخبارها إيه ؟

أجابته برضا:

_الحمدلله كويسة سليم فعلاً طلع راجل محترم أوي يا ياسين، بيتقي ربنا فيها وفي أولادها وهي كمان الحمدلله بتراعي ربنا في إبنه .

أجابها بإختصار:

_ يسرا محترمة وطيبة وتستاهل كل خير علشان كده ربنا كافأها براجل محترم زي سليم .

أجابته :

_ده حقيقي يا ياسين .

هز لها رأسه وصمت

نظرت إليه وجدت بداخل عيناهْ حيرة فتحدثت لترفع عنهْ الحرج :

_إطلع إرتاح فوق في أوضتك يا حبيبي .

نظر لها بإستحياء فأكملت :

_ إطلع يا أبني وكفاية عِند ومكابرة ،مليكة غلطت أه، بس إللي يشفع لها نيتها الطيبة وإنها كانت خايفة علي مشاعرنا كلنا ،وإنت كمان يا أبني غلطت لما عاتبتها وكشفت اللي بينكم بالشكل ده قدامنا، فياريت متخليش العِند ينهي كل شيئ بينكم .

تنهد ومازالت الحيرة تسكن عيناه،

ثم نظر لها وتحدث علي إستحياء:

_ أمي، أنا عاوز أفاتحك في موضوع بس أرجوكي حاولي تفهميني وتعذريني .

أمسكت يدة وهزت رأسها بتفهم وأردفت بذكاء:

_شوف الجناح إللي يريحك وأنا من بكرة هتصل بمعرض الموبيليا ييجوا ياخدوا المقاسات ويفرشوه .

تنهد بإرتياح ثم أمسك يدها وقبلها وتحدث مٌفسراً :

_غصب عني والله يا أمي سامحيني، مش قابلها علي رجولتي وبجد مش مرتاح في المكان .

إبتسمت له وتحدثت:

_حقك يا أبني ومحدش يقدر يلوم عليك، أنا إللي أسفة وأتمني إنك تسامحني،

وأكملت بندم وحزن:

_أنا السبب في كل إللي حصل، أنا إللي فكرت بكل أنانية وكان كل همي إني أحيي ذكري إبني علي حساب أي حاجة وأي حد، ونسيت إن مليكة لسة صغيرة ومن حقها تعيش حياتها وتكمل مع راجل يحميها ويحبها،

أنا اللي وصلتكم لكده يا أبني، أنا اللي بكل أنانية كنت دايما بحملها فوق طاقتها وأطالبها بالوفاء للماضي إللي راح،

ثم نظرت لهْ وأردفت بنبرة نادمة:

_سامحني يا ياسين .

قبل رأسها وشكرها ثم أكمل:

_متحمليش نفسك فوق طاقتها يا أمي اللي حصل حصل وأنتهي .

وأكمل:

_ ياريت يا حبيبتي متتعبيش نفسك وتتصلي بمعرض الموبيليا، أنا بعد إذنك حابب أختار الأوضة بنفسي .

أجابته بتفهم:

_اللي يريحك إعمله يا ياسين، المهم تكون مرتاح ومش زعلان مني يا أبني .

قبل يدها وأردفَ:

_عمري ماأقدر أزعل منك يا حبيبتي .

____________________

ثم صعد لحبيبته ودلف للداخل دون إستأذان حتي لا يٌزعجها ظناً منه أنها غافية، وجد إضاءه خافتة، وجهَ بصره فوق التخت وجدهٌ خالياً

حول بصرةٍ تلقائياً إلي أريكته وجدها ممددة فوقها نائمة بوضع الجنين وهي ترتدي إحدي قمصانه الخاصة به، تحتضن وسادته ودموعها تنهمر بغزارة .

إنفطر قلبهِ لأجلها وتحرك إليها ببطئ شديد، نظرت إليه وشهقت بدموعٍ الألم وهي مازالت بوضعها .

وقف قبالتها ورفع يداه بإستسلام وتحدث بصوتٍ مٌتألم ضعيف:

_ تعبت يا مليكة وخلاص مبقتش قادر، تعبت والهجر والإشتياق دمرني ودمر كياني، جيت لك وأنا رافع راية الإستسلام، مش ده اللي حابة ومستنيه إنك تسمعيه ؟

هزت رأسها نافية بعيون تزرفٌ دمعاً وقلبٍ ينزف ألماً وأردفت:

_إتأخرت أوي يا ياسين، غيابك طال، طال أوي وكسرني وكسر جوايا فرحة اللٌقا

إقتربَ عليها وجلس بجانبها ثم أمسك يدها ورفعها لتجلس،

وضع يده وزال عنها دموعها وأرجع شعرها خلف أذنها وتحدث:

_كنت مستني أشوف درجة غلاوتي عندك قد إيه ،كنت فاكر حبك ليا أقوي من أي إعتبارات تانية

إستنيت علي أمل إن حبك وشوقك ليا يجبوكي لعندي،بس إكتشفت إني كنت مستني سراب، كل ما أقول خلاص هانت، خلاص حبيبتي تعبها بٌعدي وجاية تترمي في حضني علشان ترتاح وتريحني،

ألاقي إنتظاري يطول أكتر وأكتر لحد ماتعبت من الإنتظار وعرفت إن مفيش أمل

وأكملَ بإستسلام:

_فجيت .

أمالت رأسها ونظرت لهْ بدموع وأجابته:

_ ما أنا جيت لك يا ياسين، جيت لك وكنت بموت من جوايا، جيت لك في عز ضعفي وخوفي وإنكساري،

جيت لك وكنت مستنياك تطمني وتطمن خوفي وتضمني لصدرك وتحسسني بالأمان اللي ملقتهوش غير وأنا في حضنك

واسترسلت بألم:

-وبدل ما تطمني وتحتويني طردتني بعد ما سَمعتني إللي دبحني وكمل عليا ودمر كياني .

أمسك وجهها وهز رأسهٌ أسفاً وتحدث:

_كنت غبي، أنا بعترف لك إني كنت غبي لما خليت الكرامة تقف حاجز بيني وبينك،

وأكمل بعيون مغيمة مٌتألمة:

_بس أعذريني يا حبيبي، أنا كنت مدبوح وبرقص رقصة الموت الأخيرة، كنت ضايع ومشتت من اللي عرفته يا مليكة

بكت بدموع حارقة فضمها داخل أحضانه وتنفس بإرتياح وتحدث بأسفٍ وندم :

_ أنا أسف، والله أسف سامحيني يا قلبي، أرجوكي سامحيني .

إنتفض قلبها من ضمة صدره لها التي إنتظرتها كثيراُ وأجهشت بالبكاء المرير من شدة سعادتها لعودتها إلي أحضانه من جديد وتحدثت:

_أنا كمان أسفة يا حبيبي، أرجوك تنسي كل اللي فات وتسامحني .

شدد هو من إحتضانها وتأوهَ من لذة العناق بعد غياب طال شهوراً

ضلا يشددان من إحتضانهما لبعضهما بلذة وتعالت أهات الإشتياق بينهما وهما مغمضان العينان

أخرجها من داخل أحضانه ونظر لها بإشتياق وعيون هائمة في بحر عشقها ثم مال علي شفاها وألتهمهما بإشتياقٍ جارف بادلتهٌ ذلك الإشتياق بقلبٍ نابض بعشقه ،

تحامل علي حاله ووقف ثم حملها بين ساعديه القوية وتحرك بها خارج الجناح بأكمله وتوجه إلي الجناح المجاور له الذي كان يسكنه قبل الإنتقال لجناحها،

دلف وأغلق الباب بقدمه وتوجه بها إلي التخت وأنزلها برقة وأنهال من جديد علي شفاها وذابَ معاً داخل عالمهما الخاص، ضل يتذوقان شهد بحر عسلهما وبات باقي الليل يسقيها ويزيدها من وابل قبلاته وعشقهِ المخصص لها

عشق الياسين لمليكته

وبعد إسبوعاً من ذلك اللقاء

داخل بحر إيجا بدولة اليونان يقف ذلك اليخت الفاخر وبجانبهِ يعومان ذلكَ العاشقان

كانت تتسطح علي ظهرها في المياه داخل أحضان عاشقها تشعر وكأنها تحلق فوق السحاب من شدة سعادتها

قبلها برقة وتحدث:

_مبسوطه يا مليكة ؟

أجابته بسعادة عارمة:

_مبسوطة دي كلمة فقيرة أوي علي اللي أنا حساه وأنا في حضنك يا ياسين ،صدقني مش هبقي ببالغ لو قولت لك إني حاسه إني في الجنة ،

ونظرت له بعيون هائمة في بحر عشقه قائلة:

_حبك حلو أوي يا ياسين، حب بطعم الحياه .

ضحك برجولة وأردفَ:

_حبيبي بيقول شعر ياناس، بحبك يا ملوكه بعشقك يا قلب ياسين ونبضه

وضمها لأحضانه ودار بها بسعادة داخل المياه

فأردفت هي بنبرة قلقة:

_حبيبي هو أنت متأكد إن البحر ده مفيهوش حيتان أو سمكة قرش ؟

أجابها بدعابة:

_هو فيه بحر مفيهوش سمكة قرش يا حبيبي .

إنتفض داخلها برعب وقفزت فوق صدره بهلع وتحدثت من بين قهقهته:

_خرجني من هنا يا ياسين علشان خاطري خلينا نطلع علي اليخت .

قهقه عالياً وأجابها:

_مش عيب عليكي تبقي مرات ياسين المغربي وتخافي، دي حتي مش حلوة في حق جوزك يا مرات سيادة العقيد .

وأكملَ مهدئاً إياها:

_ إهدي ياحبيبي المنطقة هنا أمان جداً للعوم،

ونظر بعيون ساحرة وأكملَ:

_تفتكري أنا كان ممكن أغامر بحياة قلبي وأنزلها من غير ما أكون دارس المنطقة وممشطها كويس ؟

تنهدت بإرتياح ودارت حوله وأستقرت علي ظهرة ولفت يديها حول عنقه ووضعت قبلة رقيقة فوق وجنته ،

إبتسم بسعادة وأكملَ هو:

_ عرفتي بقي أنا ليه أصريت أسوق اليخت بنفسي ؟

وأبتسم وإكمل:

_ أول حاجة المايوه القطعتين ده اللي عمرك ما كنتي هتلبسيه حتي لو أمي بنفسها هي اللي كانت هتسوق لنا اليخت،

تاني حاجة بقي ودي الأهم هي شقاوتك دي

قال كلماته ثم أخذها ونزل بها تحت الماء في مغامرة من مغامرات بحر الهوي .

وبعد مدة:

_نظرت لهْ وتحدثت من بين أحضانهْ:

_ياسين .

أجابها بهمهمة وعيون عاشقة وهو يتحرك بها داخل الماء المنعش:

_أمممم .

أكملت بعيون هائمة:

_أنا عاوزه منك بيبي .

إنتفض قلبهْ وشعر بقشعريرة تسري داخل جسده بالكامل ونظر لها بعيون حائرة

فأكملت هي بتمني:

_أنا نفسي أخلف منك أوي يا ياسين، عاوزة يكون لي إبن منك ويكون شبهك في كل حاجه .

حركها داخل الماء وتنهد بألم:

_عاوزاه بجد يا مليكة ولا بتقولي كده علشان ترضيني ؟

هزت رأسها بنفي وأردفت بحنان:

_ علي فكرة يا ياسين، أنا كنت فرحانة أوي لما عرفت إني حامل وهيكون لي بيبي منك، مرضيتش أقول لك إلا لما أروح للدكتورة وأتأكد الأول ،

ترقرق الدمع داخل عيناها وكادت أن تٌكمل لكنه وضع يده فوق شفاها وتحدثَ بتمني:

_إنسي كل اللي فات يا مليكة، أنا عاوز أبدأ معاكي صفحة جديدة ،صفحة مفيهاش غير بكرة اللي جاي فاتح لينا درعاته بالأمل،

وأكمل :

_أما صفحة الماضي دي لازم نطويها بكل أوجاعها وألامها اللي عيشناه، ممكن تعملي ده علشاني يا مليكة ؟

هزت رأسها بإيماء وحب

أخذها بين أحضانه من جديد وبدأ يغوص بها أسفل الماء بحرفية ليخطفا من الزمن سعادتهما اللامتناهية ويٌزيدها من عشقه الفريد الخاص بها وحدها .

عشق_الياسين لمليكته

#إنتهي_البارت

#قلوب_حائرة

#بقلمي_روز_آمين

 

الصفحة السابقة 1 2 3 4 5 6 7 8 9 10الصفحة التالية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى