روايات روز أمين

رواية قلوب حائرة لروز أمين الجزء الرابع كامل

رواية قلوب حائرة لروز أمين الفصل السادس والثلاثون

رواية قلوب حائرة لروز أمين الجزء الرابع
رواية قلوب حائرة لروز أمين الجزء الرابع

ليلاً بمنزل رائف

كان المكان أشبه بالمهجور، سكونٍ تام عمَ بجميع أرجاء المنزل، ثريا داخل غرفتها تٌجاورها يٌسرا بتختها تٌمسك لها بكوبٍ من الماء حتي تتناول الدواء الخاص بإرتفاع ضغط الدم الذي صاحبها بعدما حدث ظهراً ،

دقت بعض الطرقات الخفيفة فوق الباب سمحت يٌسرا للطارق ودلفت مليكة ويبدوا عليها الإرهاق التام والخجل يصاحب ملامحها .

نظرت لها ثريا بألم يٌمزق داخلها علي ما آلت إليه تلك المسكينة،

تحاملت علي حالها وتحدثت:

_ تعالي يا مليكة

تحركت خجلاً وجلست فوق المقعد الجانبي

تحدثت يٌسرا لإخراج مليكة من خجلها :

_ أنس طلع نام مع مروان في أوضته .

هزت مليكة رأسها بإيماء ثم نظرت إلي ثريا بعيون مٌتوسلة وتحدثت خجلاً:

_سامحيني يا ماما، أنا عارفة إني خذلتك وخيبت ظنك فيا بس والله كان غصب عني، حاولت كتير وقاومت وجاهدت نفسي لكن في الأخر هو جوزي وليه عليا حقوق شرعية ماقدرتش أقاومه فيها وأمنعها عنه  ،

كانت تستمع لها بقلبٍ يتمزق حٌزناً علي فقيدٌها الغالي الذي بدأ الجميع بنسيانهْ حتي إمرأة حياته وعشق عيناه ، وبين مليكة وحيرتها ونزيف قلبِها وحالتها التي تٌدمي القلوب .

تحاملت علي حالها وتحدثت بضعفٍ وقلبٍ يتألم:

_أنا إللي أسفة يا بنتي علي إللي وصلتك ليه، بس صدقيني أنا كمان كان غصب عني، أنا قلبي جواه نار محدش يعلم بيها غير ربنا ومهما أبان قوية ومتماسكة قدامكم بس إللي جوايا ربي وحده إللي يعلم بيه ،

وأكملت:

_وحاشا لله يا بنتي إني أمنع عنك حلال ربنا، ده جوزك شرعاً وليه عليكي حقوق ربنا مشرعها له وواجب عليكي الطاعة فيها،

وأكملت بدموع :

_أنا بس مقهورة عليكي وعلي إللي عملتيه في نفسك واللي لحد الوقت مش قادرة أصدقه ولا استوعبه

وأكملت بملامة مٌحب:

_إزاي قدرتي ترتكبي كبيرة من الكبائر وإنتِ اللي بتصلي كل فرض بوقته وقارئة كتاب الله وفهماه وعارفة عظمة الذنب اللي إرتكبتيه  ؟

وبكت بحرقة أم وأردفت:

_أنا حزينة أوي علشانك يا بنتي وعقدة ذنبك بتاكل في قلبي لإن أنا إللي وصلتك لكده ، بس والله ما كنت أقصد سامحيني يا بنتي.

وبكت بمرارة هي ويسرا التي إحتضنتها وتحدثت:

_إهدي يا حبيبتي علشان الضغط ما يرتفعش تاني .

تحدثت مليكة بدموع:

_الموضوع مش زي ما حضرتك فهمتيه يا ماما ، أنا عمري ما كنت هعمل كده من غير ما يكون عندي أسبابي القوية، أنا مقدرش أغضب ربي يا أمي

وقصت لهما ما حدث

نظرت لها ثريا وتحدثت وهي تجفف دموعها:

_وليه ماقولتليش يا مليكة، هو أحنا للدرجة دي بعدنا عن بعض يا بنتي ؟

تحدثت يسرا:

_إنتي غلطتي لما خبيتي عن ياسين يا مليكة، ياسين كان لازم يعرف من الأول بموضوع الحبوب وده حقه الشرعي إللي للأسف أخدتي ذنب عليه .

بكت بحرقة وتحدثت بإنكسار وألم:

_خفت يا يسرا، خفت أقوله يجبرني إني أمنعه ويحصل حمل وساعتها يضطر يعلن عن جوازنا الفعلي، خفت علي ماما وعليكي، خفت علي مشاعركم وكسرة قلبكم ووجعكم إللي للأسف شفته في عنيكم النهاردة وكسرني ووجعني ،

خفت من نظرات نرمين وكلامها إللي قطع في قلبي ودبحني قدامكم، خفت علي شعور ليالي وأيسل ،خفت من نظرات الكل ليا وهما بيبصولي علي إني ست خاينة للعهد وللعشرة

واسترسلت بإنهيار وألم ظهر علي ملامحها:

_أنا قلبي متحمل كتير أوي يا ماما والحمل زاد لدرجة إنه كسرني وخلاني جبانة وخايفة طول الوقت، خايفة من المواجهة، خايفة من اللوم ،خايفة من خسارتي لحبايبي وخسارتي لإحترامهم ليا ،

وأكملت بدموع غزيرة:

_ أنا عارفة إني غلطت بس والله ما كنت أقصد الأذية لأي حد لا ليكم ولا لياسين ،ياسين إللي ما أدانيش فرصة حتي أتكلم ومنعني من إني أدافع عن نفسي ودبحني من غير رحمة قدامكم كلكم .

أردفت ثريا بدفاع وتعقل:

_ياسين معذور يا مليكة، الجرح كان كبير أوي بالنسبة له ،ياسين راجل كرامته وعزة نفسه هما أهم حاجة في حياته وإنتِ دبحتيه وأهنتي رجولته وكرامته وتلاشيتي وجوده في حياتك من الأساس،

ياسين جوزك يعني شريكك في كل قرار يخصك من أول حبوب منع الحمل لحد الجنين وقرار نزوله ،إنتِ تلاشيتي وجوده في حياتك وكأن وجوده عدم بالنسبة لك،

وأكملت:

_ مش هقدر ألوم عليه وأجي معاكي المرة دي لأن للأسف أنا شايفة إن اللي عمله رد فعل طبيعي جداً لراجل كرامته متهانة علي إيد مراته  ،واحد من وجهة نظره مراته أجهضت نفسها علشان محدش يعرف بطبيعة علاقتهم، كان لازم يرد لك القلم ويعلن هو عن طبيعة العلاقة ،

واسترسلت مفسرة:

_مع إني مٌتحفظة طبعاً علي الطريقة إللي أعلن بيها لكن في الأخر ده راجل مجروح في كرامته ومقدرش ألوم عليه وأقول له عملت كده ليه وقت غضبك .

هزت رأسها بإيماء وتحدثت بتأكيد وهي تجفف دموعها:

_ أنا مش زعلانه من ياسين يا ماما، صدقيني أنا عاذراه ومقدرة صدمته فيا، أنا بس كان نفسي يديني فرصة أشرح له وأفهمه الحقيقة .

تحدثت يسرا بجدية:

_كلميه يا مليكة وأقعدوا مع بعض وفهميه الوضع، ياسين عاقل وأكيد هيفهم ويقدر موقفك .

تحدثت ثريا تأكيداً علي حديث يسرا:

_ يسرا بتتكلم صح يا مليكة، أقعدي معاه بكرة وأتكلموا وقولي له إللي عندك وربنا يقدم إللي فيه الخير يا بنتي .

وقفت مليكة وتحدثت:

_ ياريت ماتكونيش زعلانة مني يا ماما .

إبتسمت ثريا بوهن وتحدثت :

_أنا ما أقدرش أزعل منك يا مليكة، أنا اللي عايزاكي تسامحيني وأتمني ماتكونيش إنتِ اللي زعلانة مني .

____________________________

صباح اليوم التالي .

كان يجلس داخل مكتبهِ بمقر عمله يٌحادث أحدهم بإحترام:

_حٌسام باشا، أخبارك يا باشا .

الطرف الأخر :

_ياسين باشا المغربي بذات نفسه بيكلمني، يا باشا التليفون أتبارك بمكالمتك والله .

إستمع إليه ثم تحدث:

_ حبيبي ربنا يكرم أصلك، أخبار الداخلية علي حِسك إيه ؟

تحدث حٌسام:

_كله تمام والأمن مستتب سعادتك .

ياسين:

_بقولك يا حسام باشا، كان ليا عندك طلب كده وأتمني تخدمني فيه .

أجابه بترحاب:

_إنتَ تؤمر ياسين باشا .

تحدث ياسين بحديث ذات معني:

_كان فيه واحدة كدة وجِبت مع ناس حبايبي  وكنت عاوز أرد لها الواجب بس زيادة حبتين .

تحدث حٌسام بترحاب:

_ ياباشا إعتبره حصل، إديني بياناتها وأنا أعمل لك معاها الصح .

أجابهٌ ياسين شارحاً:

_  ده العشم بردوا يا باشا، علي العموم إحنا مش هنفتري عليها دي دكتورة مشبوهة وشغلها كله شمال ورجالتي حطينها تحت المراقبة، أول ماتجهز للتنفيذ إديني تليفون وأنا أظبط لك الميعاد علشان التلبٌس والقضية تكون متظبطة ومتخرش الميه

وأكمل بحديث ذات مغزي:

_أنا عاوزها تدخل وتبقي صاحبة مكان وترحرح فيه، مش مجرد كام سنة تتفسح فيهم وتخرج تاني، عايزينها تستقر وتعمر، فاهمني يا حسام باشا  .

ضحك حسام وتحدث:

_ياباشا هدخلها لك عنبر المعمرين وهريحها لك علي الأخر، وماتقلقش سعادتك هنوجب مع أمها ونعمل لك الصح وزيادة .

ضحك إثنتيهما وأكملا حديثهما

__________________________

مساءً

كان يجلس بمكتبهِ داخل المنزل، مٌلقي برأسهِ للخلف مغمض العينان ،حزين الملامح يفكر بشرود علي ما وصل إليه، إستمع إلي عدة دقات فوق الباب، سمح للطارق ومازال علي نفس وضعيته ،

دلفت ترتعب خوفاً من فكرة لقائه وبجانبها طارق الذي سهل لها هذا اللقاء بعدما هاتفتهٌ وطلبت منه أن يأخذها إليه.

نظرت لهيئته وملامحه التي سكنها الحٌزن وانفطر قلبها حزناُ لإجلهْ

تحمحمَ طارق حتي ينتبه وتحدث بصوتٍ هادئ:

_ ياسين .

أخذ شهيقاً وأخرجهْ بتألم ثم أفتح عينه لينظر لأخاه وجدها تجاوره تطالعهُ بغصة مؤلمة، كان داخلهٌ مٌبعثر ما بين قلبٍ مفطورٍ علي حالتها المزرية وجسدها الذي أصبحَ هزيلاً بين ليلةٍ وضحاها ،وتعبها الظاهر بوجهها وبين نيران الغضب التي مازالت مٌشتعلة داخله ولم تنطفئ بعد .

وبلحظة إستقر داخله وإختنقت ملامحهٌ بالغضب ونظر إليها مٌوجهاً حديثهٌ بحدة بالغة:

_إنتِ لسه ليكي عين تيجي لحد هنا وبكل جرأة تقفي قدامي ؟

تحدث طارق بهدوء وتعقل:

_ياسين من فضلك، مليكة عندها كلام مهم عاوزة تقوله لك، إقعد معاها بهدوء وأسمعها وحكم عقلك قبل قلبك علشان تقدر تستوعبه.

نظر لأخاه بجمود وتحدث:

_خلاص يا طارق مابقاش فيه بينا أي كلام ممكن يتقال، خلصت .

إبتلعت غِصة مٌرة بحلقها وتحدثت بإستماتة:

_لازم تسمعني يا ياسين، من حقك عليا إني أفهمك وأعرفك حقيقة إللي حصل ومن حقي عليك إنك تسمعني، كفاية إمبارح إتهمتني بقتل إبني قدام الكل ومنعت عني حق الرد .

نظر لها بصرامة وأردفَ بجمود:

_وأنا متنازل عن حقي في إني أسمع جنابك لأن ببساطة مش طايق أشوفك قدامي .

إبتلعت غِصة مريرة بحلقها ونظرت له بقلبٍ يتمزق وتحدثت بإستماتة:

_وأنا مش هخرج من هنا غير لما تسمعني وأبرئ نفسي من تهمة بعيدة كل البعد عني .

وجه طارق حديثهٌ لياسين:

_إهدي يا ياسين لو سمحت وحكم عقلك وأسمعها، لازم تقعدوا وتتكلموا، الموضوع فيه لبس ولازم تسمع من مليكة .

زفر بضيق فأكمل طارق:

_ أقعد يا ياسين من فضلك وأديها فرصة للكلام، أنا هخرج علشان تعرفوا تتكلموا براحتكم بس ياريت تتكلموا بهدوء علشان ماتخسروش بعض .

صمت ياسين فخرج طارق وتحرك ياسين وجلس فوق الأريكة ببرود، تحركت خجلاً وجلست بمقعد بعيداً مقابل له وبدأت بالحديث ،

وبعد مدة كانت تبكي وتسترسل حديثها:

_أنا ماعملتش كده غير من حبي ليك وخوفي علي مشاعرك يا ياسين، خفت أجرحك لما تعرف الموضوع أنا أسفة ،أنا أسفة يا حبيبي أرجوك تسامحني .

كان يستمع لها بملامح جامدة ثم أردفَ ببرود:

_لو خلصتي كلامك إتفضلي روحي لأولادك .

نظرت له بإندهاش وتيهة وتحدثت:

_يعني إيه ؟

رمقها بنظرات حادة غاضبة وتحدث:

_يعني كل كلامك ده مافرقش معايا يا مدام، عذر أقبح من ذنب بالنسبة لي، جاية تبرأي نفسك من تهمة قتل إبني وأنتِ كنتي السبب في تشويهه وتدميره؟

جاية تبرري غلط بغلط أكبر ،جاية توريني وشك الحقيقي وقد إيه إنتِ ست غشاشة وكذابة وخاينة؟

إنتفض داخلها وتحدثت بحدة:

_ماتقولش كلمة خاينة دي، أنا أبعد مما يكون عن الوصف ده .

إنتفض واقفً من جلسته وتحدث بغضب:

_ولما تطعنيني في ضهري وتاخدي حبوب تمنعي بيها حاجه كنت مستنيها وياما أتمنيتها ده تسميه إيه ؟

وأكملَ بتألم:

_تعرفي إن كل يوم كنت مستني منك تبشريني وتقولي لي علي إني أخيراً هيكون لي حتة مني جواكي ،حتة مني تحتويها بحبك وبرعايتك وتكبر كل يوم عن اليوم إللي قبله لحد متسلميني بإديكي حلم عمري وأغلي أمنية عشت أستناها

واسترسل بقلبٍ صارخ:

_إبني اللي إختلط فيه دمي ودمك، ثمرة حبي ليكي إللي كنت هشق صدري وأخبيها جوة ضلوعي زي ما عيشت طول عمري مخبيكي

ثم جلس وأكمل بغصة مؤلمة:

_ جاية تبرري إيه، للأسف، ملكيش عندي أي أعذار .

كانت ترتجف وهي تزرف دموع الندم وتحدثت مبررة :

_غصب عني يا ياسين، أنا كنت خايفة ومشاعري كانت مٌشتتة ،خفت، والله خفت من كل اللي حواليا ،خفت عليهم ومنهم خفت من نظرات الإتهام إللي إنت بنفسك شفتها في عيونهم .

صاخ بغضب:

_ من إيه ! خايفة من إيه ومن مين ؟

وأنا كنت طول الوقت جنبك، أنا ياما طمنتك وقويتك وشجعتك، لكن خوفك ده ملوش عندي غير معني واحد،

وهو إنك للأسف ماشفتنيش الراجل والحما والسند الكافي ليكي وده ملوش عندي غير تفسير وهو إنك ماحبتنيش من الأساس، لأن ببساطة الست لما بتحب بتأمن وبتسلم روحها وحياتها لراجلها وهي مغمضة، بس الظاهر إني ماعرفتش أوصل لك للإحساس ده

ثم جلس وتحدث بإتهام:

_ كذبتي عليا وأخدتي حبوب تمنعني من حقي فإني أكون أب لطفل أنا محتاجه وبتمناه،

ولغيتي أبسط حقوقي وهي مشاركتي لقرار سيادتك اللي الدين والشرع بيجبروكي تبلغيني بيه ،

واسترسل:

_روحتي لدكتورة مشبوهة وخليتي سيرتك وسيرتي حكاية علي مصاطب شوية ممرضات يتنقلوها بين بعضهم

كذبتي عليا وقولتي إنك واقعه علي ضهرك

وفي الأخر وبكل بساطة جاية تقولي لي أسفة أصلي كنت خايفة علي مشاعرك

ونظر لها مٌضيقاً عيناه وأردفَ ساخراً :

_وياتري إيه المطلوب مني الوقت يا مدام؟

أخدك في حضني وأطبطب عليكي وأقول لك خلاص يا حبيبي أنا مسامحك وهنسي كل اللي حصل وهبدأ معاكي من جديد؟

طب إزاي وأنا ثقتي فيكي إتهدت ،إزاي وأنا أصلاً طول الوقت هكون شاكك فيكي ومش مصدق ولا كلمة من إللي بتقوليها لي ،طول الوقت هكون بتلفت حواليا ومستني طعنة غدرك الجديدة وأنا بسأل نفسي ياتري هتكون من أنهي إتجاه

للأسف يا مدام، إنتِ كسرتي جسور الثقة إللي عشت عمري كله أبني فيها ،

وأكملَ بتأثر وألم ظهر برعشة صوته:

_إنتِ مش عارفة أنا كنت شايفك بعيوني أزاي،  إنتِ كنتي في حتة عالية أوي عندي، حتة خاصة بيكي لوحدك محدش قدر يوصل لها غيرك، أنا كنت شايفك أقرب لملاك ،

وأكمل بنبرة منكسرة تشوبها الحسرة:

_بس يا خسارة طلعتي زيهم، طلعتي بشر .

كانت تستمع لهْ ودموعها تنهمر كشلالات ساخنة تنزف علي خديها تكوي كل ما تمر به بألمٍ حارق .

تحدثت بقلبٍ ينزف:

_كفاية يا ياسين أرجوك كفاية إنتَ كده بتدبحني .

أجابها بتألم:

_ طب ما أنتِ كمان دبحتيني وبسكينة تلمة ،دبحتيني بدم بارد من غير لا رحمة ولا شفقة ،إنتِ فاهمة يعني إيه حد تبقي شيفاه ملاك ومأمنة علي حياتك معاه وماشية معاه وإنتِ مغمضة عيونك وبلحظة تصحي علي طعنة غدر وخيانة من إيد أكتر حد مش مديه له خوانه ؟

تحدثت بألم :

_أرجوك ماتقولش خيانة أنا أبعد مما يكون عن الوصف ده يا ياسين .

أجابها بحدة:

_للأسف ملهاش عندي مسمي تاني غير ده، إنتِ خنتيني وخنتي ثقتي فيكي، الخيانة ملهاش منظور واحد يا مدام، الخيانة خيانة فكرة وصورة كنت راسمها وإنتِ بخيانتك هدتيها بأديكي

وذهب إلي النافذة وأعطاها ظهرة وتحدث أمراً بجمود:

_والوقت ياريت تخرجي من هنا وماتحاوليش تتواصلي معايا بأي شكل من الأشكال،

واسترسل بصرامة:

_لإني ببساطة مش طايق حتي أسمع صوتك.،أنا سمعتك وأتكلمت معاكي علشان خاطر طارق هو اللي طلب ده، أما لو عليكي فأنتِ بعد اللي عملتيه مابقاش ليكي عندي أي حقوق .

تنهدت بتألم ثم تماسكت وأردفت بجدية:

_ لو ده رأيك وقرارك بعد كل اللي حكتهولك من أعذار يبقي تمام، اللي إنت شايفه أعمله وأنا موافقاك عليه .

نزلت كلماتها عليه كخناجر أكملت علي ما تبقي منه

وأكملت بقوة:

_ أنا كنت حابة أتكلم معاك في موضوع جوز سلمي اللي إتفصل من شغله النهاردة بدون أسباب واللي أنا متأكدة إنك السبب الرئيسي فيه،

واسترسلت:

_بيتهيئ لي بعد إللي أنا حكتهولك إتأكدت وعرفت إن سلمي ملهاش أي ذنب، من فضلك حكم ضميرك ورجعه لشغله علشان خاطر إبنه وبيته إللي ممكن يتخرب .

إلتف سريعاً ونظر لها وتحدث ساخراً :

_أااااه،  يبقي الهانم كانت جاية علشان تحل موضوع شريكتها في الجريمة مش توضح للمغفل سبب عملتها السودة

وصفق بيداه مٌتحدثاً بتهكم:

_برافوا، ياتري لسه عندك مواهب تانية ولا كده خلاص .

بكت بإنهيار وتحدثت بتألم :

_كفاية يا ياسين حرام عليك إرحمني بقي، أنا تعبت خلاص ومش قادرة أتحمل إتهاماتك أكتر من كده .

تألم داخله لأجلها، وٌدَ لو يجري عليها يحتضنٌها ويحتويها ويٌدخِلٌها داخل ضلوعه ويٌزيل عنها ألمها الظاهر بعيونها والساكن بروحها المٌتألمة ،لكنه كبرياء الرجل الذي يسكنه، فاللعنةٌ علي ذلك الكبرياء واللعنةٌ علي كرامتهْ .

أولاها ظهره من جديد وأغمض عيناهُ بتألم خوفاً من إستسلامه وتحدث أمراً:

_ أخرجي وياريت ماتجيش هنا تاني، وبالنسبة لجوز الهانم دي قرصة ودن صغيرة علشان يعرف يلم مراته ويخليها تحترم نفسها وماتدخلش في أمور الغير .

صاحت بغضب وتحدثت :

_لو عاوز تعاقب حد وتنتقم منه يبقي تعاقبني أنا لأن القرار كان قراري لوحدي وسلمي ملهاش أي علاقة بيه، خرجها هي وجوزها برة دايرة إنتقامك وياريت تحكم ضميرك قبل فوات الأوان .

نظر لها بتألم وضعف وأجاب:

_ياريتني كنت أقدر أعمل كده صدقيني ماكنتش أترددت لحظة وأهو علي الأقل كنت إرتاحت وبردت ناري .

ثم ذهب إلي الباب وفتحه وتحدث بإنكسار:

_ والوقت ياريت تخرجي علشان بجد مش طايق أسمع منك كلمة زيادة ولا حتي أشوفك قدامي .

تحركت بخيبة أمل ووقفت قبالتهٌ بداخل يتمزق وحدثته عيونها، من أنتَ بحق الله ؟

أنا لم أتعرف عليك اليوم، هل أنت ياسيني ورحمتي، سندي وحمايتي ،يقيني وهدايتي ،أجبني أرجوك من أنت ؟

أجابتها عيونه بتألم وداخل مٌبعثر،

كٌفِ عني عيناكي المٌلامة وكفيَ بأنكِ سببٍ لأحزاني،

لا تسأليني فأنا مازلتٌ بعدْ مٌشتتٌ المشاعرِ والوجدانِ ،

مٌبعثرُ داخلي وكياني مٌدمرْ، مازلت أبحثٌ عن دواءِ لمٌر ألاميِ،

إذهبي ولنا في القريبِ لقاءٍ رٌبما يكونٌ بهِ فرجٌ لذهابِ أحزانيِ .

نزلت دمعة من عيناها تترجاه بأن يتراجع عن مايفعله وحدثتهُ

أنا أحتاجكَ ياسيني فلترحمني بالله،

أحتاج حٌضنك، ضمة صَدركْ ،أحتاج إحتوائكَ، فلقد أصبحتٌ ضعيفة بما يكفي، لا تتركني أرجوك، أرجوك ياسيني .

إبتلع غصة بداخله لأجل حالتها وذهب سريعاً من أمامها خشية ً من أن يضعف ويدلفها داخل أحضانه، اللعنة علي ذاك الكبرياء يا فتي

جلس فوق مقعدهٌ

نظرت عليه بخيبة أمل وتنهدت بتألم وخرجت

وجدت منال تقف هي وعز وطارق وهي تفرك يداها بغضب .

تحدثت منال بنبرة غاضبة موبخةً إياها:

_ لسه ليكي عين تيجي لحد هنا بعد اللي عملتيه ،سيبي إبني في حالة بقي كفاية اللي عملتيه فيه والحالة إللي وصل لها بفضلك

واسترسلت وهي ترمقها بنظرات إشمئزازية:

_بقي توصل بيكي الجرأة إنك تجهضي نفسك وتعرضيها للخطر علشان محدش يعرف إنه بقي جوزك وحصل بينكم معاشرة؟

نظرت لها بكل قوة وتحدث :

_أنا ما عملتش حاجة حرام ولا غلط،  مش أنا اللي أقتل إبني بإيدي وأتخلي عنه وخصوصا لو الإبن ده كان من ياسين المغربي

كان يستمع لحوارها من داخل مكتبه، إقشعر بدنه من تلك الكلمة و أغمض عيناه بتألم

وأكملت هي بالخارج مفسرة موقفها:

_أنا أخدت حبوب منع الحمل لكن للأسف كان فيه حمل حصل من قبلها وأنا والله ماكنت أعرف، لما أكتشفت إني حامل الدكتورة أكدت لي إن الجنين إتشوه من الحبوب ولازم ينزل،

تحدث عز بحدة:

_ ولما هو كده يا مدام ماجتيش قولتي له ليه وأخدتيه معاكي عند الدكتورة اللي بتقولي عليها دي؟

بكت وتحدثت بجرأة غير معهودة عليها:

_ماكنتش أقدر أجرح شعوره وأقوله إني كنت باخد حبوب من وراك ،أنا كنت ناوية أفتح صفحة جديدة مع ياسين في كل حاجة ،كنت ناوية أقفل صفحة البيبي والحبوب وأبدأ معاه صفحة جديدة في حياتنا مافيهاش خوف ولا أسرار،  كنت ناوية أعمل كل اللي يرضيه ويريحه ويخليه سعيد ومبسوط لأن ياسين مايستاهلش غير كل حاجة حلوة،

ثم نظرت لغرفة المكتب وبابهٌ المٌترجل وتحدثت بدموع ساخنة وبصوتٍ عالي:

_أنا أسفة يا ياسين، صدقني مكنش قصدي أبداً إني أجرحك  .

كان يتمزق ألماً وهو يستمع إلي حديثٌها الذي إستشفَ صدقه من نبرة صوتها المٌتألم لكنها ذبحت كرامته ورجولته بما يكفي ،لا ولن يسامحها بهذه السهولة كفي مليكة، كفي جراح وإهانات لهذا الحد كفي ،

وقف بإنكسار ووصل للباب وأغلقه بعنف ليوصل لها أنه ما عادَ ينتظر مٌبرراتها السخيفةِ بالنسبة لهْ،

نظرت لباب المكتب وهو يٌغلق بشده وبكت بمرارة وألم

كان الحضور ينظر لها ولحالتها التي تٌدمي القلوب حتي منال فقد تألم قلبها لأجلها .

تحدث عز بهدوء:

_روحي يا مليكة علشان ولادك، ياسين غضبان ومش هيسمعك مهما قولتي حالياً، يمكن لما يهدي بعدين يفكر ويقدر يعذرك، لكن حاليا مستحيل ده إبني وأنا أدري بيه .

نظرت لعيناه تستعطه بألا يتركها هكذا وبأن يساعدها في الوصول للدلوف لبر أمانها من جديد وهو أحضان ياسين .

طمئنها بعيناه وتحدث:

_روحي لأولادك يا بنتي الوقت .

تحدثت بإستعطاف:

_أرجوك يا عمو تخلي ياسين يرجع جوز سلمي لشغله ، سلمي وجوزها ملهمش ذنب في اللي حصل

تحدث عز بطمئنة:

_أطمني، أنا هكلم ياسين حالاً وأعتبري الموضوع إنتهي، مش إحنا يا بنتي إللي بنرضي بظلم حد وأكيد ياسين عمل كده وقت غضب ولما يهدي أكيد كان هيراجع نفسه ،

ثم وجه بصره إلي طارق وتحدث :

_خد مليكة وصلها للبيت يا طارق .

أماءَ له طارق بإحترام وتحرك بجانب مليكة ليوصلها

_____________________________

دلفت ليالي إلي غرفة منال وتحدثت بملامة:

_ يرضيكي اللي ياسين عمله ده يا عمتو، يعني إيه يبلغ الحرس برة إني ممنوعة من الخروج أفهم من كده إني متعاقبة؟

واسترسلت بمنتهي البرود والحماقة:

_طب وبالنسبة لتمرينات الجيم والنادي أعمل فيهم إيه؟

تنهدت منال وأجابتها بضيق ووجهٍ عَبوس:

_ الناس في إيه وإنتِ في إيه يا ليالي، إنتِ مش حاسة ولا شايفة حالة جوزك عاملة إزاي من وقت إللي حصل، جيم إيه ونادي إيه اللي بتتكلمي عنهم دول !

وبعدين أصلاً إنتِ تحمدي ربنا إنه منعك من الخروج وبس، ده أنا كنت حاطة إيدي علي قلبي ومستنية ردة فعله علي المصيبة إللي إنتِ عملتيها، وأظن كده عرفتي وأتأكدتي هو منع عنك الفلوس وسفرية لبنان ليه .

أجابتها ليالي بدموع:

_طب ودي تبقي عيشة يا عمتو، ده كده بيقهرني ويحسرني علي نفسي، إبنك حاطتني تحت الحراسة الجبرية.

تنهدت منال وتحدثت بتملل:

_إحمدي ربنا إنها جت علي قد كده، وعلي فكرة عمل كده مع مليكة هي كمان يعني مش لوحدك .

تحدثت بغل علي ذكر مليكة:

_في ستين داهية، أنا مش فاهمة هو ما طلقهاش وخلصنا ليه أصلاً، شاطر بس يتشطر علي ليالي

وأكملت بلوم:

_مش هي دي اللي فضلتي تقولي لي إطمني إطمني لسه ملمسهاش،

وأكملت ساخرةً وهي تهز رأسها:

_هو فعلاً ما لمسهاش، دي يدوب كانت حامل منه .

تحدثت منال بحيرة:

_ وهي البنت كانت بايتة في وسطهم علشان تعرف ،إهي كانت بتنقل لي اللي بتشوفه بعنيها، كانت بتقول إنها بتدخل تلاقي الفرش اللي بيأكد إن مليكة كانت نايمة علي سريرها وياسين نايم فوق الكنبة بتاعته .

______________________________

كانت تجلس بمنزلها صباحاً رن جرس الباب يعلن عن وصول أحدهم فتحت العاملة الباب ودخل منهٌ ياسين،

نظرت عليه نرمين ووقفت بترحاب وتحدثت مٌبتسمة:

_ ياسين، ده إيه المفاجأة الحلوة دي إتفضل أدخل .

أجابها ياسين بإقتضاب ووجهِ عابس:

_ أنا جاي أقول لك كلمتين يا نرمين وماشي علي طول،

واسترسل محذراً:

_مليكة، خط أحمر، لو حاولتي تاني تأذيها أو تجرحيها بأي كلمة للأسف هنسي إللي بينا وهتلاقي مني معاملة مش هتعجبك خالص ولا هترضيكي .

إستغربت نرمين حالة الغضب والحِدة التي يتحدث بها ياسين وتحدثت بغضب:

_هي الهانم لحقت إشتكت لك مني وبسرعة قلبتك عليا، ماشاء الله عليها عندها قدرة رهيبة في إنها تسحبكم وتمشيكم وراها زي ما هي عاوزة، وكأني شايفة رائف قدامي بنفس حمقة دفاعه عنها .

إستشاط داخله علي ذكر رائف معها بجملة واحدة وكأنها أحضرت بيدها ماردٌها المٌدمر:

_للدرجة دي غيرتك منها صعبة وعمياكي وعامية قلبك من ناحيتها، إسمعي يا نرمين، أنا جيت لك علشان أكون برأت ذمتي من ناحيتك ،

الطريقة الرخيصة إللي كلمتي بيها مراتي يوم الحادثة وعيدتيها تاني من كام يوم لو أتكررت وقتها ماتلوميش غير نفسك، والوقت علشان تتفادي غضبي وقلبتي عليكي تتفضلي كده زي الشاطرة وتروحي لمليكة وتعتذري لها عن كل إللي قولتيه في حقها  ،

وأكملَ بوعيد:

_وإلا تنسي إن ليكي إبن عم وأخ إسمه ياسين المغربي، وعلي فكرة أنا جاد جدا في كلامي .

تحدثت بنبرة زائفة لإستعطافه:

_يعني يرضيك ذٌلي وإهانتي لما أروح أعتذر لها يا ياسين، هي دي صيانتك لأمانة بابا الله يرحمه ؟

أجابها ياسين بكل قوة مٌتلاشياً تمثيلها عليه:

_ماهو علشان أصون أمانة عمي صح لازم أطهرك من الشوائب إللي ملت قلبك يا نرمين، لازم ترجعي نرمين الحنينة أم قلب نضيف بتاعت زمان، فكراها يا نرمين ؟

كادت أن تتحدث

أسكتها وأكملَ بحدة:

_ الموضوع بالنسبة لي مفيهوش أي نقاش، دي مراتي وكرامتها من كرامتي وسيادتك هنتيها بدل المرة مرتين وأنا سكت، أول مرة علشان خاطر عمتي بس المرة دي مفيهاش سماح وحالا تختاري، يا تتفضلي قدامي وتروحي تعتذري لها قدام عمتي ويسرا يا أما تبقي إنتِ إللي إختارتي وساعتها ما تلوميش غير نفسك .

إبتلعت لٌعابها بخوف من هيئة ياسين وتحاملت علي حالها وذهبت إلي مليكة وأعتذرت منها تحت إستغراب ثريا ويسرا ومليكة نفسها وهذا لتتفادي غضب ياسين وخسارتها له .

___________________________

بعد يومان ساءت حالة مليكة النفسية وأصبح جسدها هزيل لإمتناعها عن الطعام إلا من تناول القليل، جاء والدها ووالدتها وشريف لأخذها واستدعت ثريا عز وياسين وطارق .

فتحدث ياسين برفض:

_أنا أسف يا سالم بيه، مليكة مش هينفع تسيب بيتها وولادها، أنا بعت أجيب لها ممرضة هتقعد معاها وتنظم لها أكلها وأدويتها في مواعيدها وإن شاء الله يومين بالظبط وهتبقي أحسن .

إنتفض سالم من جلسته ووقف بغضب وتحدث بحدة علي غير العادة :

_أنا مش جاي أستأذنك علي فكرة، أنا هاخد بنتي معايا يعني هاخدها أنا بنتي مش محتاجة للمرضة بتاعتك، بنتي محتاجة ناس تحس بيها وأيد تطبطب عليها وحضن يضمها ويطمنها ويطمن خوفها اللي ملاها من وقت ما دخلت بيوتكم وعاشرتكم

تحدث ياسين بكبرياء:

_بنت حضرتك إللي بتدافع عنها دي غلطت في حقي وبدل ما تعنفها وتعرفها غلطها جاي تلوم علينا إحنا ؟

تحدث عز بهدوء:

_ إهدي يا سالم بيه وأقعد وخلينا نتفاهم، مليكة مش هينفع تسيب البيت علشان الولاد وثريا هانم .

صاح بهم سالم بغضب وتحدث بصياح:

_ أخر همي إنت وبيتك وثريا هانم، مع إحترامي للجميع بس أنا مافيش حد في الدنيا كلها أغلي عندي من بنتي

واستطرد متعجبً:

_ بنتي عندها إكتئاب وبتدبل كل يوم عن اللي قبله وسيادتك بتكلمني عن البيت والولاد وحالة ثريا هانم؟!

ثم حول بصره إلي ياسين وتحدث بنبرة حادة:

_بنتي خبت وكذبت من كتر خوفها منكم ،بنتي لو حاسة بالأمان في بيتكم ماكانتش خبت، طول الوقت وأنتوا بتجلدوا ذاتها بنظراتكم وكلامكم ، بنتي محتاجة حضن وأمان، كلكم ظلمتوها وجرحتوها وحتي ما أدتوهاش الفرصة إنها تدافع عن نفسها، إتعاملتوا معاها علي إنها ألة مش بشر ،

وأكملَ بتألم وغصة ظهرت بصوته:

_وللأسف أنا أول واحد جنيت علي بنتي بإرغامي ليها وإجبارها علي جوازها منك .

تحدث شريف بحدة وهو يقف ويتحرك بإتجاه الدرج:

_حضرتك واقف تبرر إيه يا بابا ولمين، أنا طالع أجيب مليكة وماما والولاد ومفيش مخلوق هيقدر يقف قدامنا .

إنخلع قلبه من مكانه حين إستمع لحديث سالم وشريف، نعم هو يتقطع شوقاً لها لكن كرامته تمنعه من الرجوع إليها بتلك السرعة، يريد عقابها بالبعد حتي تشتاقه وفيما بعد تفكر ألاف المرات قبل القدوم علي أي فعل أو شيئ ممكن أن يزعزع حياتهما .

تحدث ياسين بنبرة هادئة:

_ إهدي يا سالم بيه من فضلك واللي عايزاه مليكة أنا هعمله لها .

بعد قليل كانت تنزل الدَرجْ تٌسندها سٌهير وشريف من الجهة الأخري ويبدوا عليها التعب والإرهاق التام

إنفطر قلبه عليها، وَدَ لو يٌسرع إليها ويسحبها بأحضانه ويحتويها ويٌقبل جبهتها بأسف علي ما وصلت إليه ولكنها كرامتهْ لا غيرها من منعته

تحامل علي حاله وبعد نزولها وقف بقبالتها ينظر لعيناها الذابلة بحزن وتحدث بنبرة جادة:

_ بابا عاوز ياخدك معاه وأنا بقول تفضلي هنا أفضل وكلنا هنبقي جنبك ونراعيكي لحد ماتبقي أحسن، قولتي إيه ؟

كانت تنظر له بجمود ونظرات ولأول مرة خالية من التعبير وتحدثت بصوتٍ ضعيف مٌتعَب:

_أنا هروح مع بابا ومش عاوزة منكم أي رعاية، كفاية أوي لحد كده .

إنخلع قلبه من شدة حديثها وتحدث شريف بتهور:

_ لو عاوزة تطلقي قولي يا مليكة ومتخافيش، أنا كفيل إني أخلصك من الموضوع ده كله .

وكأنه بحديثه فتح نار واندلعت شرارة اللهب بداخله نظر إلي شريف بغضب وتحدث بحدة بالغة:

_إنتَ بتقول إيه يا بني أدم أنتَ ،إنتَ إتجننت .

تحدث عز بحدة:

_ إيه اللي بتقوله ده يا شريف، إهدي يا أبني وبلاش كلام ممكن يولع الدنيا في بعضها .

تحدثت ثريا بدموع وهي تحتضن مليكة:

_ تعالي أقعدي وأرتاحي يا حبيبتي وأنا هعمل لك كل إللي إنتي عايزاه صدقيني .

تحدث طارق إلي شريف وهو يسحبه للخارج بحدة:

_تعالي معايا يا شريف نخرج نتمشي شوية في الجنينة.

تحدث شريف بحدة وهو ينفض يدهُ عنه:

_مش خارج يا طارق .

نظر سالم لولده وتحدث أمراً:

_ شريف، أخرج مع طارق وأهدي شوية.

هز رأسه لأبيه بإحترام ونظر إلي شقيقتهِ بتألم وخرج مٌجبراً .

أما ياسين الذي ظل مٌعلقاً بصره بها يراقب تعبيرات وجهها الغير واضحة وهذا ما أرعب داخلهْ .

وتحدث بقلبٍ مَفطور :

_روحي مع سالم بيه أقعدي يومين ولا تلاتة هدي فيهم أعصابك وأنا هاجي أخدك .

إنتظر ردها لكنها لم ترد ولم تنظر إليه من الأساس،فقد كانت تلقي برأسها بإستسلام فوق كتف ثريا الحنون وتجاورها سٌهير ويسرا

تحدث عز بهدوء

_ بص يا سالم بيه، خلينا نتكلم بوضوح وواقعية بعيداً عن التحزب لأي طرف، مليكة للأسف غلطت وغلطها كان كبير، بس في الأخر هي كمان بنتنا مش بس بنتك لوحدك ،وياسين كمان غلط لما كلمها في حضور الكل ،

وأكملَ شارحاً:

_زعلانين شوية مع بعض وده الطبيعي اللي بيحصل بين أي زوجين بعد خلاف كبير زي ده، بس اللي أنت مش عارفه إن عمر ما حد فينا قصر في حق مليكة ،

بالعكس، مليكة طول عمرها تاج علي راسنا كلنا وبنفضلها حتي علي بناتنا، واليومين اللي فاتوا كانوا يومين صعبين جدا علينا كلنا ومع ذلك محدش فينا إتخلي عن مليكة، بالعكس ثريا وبرغم تعبها لكن طول الوقت كانت جنبها ومعاها فوق هي ويسرا .

واستطرد مفسراً موقف نجلهُ:

_بس في نفس الوقت محدش مننا يقدر يطلب من ياسين إنه يكون جنبها، بالعكس أنا شايف إن البعد الحالي هو أسلم حل لمليكة وكمان ياسين، مليكة للأسف دخلت في نوبة إكتئاب وأنا شايف إن وجودها جنبك إنت وأمها وأخوها فعلاً هيكون أنسب لها من هنا

وأكمل رفقاً بقلب حبيبته:

_ لكن معلش الولاد هيفضلوا هنا مع ثريا هانم علشان تعرف تراعيهم كويس، ولما تحب مليكة تشوفهم هبعتهم لها وقت ما تأشر

إنتفض داخلها برعب من مجرد ذكر الفكرة ،

شعر بها وبرعبها وتحدث سريعاً ليطمئن ذُعرها:

_بعد إذن سعادتك يا باشا أنا شايف إن الولاد أحسن لهم يكونوا مع أمهم وده هيفرق معاها هي كمان في تحسين نفسيتها،

ثم نظر إلي سالم الذي إستكانَ بجلسته بعد حديث ياسين وتحدث ياسين:

_بس ياريت يا سالم بيه الوضع ده ما يطولش.

هز سالم له رأسه بإيماء وتحدث:

_ ربنا يسهل يا سيادة العقيد .

كان عز ينظر إلي ثريا بقلبٍ مفطور  لأجل حزنها من فكرة إبتعاد فلذات كبدها وكبد عزيز عيناها الراحل ولكن للأسف لم يعد بيديه شيئ ليفعله لأجلها ،

وقف ينظر عليها وهي تستقل السيارة وترتمي داخل أحضان والدتها، تحركت السيارة وخرجت من الباب الرئيسي وكأن قلبه إنخلع من مكانه، شعر بصرخة داخل قلبه النازف من فراق مليكته ومليكة غرامهْ،

وجد يدٍ تربت فوق كتفه نظر بجانب عينه وجدهٌ طارق ينظر له بحنان وتحدث:

_ متقلقش كل حاجة مع الوقت هتبقي كويسة.

نظر لأخاه وأبتسم بألم وتحرك للجراج،  إستقل سيارته وأنطلق بها يجوب الشوارع حتي يٌهدي من حدة ألمهْ الذي صاحبه فور مغادرتها .

_____________________________

دلفت إلي مسكن أبيها بين أحضانه ودلف شريف بمروان وأنس للداخل،

أجلسها فوق الأريكة وأمسكَ يدها وقبلها وتحدثَ بحنان:

_أمك كانت بتقول لي وإحنا في الطريق هنروح نجيبها وناخدها لدكتور يطمنا عليها ،

وأردفَ مٌبتسماً:

_مسكينة سٌهير ماتعرفش إن أنا طبيبك .

إبتسمت لأبيها وهي تنظر لعيناه بغشاوة دموع حانية تجمعت وكونت دموعاً سقطت منها عنوةَ عنها،

وضع أصبع يده وجفف لها دموعها ثم قبلَ موضع دمعتها وتحدث بحب :

_دموعك بتنزل علي قلبي تحرقه يا مليكه، بالراحة علي قلب أبوكي يا بنتي، أبوكي كبر ومش هيقدر يتحمل حرقة قلبه عليكي .

بكت وبكي معها هو وسٌهير،ثم أخذها بين أحضانه وتحدث:

_ أوعي أشوف دموعك طول ما أنا عايش علي وش الدنيا،

ثم جفف دموعها وتحدث بإبتسامة:

_أنا أخدت لك أجازة أسبوع بحاله علشان تعرفي غلاوتك عندي قد إيه، هنلف فيه إسكندرية كلها ومش عاوز أي إعتراض إتفقنا .

هزت رأسها بإيجاب فأكمل هو:

_ يلا يا سٌهير جهز لنا الغدا علشان أكل بنتي الحلوة بإيديا زي زمان،

ونظر لها بتساؤل وضحك:

_فاكرة يا مليكة ؟

هزت رأسها بإبتسامة وأمسكت يده وقبلتها وتحدثت:

_ربنا يبارك لي فيك يا حبيبي .

أما شريف الذي رن هاتفه وهو يلاعب أبناء مليكة نظر به وجدها علياء ،

أخذ هاتفه وذهب للشرفة بعيداً عن الطفلان وضغط زر الإجابة وأجاب:

_أيوة يا حبيبي

ردت علياء خجلاً :

_إيه يا شريف قلقتني عليك بكلمك من بدري مش بترد ليه ؟

أجابها بتنهيدة شقت صدره:

_معلش يا حبيبي كنا بنجيب مليكة أنا وبابا علشان هتقعد معانا كام يوم وكٌنت عامله “Silent”

ردت علياء بإهتمام:

_هي مليكة لسه ضهرها واجعها ؟

أغمض عيناه وتحدث بكذب مقبول:

_ أه يا حبيبي الوقعة كانت شديدة شوية، يومين كده و هتبقي أحسن إن شاء الله ،

وأكملَ:

_ الباشمهندس وطنط عاميلن إيه ؟

أجابته بإبتسامة:

_كويسين جداً وبيسلموا عليك ونفسهم تيجي أسوان بقي علشان يشوفوك .

إندمجَ معها وأجابها بحب :

_هما بردوا اللي نفسهم يشوفوني ولا الشقية بنتهم ؟

إبتسمت خجلاً فتحدث هو بإعتذار:

_ أنا أسف يا حبيبي عارف إن المفروض كنا جينا زيارة للبشمهندس بعد بابا ما كلمه وأدانا الموافقة، لكن إنتي شايفة الظروف إللي إحنا فيها،

واسترسل شارحً:

_موضوع تعب مليكة ربكنا كلنا لكن إن شاء الله إسبوع ومليكة تبقي أحسن وهنيجي نتفق وأعمل لك أحلي وأجمل حفلة خطوبة في أسوان كلها، حاجة كده تليق بالغالية عاليا .

أجابته بتفهم وحب:

_ أهم حاجة نتطمن علي مليكة الأول وكل حاجة تيجي في وقتها إن شاء الله .

إبتسم بحب وتحدث:

_يسلم لي حبيبي إللي بيقدر ظروف حبيبه .

وضلا يتحدثان معاً في درب عشقهما .

#إنتهي_البارت

#قلوب_حائرة

#بقلمي_روز_آمين

 

الصفحة السابقة 1 2 3 4 5 6 7 8 9 10الصفحة التالية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى