 
						رواية قلوب حائرة لروز أمين الفصل الخامس والثلاثون
بعد مرور يومان علي حادث وقوع مليكة
كانت دكتورة مٌني تجلس بمنزلها بجانب زوجها دكتور أحمد المغربي
تحدثت مني بتعجب :
_ فاكر يا أحمد الممرضة حنان إللي كانت شغالة معايا في عيادتي القديمة ؟
إنتبهَ أحمد لحديثها وأجاب:
_ أه فاكرها، حنان عزت مالها دي كمان ؟
أجابته بإستغراب:
_ شفتها النهاردة بالصدفة وأنا في مستشفي الصحة بسألها وبقول لها لسه شغالة مع الدكتورة المشبوهة إياها تخيل ترد عليا وتقول لي إيه ؟
نظر لها بإنتباه مٌنتظراً إستكمال حديثها
فأكملت :
_لاقيتها بتضحك وبتقول لي مالها دي حتي كل يوم سيطها بيعلي وبيسمع في إسكندرية كلها ،قالت لي ده حتي سكان الكمبوند بتاعكم وقرايب جوزك بنفسهم بقوا زباينها
إستغربت جداً وقلت لها تقصدي مين ، تخيل ردت عليا وقالت لي مين؟
سألها بإهتمام وحيرة:
_مين ياتري ؟
أجابته بعدم تصديق:
_مليكة ،قالت لي علي إسمها بالكامل وقالت إنها عملت عملية إجهاض من يومين بالظبط،
قلت لها إنتِ متأكدة من الإسم ،جاوبتني وقالت لي إن دكتورة عفاف بتشترط تقديم البطاقة الحقيقية عند العملية.
نظر لها بإستغراب وأردفَ بتساؤل:
_ ومليكة تعمل حاجة زي كده ليه، دي كل اللي عندها ولدين وحتي ياسين عنده ولد وبنت ،
وبعدين لما هتعمل مٌصيبة زي دي مجتليش أنا ليه وأنا كنت أتصرفت
واسترسل مفسراً:
– علي الأقل كٌنت هحل لها الموضوع في السر بدل ما تبهدل نفسها مع جزارة زي دي وتخلي سيرتها هي وياسين نماية وسط قعدات الممرضات
رفعت مني كتفيها ومدت شفتاها لعدم رد لديها.
_____________________
في اليوم التالي كان يدخل بسيارته داخل الحي وجد دكتور أحمد يخرج بسيارته، توقفا إثنتيهما لتبادل السلام
وتحدث أحمد:
_ألف سلامه علي مليكة يا سيادة العقيد .
أجابهٌ ياسين :
_الله يسلمك يادكتور .
سألهٌ أحمد بإهتمام:
_وهي عاملة إيه الوقت ؟
تحدث ياسين بأسي:
_والله لسه تعبانة يا دكتور، ضهرها لسه بيألمها جداً .
ردَ أحمد بجدية وعملية:
_ماتقلقش، الألم هيختفي مع الوقت هي العمليات إللي من النوع بتأثر علي الضهر جامد .
إستغرب ياسين نُطق أحمد لكلمة عملية لكنهٌ تلاشاها .
فأكمل أحمد مٌلاماً :
_ولو أني عاتب عليك إنك تخلي مليكة تتعامل مع الدكتورة المشبوهة دي، و مع إني ضد عمليات الإجهاض لكن كنت هخالف مبدأي علشان خاطرك ولا إنكم تتعاملوا مع واحدة معدومة ضمير وسمعتها مشبوهة زي عفاف صلاح .
كان يستمع لكلمات أحمد بتيهة وعقلٍ شارد
حدثَ حاله:
_ ماذا يٌهذي هذا المعتوه، عن أي إجهاض وعن أي مليكة يتحدث ؟
نزل بشرود من سيارته وفتح باب سيارة أحمد وجلس بجواره وتحدث بصوتٍ حادٍ آمر :
_إحكي لي بقي إللي إنت قولته ده كله من تاني وفهمه لي واحدة واحدة.
نظر لهٌ أحمد بتساؤل وحيرة:
_هو أنتَ مكنتش تعرف إن مليكة أجرت عملية إجهاض ؟
نزلت تلك الكلمات كالصاعقة الكهربائية شلت جميع حواسه
حدث حاله:
_إجهاض ! أكانت تحمل داخل أحشائها قطعة منهْ وبتلك السهولة تخلت عنها!
تحدث بوجهِ خالي من التعبير:
_ من فضلك يا أحمد إحكي لي الموضوع بكل تفاصيله .
قص لهٌ كل ما يعرفهْ
وبعد حوالي ساعة كان يجلس داخل مسكن دكتور أحمد وزوجتهْ التي إتصلت بالممرضة حنان وأخبرتها أن عليها المجيئ إلي مسكنها علي وجه السرعة للتحدث بأمرٍ عاجل يخص العمل وستأخذ عليهِ أجراً عالي
وذلك وفقاً لتوجيهات ياسين ليتأكد قبل إتخاذه أي قرار
أتت علي الفور وجدت ثلاثتهم يجلسون، نظرت لذلك الجالس الذي يتمني من داخله أن يكون كل هذا الهراء ليس له أي أساس من الصحة لأنه وإن صحَ فالله وحده هو من يعلم ما هو الآتِ ؟
نظر لها ياسين وتحدثَ بوقار وتسائل:
_دكتورة مٌني قالت لي إن مدام مليكة جت عندكم من يومين وعملت عملية إجهاض، الكلام ده صحيح ؟
نظرت لهٌ وهي تبتلع لٌعابها بقلق ثم حولت بصرها إلي مٌني التي هزت لها رأسها بإيماء واطمئنان قائلة:
_إتكلمي يا حنان، محدش هنا هيأذيكي، متقلقيش .
نهضت حنان بغضب وتحدثت بلوم:
_معنديش كلام علشان أقوله يا دكتورة، أنا فضفضت معاكي بكلمتين تروحي تقوليهم للبيه وكمان جيباني هنا وفتحالي تحقيق
واسترسلت بنبرة غاضبة:
– إنتِ عاوزة تقطعي عيشي ؟
هٌنا إنفجر ياسين بغضبٍ عارم فقد فاق صبرهْ كل الحدود:
_إقعدي يا روح أمك رايحة علي فين؟
إنتِ فاكرة نفسك هتخرجي من هنا قبل ماتقولي لي علي كل إللي أنا عاوز أعرفه؟
وأكملَ بتهديد وصوتٍ حاد:
_إسمعيني كويس يابت، هتحترمي نفسك وتجاوبي علي كل اللي هسألك عليه وبمنتهي الصدق، هتاخدي لك قرشين متحلميش بيهم وتغوري من هنا ومحدش هيقرب لك
واستطرد بنبرة تهديدية:
– إنما لو هتسوقي الهبل علي الشيطنة وديني وما أعبد أوديكي ورا الشمس وما أخليكي تشوفي الشارع بعنيكي تاني، فخليكي كويسة كده وأسمعي الكلام وأنطقي بالذوق بدل ما أخدك علي أمن الدولة وأخليهم هناك ينطقوكي غصب عنك .
جلست حنان برعب من هيئة ياسين الغاضبة وساقيها تهتزتان من شدة رعبها،
وتحدثت بطاعة:
_ أنا تحت أمرك في كل إللي سعادتك تؤمر بيه يا باشا .
أخرج ياسين هاتفهْ وثبتهٌ علي صورة مليكة وتحدث بصرامة:
_شفتي صورة الست دي قبل كده ؟
هزت رأسها بإيماء وتحدثت بتأكيد:
_هي دي مدام مليكة إللي جت عندنا من يومين وعملت العملية يا باشا، وكان معاها واحدة كانت بتناديها سلمي .
هٌنا ظهر ياسين وكأنهٌ وحشٍ كاسر يٌجهز حالهٌ لإفتراس فريسة له بعد قليل، جز علي أسنانه وضيق عيناه وقور يده بغضب وتسائل:
_ كانت فى الشهر الكام ؟
تحدثت برعب من هيئته:
_تقريبا كده شهر ونص أو شهرين حاجة زي كده ياباشا، أصل أنا مدخلتش معاها أوضة العمليات، كانت وردية صاحبتي ومعرفش تفاصيل كتير عن إللي حصل جوة .
أخرج من جيبهِ دفترً للشيكات وحررَ شِيكاً بمبلغاً ورماهٌ لتلك الحنان التي كانت علي وشك الموت رعباً من هيئته ،
وتحدث مهدداً بفحيح كفحيح الأفعي:
_تاخدي الشيك ده ومتورنيش وشك تاني واللي حصل ده تنسيه وتمسحيه من ذاكرتك نهائي، وده طبعاً لمصلحتك أولاً، وسيرة مدام مليكة لو جت علي لسانك تاني مع أي مخلوق قولي علي نفسك يا رحمان يا رحيم
ونظر لها بغضب وعيون تتطاير شرراً قائلاً بحدة أرعبتها:
_ مفهوم كلامي ؟
هزت رأسها سريعاً بإيماء وهي فاتحة الفاه من شدة رعبها .
تحركَ وكادَ أن يذهب أوقفه أحمد بتساؤل:
_إهدي وفكر وأتكلم مع مليكة الأول وشوفها عملت كده ليه، جايز يكون عندها أسبابها المٌقنعة .
نظر له بعيون كالصقر وتحدث مٌتلاشياً حديثهْ:
_أكون شاكر ليك يا دكتور لو إللي حصل هنا مخرجش برانا إحنا التلاتة .
أماءً أحمد بتفهم قائلاً بتأكيد:
_ متقلقش يا سيادة العقيد، دي أسرار مرضي والسرية التامة من صميم عملي أنا والدكتورة .
تركه وذهب كالإعصار الذي سيدمر الأخضر واليابس .
إتجهت مٌني إلي أحمد وتحدثت برعب:
_إنتَ إيه بس اللي خلاك تروح تقول له، إحنا مالنا تدخلنا في مشاكل ملناش فيها ليه؟
واسترسلت لائمة:
-واحدة وأكيد خايفة من إللي حواليها لا يلوموا عليها إنها نسيت رائف وقوام خلفت من ياسين، إحنا بقي نتدخل ليه ؟
أجابها بضيق:
_وأنا كنت أعرف منين إنها عملت عملتها السودا دي من وراه، ربنا يسترها عليها بقي، محدش يعرف غباء ياسين المغربي لما بيظهر قدي .
ثم نظر لتلك الجالسة بغير عقل تبكي تارةً وتبتسم تارةً أٌخري
وهي تنظر لذلك الشيك الذي لم تكن تحلٌم بالتحصُل علي ربع مبلغه .
تحدث بهدوء قائلاً:
_ يلا يا حنان روحي وياريت تسمعي الكلام و تنسي كل إللي حصل هنا .
وقفت وكأنها وعت علي حالها وتحدثت بسعادة:
_حاضر يا دكتور، بس حضرتك مٌتأكد من إن البيه إللي كان هنا من شوية مش هيجيب سيرتي للدكتورة عفاف ؟
تحدثت مني بقلة صبر:
_ يلا يا حنان خدي شيكك وبالسلامة، عندنا شغل يا ماما ومش وقت أسألتك دي .
_______________________________
دخل كالإعصار لداخل الفيلا وجد والدته تجاور ليالي ونرمين وجيجي ويسرا، الكل مٌجتمع لزيارة تلك الماكرة المخادعة، هرول لغرفتها الماكثة بها دون أن يلقي السلام علي من بالخارج
دخل كالإعصار وجههٌ لا يٌبشر بخير
وجدها تجلس فوق فراشها وتجاورها ثريا وبيدها طبق الحساء لتلك الكاذبة ،
أما عن سلمي التي كانت تٌجاورها الفراش وهي تجلس القٌرفصاء وترتسم علي وجهها إبتسامة وهي تٌحادث مليكة ،
كانت هيئته لا تٌبشر بخير مما أقلق ثريا وجعلها تٌبعد صَحن الحساء وتضعهٌ فوق الكومود
وتحدثت بتساؤل:
_ مالك يا ياسين ؟
إقتربَ ياسين من وجهْ مليكة وتحدثَ بفحيح مخيف:
_ أخبارك إيه النهاردة، ياتري لسه ضهرك بيوجعك ؟
إبتلعت لٌعابها برعب من نظرتهِ تلك وإقترابه هذا وتحدثت بشرود:
_ الحمدلله، أنا كويسة.
سألها بترقب وهو مازالَ علي نفس الوضعية:
_إلا قولي لي يا مليكة، هي المستشفي اللي روحتيها بعد ما وقعتي إسمها إيه ؟
إنتفضَ داخلٌها ونظرت لهٌ بتوتر وصمتت ،
تبرعت سلمي بالإجابة لتٌنقذ صديقتها:
_ إحنا ما روحناش مستشفي يا سيادة العقيد .
حول لها بصره ونظر لها نظرة ذات معني وتسائل:
_أمال روحتوا فين يا أستاذة سلمي ؟
ردت بتلعثم:
_ روحنا عيادة خاصة جنب بيتي .
رد عليها بإستفهام :
_أيوا إسمها إيه بقي العيادة الخاصة دي وإسم دكتورها إيه ؟
نظرت له ثريا بإرتياب وتحدثت:
_فيه إيه يا ياسين، مالك يا إبني ؟
نظر إلي عمته مٌضيقاً عيناه وتحدث بهدوء ما قبل العاصفة:
_عايزة تعرفي فيه إيه يا عمتي، فيه إن ياسين المغربي ولأول مرة إتختم علي قفاه واتغفل،
ثم حولَ بصره إلي تلك المٌرتعبة ذات القلب المٌنتفض وتحدث بفحيح:
_ومن مين، من حتة عيلة
ثم تحدثَ لها بهدوء:
_دكتورة عفاف صلاح بعتالك السلام وبتقول لك أخبار العملية إيه .
هٌنا شهقت وأغمضت عيناها بألم، أمسكت سلمي يدها للمؤازرة
فتحت عيناها مجدداً سريعاً ونظرت له بترجي و استعطاف وأردفت:
_خلينا نتكلم لوحدنا .
ونظرت داخل عيناه بدموع وهي تميل برأسها في حركة توسلية منها لهْ
تحدث بصوتٍ يشوبهٌ خيبة الأمل:
_هو لسه فاضل حاجة علشان نتكلم فيها؟
ما خلاص، وقت الكلام عدي وفات .
تحدثت سلمي بترجي:
_ من فضلك يا سيادة العقيد إقعد مع مليكة وإديها فرصة تفهمك وتشرح لك إللي حصل بالظبط .
صاح بها بصوتٍ صارخ أرعبها :
_إنتي تخرسي خالص، إنتي حسابك معايا بعدين إنتي ودكتورة العٌهر بتاعتك دي كمان .
هرولت نساء المنزل ودخلوا علي صوت ذلك الغاضب
تحدثت ثريا بحدة:
_عيب كده يا ياسين، هو فيه إيه بالظبط يا أبني ،مالك طايح ف الكل كده ليه ؟
وجهت منال سؤالها لولدها:
_مالك يا ياسين، فيه إيه يا حبيبي ؟
نظرت له وأمسكت يدهٌ بإستعطاف وتحدثت بدموع وترجي :
_أرجوك يا ياسين خلينا نتكلم لوحدنا وأنا هحكي لك علي كل حاجه .
نفض يدها بعنف وتحدث بحدة:
_هو أنا لسه مشبعتش قواله لوحدنا، ماأحنا يااااما إتكلمنا وياما وعدنا وياما صبرنا، وفي الأخر إيه إللي حصل ؟
صرخت بإستعطاف ودموع:
_أرجوك يا ياسين، أرجوك أديني فرصة أشرح لك لوحدنا
تحدثت نرمين بحدة:
_هو إيه إللي بيحصل هنا بالظبط، ما تتكلم يا ياسين .
نظرت لهٌ بإستعطاف وهي تهز رأسها بدموع .
وقف هو مٌنتصب الظهر ينظر إليها وتحدث ساخراً:
_عاوزانا نتكلم لوحدنا علشان ما يعرفوش؟
واستطرد:
-أنا بقي هعرفهم كلهم اللي راعبك طول الوقت ومش عاوزاهم يسمعوه
صرخت بإستعطاف:
_ ياااااااسين، أبوس أيديك بلاش يا ياسين
كانت ليالي تنظر لهما وقد بدأ الشك يتسلل لقلبها ويسرا المشفقة علي حال مليكة المنهارة ونرمين الواقفة تنظر لها بشماتة ومنال الواقفة وداخلها يتسائل
ذهب إليها ونظر لها نظرات مليئة بالغضب والغل ثم رفع يده لأعلي حتي يصفعها علي وجنتها
أغمضت عيناها بتألم وثبات وجهزت حالها لتلقي صفعتٌه بصدرٍ رحب، إستمعت لصرخة ثريا وهي تهدر بإسمه وتترجاه بألا يفعل
صمتٍ رهيب حل بالمكان إنتظرت وأنتظرت صفعتها ولكنها تأخرت أفتحت عيناها ببطئ شديد
وجدته رافعاً يدهٌ لأعلي إستعداداً بوضع صفعته لكن يده توقفت وكأن قلبهٌ أمرها بعدم إيذائها
أه من قلبٍ أتعبهٌ الهوي ، نظر لها بعيون يملؤها الغضب واللوم والتساؤلات الكثيرة، قور يده بغضب ونفضها في الهواء وهو يجز علي أسنانه ويلعن داخلهٌ وقلبهْ علي عدم قدرته لأذيتها .
ثم تحرك من أمامها ووقف بمنتصف الغرفة وتحدث:
_عاوزه تعرفي فيه إيه يا عمتي، فيه إن الهانم مراتي بنت الأصول وبنتك زي ما طول عمرك بتوصفيها مش واقعة علي ضهرها ولا حاجة،
واسترسل بصوتٍ غاضب:
– الهانم المحترمة القطة المغمضة غفلتنا كلنا وختمتنا علي قفانا وكذبت وقالت إنها وقعت وهي عاملة عملية إجهاض !
شهق الجميع ونظر لها بإستغراب وأتهام وكأنها مٌدانة، أغمضت عيناها بتألم هرباً من تلك النظرات المحيطة بها ووضعت كفيها فوق وجهها وأجهشت ببكاءٍ مرير .
ثم صاح ذلك الغاضب وتحدث:
_ الهانم قتلت إبني إللي لسه مكملش شهرين بدم بارد وكل ده ليه؟ علشان محدش يعرف إن الهانم بتتعامل مع جوزها وسلمت له نفسها كأي ست محترمة بتعرف شرع ربنا وتنفذه .
بكت بصوتٍ أجش وتعالت شهقاتها
وقف هو بكل شموخ وتحدث:
_مش إنتِ قتلتي إبني علشان تخبي عنهم سرك العظيم
نظر للجميع وتحدث :
_طب إشهدوا كلكم، أنا والهانم بنتعامل معاملة الأزواج من تاني شهر طلعت فيه لأوضتها .
ثم حول بصره إلي المختبئة وتحدث:
_ يارب الوقت تكوني مبسوطة بالنتيجة إللي وصلنا لها .
عمَ صمتٍ تام داخل الغرفة
كانت ثريا تجلس بقلبٍ مفطور حزين يتألم ولكن كان داخلها مٌبعثر مابين حسرة علي ماضيٍ فات وألمٍ علي مليكة وما أوت إليه بيدها وأياديهم جميعاً،
شعرت بالخزي من حالها علي ما أوصلت إليه تلك المسكينة ذات القلب الحائر .
نظرت ليالي إلي ياسين وتحدثت بغضب:
_ إنتَ بتقول إيه يا ياسين ؟
صاح بها غاضباً:
_ إللي سمعتيه يا هانم ولا ما بتسمعيش ،
مراتي ومارست معاها حقوقي الشرعية يعني لا عملت حاجة عيب ولا حرام
ثم مررَ بصرهِ عليهم جميعاً وتسائل:
_ هاااا، حد تاني عنده أي إعتراض ؟
صمت الجميع وأنزلوا أبصارهم أرضاً
ثم إقتربَ من تلك المٌنتحبة وهي تنتفض من شدة بكائها أزاحَ عنها يداها التي تختبئ ورائهم بحدة وأمسك ذقنها وضغط عليه بعنف وتحدث بوعيد :
_قسماً بربي لأدفعك تمن قتلك لإبني وإستغفالك ليا غالي ،غالي أوي يا بنت سالم عثمان .
كانت تنظر لعيناه ودموعها تنهمر بحرارة تستعطفه أن يٌكفلٌها حق الرد .
أمسكت ثريا يده وتحدثت بإستعطاف:
_ علشان خاطري سيبها يا ياسين، سيبها ياأبني .
أغمضت عيناها بتألم ودموعها تسيل كشلالات وهو يهز ذقنها بعنفٍ يؤلمها ولكن أي ألم مٌمكن أن يضاهي ألمها الداخلي لأجلهْ، أفلتت ثريا يدهٌ من عليها بصعوبة وأخذتها داخل أحضانها برعاية.
ثم أنتصبَ بوقفته ونظر إلي تلك المٌنكمشة علي حالها المٌجاورة لصديقتها وصاحَ بغضب :
_أما أنتِ بقي، ماأبقاش ياسين المغربي إن ما سجنتك إنتي والدكتورة بتاعتك وأبقوا قابلوني لو عرفتوا تخرجوا تاني .
وخرج كالبركان من الغرفة وتحركت خلفه ليالي وبعدها منال
أما نرمين التي أستغلت فرصتها لغرس خناجرها في قلب غريمتها تحدثت بشماتة:
_ ونعم الوفاء يا مليكة هانم .
ثم نظرت إلي يسرا وتحدثت بشماتة:
_مش هي دي اللي كل شوية تدافعي عنها وتقولي انها وفيه ومستحيل تنسي رائف ،علشان تبقي تصدقيني، دي عاملة زي الحرباية بتتلون بألف لون، في الأول رسمت علينا دور الزوجة الحزينة المقهورة على فراق حبيبها
واسترسلت:
-وبعدين مثلت علينا رفضها المٌميت لياسين وده خلاكم كلكم تنبهروا بيها وبموقفها وتوصفوها بالوفاء والنبل العظيم، وبمجرد ما أتقفل عليها باب واحد معاه جريت عليه ورمت نفسها في حضنه، لا وحامل كمان وسقطت البيبي
وأكملت بشماتة وهي تٌصفق بيداها:
_ده إيه الأخلاق النبيلة والتربية إللي تشرف دي يا مليكة هانم .
كانت تستمع لكلماتها وكأنها خناجر تٌطعنها بجميع أجزاء جسدها .
أما ثريا التي وقفت وتحدثت بحدة:
_ نرمين، مليكة معملتش حاجة غلط، ده جوزها وحلالها .
وأشارت بيدها ليسرا الواقفة مٌتسمرة من هول الموقف ولنرمين وتحدثت:
_ يلا نخرج وسيبوها علشان ترتاح .
أخذت إبنتيها وخرجت وأغلقت الباب دون حديث
أمسكت سلمي يد مليكة
وهزتها لتعي علي حالها وتحدثت:
_ مليكة، إنتِ لازم تحكي مع ياسين وتفهميه الحقيقة وتقولي له علي إللي حصل بالظبط، ياسين شكله ناوي علي الأذية وأنا مش قده ولا قد أذيته .
هزت رأسها بنفي وجسدٍ مرتعش ودموعها تنزل كشلالات:
_ مش هيسمعني يا سلمي مش هيسمعني .
تحدثت سلمي بإصرار:
_ لازم يسمعك ولازم تتكلمي، إنتِ مراته وبيحبك ومش هيقدر يأذيكي، لكن أنا مش قدة يا مليكة، إنتِ ماسمعتيش تهديده ليا .
أجابتها بطمئنة:
_ ده مجرد كلام قاله في وقت غضبه يا سلمي وأكيد مش هينفذه .
صرخت بها سلمي برعب:
_تبقي متعرفيش إنتي متجوزة وعايشة مع مين، ياسين المغربي مبيتكلمش من فراغ يا مليكة ياسين بينفذ .
وأكملت بدموع:
_ مليكة متخلنيش أندم إني ساعدتك .
فلاش بااااك
قبل أربعة أيام من وقتنا الحالي
كانت تخرج من الحمام تستند بيدها علي الحائط ويظهر علي وجهها علامات التعب
جلست فوق المقعد وأمسكت هاتفها وأتصلت بصديقتها سلمي وبعد مدة جائها الرد
تحدثت مليكة بتعب:
_سلمي ألحقيني، أنا شكلي حامل .
أجابتها سلمي علي الهاتف:
_حامل إزاي يعني، طب والحبوب إللي بتاخديها ؟
أجابتها مليكة بتشتت:
_مش عارفة إزاي ده حصل، تقريباً كده الحمل حصل من قبلها، شكله حصل في التلات أيام بتوع أسوان يعني من قبل ما أفكر أخد الحبوب بحوالي شهر
وأكملت بإرتياب:
– المشكلة الأكبر الوقت إني خايفة جدا وحاسة إن مٌمكن ياسين يزعل
تحدثت سلمي بتعجب:
_ وياسين هيزعل من حاجة زي كده ليه ؟!
أجابتها مليكة بقلق:
_مش يمكن يكون مش عاوز أولاد؟
ضحكت سلمي علي سذاجة صديقتها وتحدثت:
_بذمتك فيه راجل بيعشق ست وهيموت عليها زي ياسين كده ومايبقاش عاوز يخلف منها، ده أكيد هيطير من فرحته لما يسمع الخبر ده .
إبتسمت مليكة وسعدَ قلبها وتحدثت بتساؤل:
_تفتكري مٌمكن يفرح بجد يا سلمي ؟
ردت عليها سلمي:
_ يا بنتي أفتكر إيه أنا متأكدة، روحي إتصلي بيه وقولي له وشوفي هيفرح قد إيه، ده مش بعيد تلاقيه سايب شغله وجاي لك حالاً
إنتفض داخل مليكة بسعادة وتحدثت بتعقل:
_لا طبعاً مش هقوله الوقت خالص غير لما أتأكد، خليه مطلعش حمل وطلعت معدتي وجعاني لأي سبب تاني وكمان مٌمكن البريود تكون متأخرة عادي، بصي أنا هكلمه الوقت وأستأذنه وأجيلك ونروح سوا للدكتورة بتاعتك
لو أتأكدت من الحمل هقول له ومش هخاف تاني من حد، أكيد هو هيحميني من كلامهم ونظراتهم ليا .
أجابتها سلمي:
_برافوا عليكي يا مليكة، أيوه كده خليكي قوية وإتعلمي إنك تواجهي .
أجابتها مليكة بجدية:
_أنا خلاص يا سلمي مبقاش يهمني في الدنيا كلها حد غيره، أنا لازم أخليه يعلن جوازنا الفعلي
وأكملت بحزن:
_متتصوريش كلام عٌمر ليه جرحني إزاي وحسسني قد إيه أنا كٌنت أنانية لما عارضته ورفضت إنه يعلن جوازنا الفعلي، ياسين بيحبني وأستحمل علشاني كتير وأنا لازم أعوضه عن كل حاجة وكل وجع إتحمله وعاشه علشاني .
أغلقت معها الهاتف وهاتفت ياسين وأستئذنتهْ وبعد حوالي الساعتان كانت تقبع فوق سرير الكشف الطبي والطبيبة تحرك جهاز السونار فوق أحشائها
تنهدت الطبيبة بأسي وتحدثت :
_فيه حمل فعلاً ،
إنتفض قلب مليكة بسعادة ظهرت علي وجهها وهي تنظر إلي سلمي
ثم نظرت الطبيبة لها وتسائلت:
_ قولي لي يا مليكة، إنتِ بتاخدي أدوية لأي أمراض ولا حاجة؟
نظرت مليكة لوجه الطبيبة الذي لا يبشر بخير وتحدثت:
_خير يا دكتور هو فيه حاجة ؟
أمسكت الطبيبة بعض المحارم ونظفت بها السائل الخاص بالسونار الموضوع فوق أحشائها وتحركت إلي مكتبها لتجلس عليه
تبعتها مليكة بقلق وجلست أمامها وتحدثت الطبيبة بأسي:
_للأسف يا مدام مليكة الجنين مشوه بنسبة كبيرة جداً ، تقريباً حضرتك كنتي بتاخدي أدوية وده غلط جداً وخصوصاً في أول شهور الحمل .
لم تستطع تمالك حالها ونزلت دموعها وتحدثت:
_هو البيبي عمره قد إيه ؟
أجابتها الطبيبة بأسي:
_ عمرة شهرين، بس قولي لي إنتِ إزاي أخدتي أدوية وإنتِ حامل ؟
أجابتها بقلبٍ يتمزق ألماً:
_ مكنتش أعرف إني حامل وبدأت أخد حبوب منع الحمل من حوالي شهر .
هزت الطبيبة رأسها بتفهم:
_ علشان كده .
تحدثت سلمي إلي الطبيبة بتسائل:
_طب والحل إيه الوقت يا دكتور ؟
أجابتها الطبيبة بحزن:
_للأسف يا سلمي مفيش قدامنا حل غير إن الجنين ينزل لإن نسبة التشوه عالية جداً، وده لازم يحصل في أقرب وقت مٌمكن لان كل يوم بيعدي فيه خطر علي حياة مليكة .
تحدثت سلمي علي إستحياء:
_ طب هو حضرتك مٌمكن تعملي لمليكة الموضوع ده ؟
أجابتها الطبيبة بتفسير:
_بصي يا سلمي، أنا واخدة عهد علي نفسي إني ما أشتغلش في العمليات إللي من النوع ده نهائي ومع إن القانون بيسمح بعمليات الإجهاض في الحالات إللي زي حالة جنين مليكة إلا إني مش هقدر أخالف مبادئي
وأكملت :
_لكن أنا مٌمكن أبعتكم لدكتورة شاطرة جداً في العمليات إللي من النوع ده، لكن ده طبعاً هيكون سر بينا يعني أنا لا بعتكم ولا شفتكم وياريت كمان متجبوش سيرتي للدكتورة دي، ولو سألتكم عرفتوها منين قولوا لها أي حاجة إلا إنكم تجيبوا سيرتي .
________
خرجت مع صديقتها مٌحطمة القلب جلست بسيارتها وبجانبها سلمي تواسيها وتحدثت:
_هتعملي إيه يا مليكة، أنا شايفة إنك تقولي لياسين وهو ييجي معانا عند الدكتورة دي ونعمل العملية .
إنتفضت مليكة رعباً وتحدثت بدموع:
_عاوزاني أروح أقول لياسين إني كذبت عليك وكنت باخد برشام من وراك وشوهت لك إبنك؟ أنا مستحيل أعمل فيه كده .
سألتها سلمي:
_أمال هتعملي إيه ؟
أجابتها بألم:
_أنا هروح حالاً للدكتورة اللي قالت عليها وأحدد معاها ميعاد بكرة وتاخد إللي هي عوزاه وأخلص من ،
وهٌنا لم تستطع إكمال حديثها وبكت بمرارة وأكملت :
_وبعدها هبدأ مع ياسين صفحة جديدة من غير خوف ولا كذب، ياسين حلو أوي يا سلمي ومايستاهلش مني أجرحه وأقوله حاجة زي دي،
وأكملت ببكاء وندم:
_هبتدي معاه صفحة جديدة، صفحة بيضة هعوضه فيها عن كل حرمان وألم عاشه وهو بعيد عني، هخلف منه بيبي شبهه وهربيه جوه حضني أنا وهو .
ونظرت لصديقتها وأكملت :
_أنا بحبه أوي يا سلمي، بحبه وروحي إتعلقت بيه أوي .
تحدثت سلمي:
_ طب قولي لطنط سٌهير وخليها تيجي معانا علشان منبقاش لوحدنا .
هزت رأسها سريعاً وتحدثت:
_لا يا سلمي أنا عاوزة أقفل الصفحة دي من غير ما حد يعرف عنها حاجة، وإن شاء الله ربنا هيقف معايا ويسندني علشان أبدأ مع جوزي صفحة جديدة ونضيفة
ثم نظرت لسلمي بدموع وألم وتسائلت وهي تضع يدها علي أحشائها:
_هو مٌمكن ربنا يزعل مني علي اللي عملته في إبني يا سلمي ؟
خضنتها سلمي وأجابتها بدموع:
_أكيد لا يا حبيبتي لأنك مكنتيش تعرفي أصلاً، هوني علي نفسك يا مليكة ومتحملهاش فوق طاقتها .
شددت مليكة من إحتضانها وتحدثت بخوف:
_ ماتسبنيش يا سلمي أرجوكي، أنا محتاجة لك أوي ومعنديش غيرك أأمن له علي سري .
تحدثت سلمي وهي تشدد من إحتوائها داخل أحضانها:
_ مش هسيبك يا قلبي أنا معاكي متخافيش .
عوده للحاضر
كان يتحرك داخل غرفته بجنون وغضبٍ عارم دفعت ليالي باب الغرفة بعنف وتحركت إليه ونظرت له بغضبٍ وجنون وتحدثت بصياح:
-هو ده وعدك إللي وعدتهولي يا ياسين ؟
هو ده الوعد بإنها مجرد جوازة صوري علشان مروان وأنس، إزاي تعمل فيا كده، إزاااااي ؟
هدر بها وتحدث بتهديد:
_إبعدي عن وشي الساعة دي يا ليالي متخلنيش أخرج غضبي كله عليكي .
صرخت به بإعتراض :
_مش هسكت قبل ما تجاوبني، ليه كسرتني وكسرت وعدك ليا ؟
صاح بها وتحدث ساخراً:
_عن أي وعد بتتكلمي، وعدي كان لمراتي الست المحترمة اللي سمعت كلام جوزها وقدرت موقفه وطاوعته ووقفت جنبه، مش اللي أول ما نرمين بخت لها كلمتين و شاورت لها جريت وراها زي التابع وسابت بيتها وأتخلت عن جوزها وكسرت كلمته وكلمتها معاه
واسترسل بلوم:
– إنتِ إللي خلفتي الوعد مش أنا يا مدام، يبقي بعد كده مش من حقك تيجي وتسأليني عن أي وعود .
دخلت منال إليهم وأغلقت خلفها الباب وتحدثت :
_صوتكم جايب أخر الجنينة إهدوا شوية
بكت ليالي بحرقة وتحدثت:
إزاي قلبك طاوعك تكسرني وتجرحني بالشكل ده، قدرت تاخد واحدة غيري في حضنك إزاي، إزاي جالك قلب تحطني في الموقف ده وتكسرني قدامهم كلهم ؟
نظر لها وأبتسم ساخراً وتحدث:
_ أظن شعور إني أخد واحدة غيرك في حضني ده مش جديد عليكي يامدام ،ولا إيه ؟
نظرت له بتيهة وأبتلعت لٌعابها
وأكمل هو:
_ولا ناسيه شركة الأمن الإيطالية اللي إتفقتي معاها تتجسس عليا وتعرفك أخباري ،الشركة إللي طلبتي منها تتجسس علي جوزك يا حرم ظابط المخابرات بموقعه الحساس
وأكمل بإشمئزاز:
_تعرفي يا ليالي، أنا بجد حزين أوي من جوايا علي إن أغبي وأتفه ست عرفتها في حياتي القدر يخليها هي بالذات ودوناً عن كل إللي عرفتهم أم لأولادي، أنا من كل قلبي حزين علي حظ ولادي معاكي .
ثم حول بصره إلي والدته وتحدث بصياح:
_ الهانم بنت أخوكي الأرستقراطية خريجة الجامعة الألمانية أجرت شركة أمن خاصة إيطالية علشان تخليهم يراقبوني، ولولا إني أكتشفت الموضوع بسرعة كان زمان كل أسرار شغلي عندهم أو حتي كان زمانهم إغتالوني زي ما حصل كتير قبل كده مع غيري .
نظرت منال له وتنهدت بألم وأسي
ضيق عيناه ونظر لها بإستغراب وتسائل بحذر :
_ يعني مش شايف أي علامات إندهاش علي وش حضرتك يا أمي ؟
نظرت له بإرتعاب وتلعثمت بالحديث:
_ أانا، أنا
نظر لها بعيون مصدومة وتحدث بصوتٍ يشوبهٌ خيبة أمل:
_كنتي عارفة ؟
إبتلعت لٌعابها ونظرت له خجلاً وتحدثت مٌبررةً:
_معرفتش غير بعد ماعملت كل حاجة وكمان بلغوها بنتيجة تحرياتهم، وقتها بس جت وحكيت لي .
كان ينظر لها بقلبٍ يتمزق وعيونٍ جاحظة غير مصدقة ما تراه أمامها وأذنٍ تتمني عدم تصديق ما تستمع إليه .
تحدثَ بصوتٍ مهزوز:
_وياتري حضرتك لما عرفتي كان رد فعلك إيه علي تصرفها اللي كان هيقضي علي مستقبلي ويمكن كان يقضي عليا أنا شخصياً ؟
تحدثت سريعاً بتبرير:
_أنا كنت واثقة فيك وفي ذكائك وكنت عارفة إنك أكيد هتكتشف المراقبة بسرعة وتغير سير خطواتك وتتفادي الموضوع، قولت لنفسي مفيش داعي أقول لك وأضايقك وخصوصاً إنك في الفترة دي كان عندك مشاكل كتير مع ليالي، محبتش أزود الخلافات والمشاكل إللي بينكم أكتر .
ثم تحركت بإرتياب ووقفت بجانب ليالي المٌنكمشة وتحدثت مٌتسائلة:
_أنا مش وقتها بهدلتك وأجبرتك تنهي إتفاقك مع شركة الأمن، حصل ولا لاء؟
ونظرت لهْ وتحدثت بصوتٍ مهزوز:
_قولي له ، قولي له أنا قد إيه بهدلتك وأتخانقت معاكي لما عرفت، أنا ما سكتلهاش يا ياسين صدقني يا أبني ماسكت .
نظر لها بقلبٍ ينزف وعيون حزينة مكسورة وأردفَ:
_ يااااه يا أمي، للدرجة دي أنا مليش أي قيمه عندك ؟
قد كده حياتي ومستقبلي ملهمش عندك قيمة ولا حساب! خوفتي علي بنت أخوكي من غضبي ومخوفتيش علي حياتي ولا علي شغلي ومستقبلي ؟
وأكمل بتألم:
_للدرجة دي أنا قليل أوي كده عندك ؟
كانت تبكي وتهز رأسها بنفي وتحدثت:
_ ماتقولش كده يا حبيبي، ماتقولش كده يا ياسين، مفيش حد في الدنيا كلها أغلي منك إنتَ وإخواتك عندي صدقني يا أبني .
تحدث بشرود وتيهة:
_ طب وأنا زعلان أوي كده ليه من مليكة، إيه يعني لما كذبت عليا وخانت أمانتي عندها وفرطت فيها ،دي واحدة لسه متجوزها من مفيش، إذا كانت أمي إللي خلفتني وربتني وكبرتني في حضنها ضحت بيا أنا نفسي علشان تحافظ علي بنت أخوها وشكلها قدام الناس .
تحدثت ليالي بتلعثم :
_صدقني أنا معملتش كده غير من حبي ليك وغيرتي عليك، لما لاقيتك بتتأخر كتير برة كنت عاوزة أعرف إنتَ بتروح فين،
ونظرت له بإستعطاف:
_أنا كنت لسه صغيرة ومش فاهمة خطورة الوضع، أرجوك تسامحني يا ياسين .
تحدث بصياح أرعبها:
_إنتي عمرك ما حبتيني يا ليالي، أنا عمري ما كنت ضمن إهتماماتك والدليل إنك لما عرفتي علاقاتي مكنش ليكي أي ردة فعل غريبة، وهيبقي لك رد فعل ليه وأنا معنيش ليكي بأي شيئ
وأكملَ بألم:
_ أنا عمري ما كٌنت أكتر من بنك بالنسبة لك .
تحدثت منال بدموع:
_ إهدي يا ياسين من فضلك .
صاح بصوتٍ عالي أرعبهما وتحدث:
_بتطلبي مني أهدي إزاي وأنا اللي فيه ده أصلاً يجنن ،يعني مش كفاية إنك غشتيني وإدتيني مواصفات غلط عنها وأنا مشيت وراكي زي الأعمي، والهانم اللي مثلت عليا دور الملاك طول فترة الخطوبة ومظهرتش شخصيتها الأنانية غير بعد ما اتجوزنا للأسف،
أنا عيشت عمري كله في خناق ومشاكل وكل مرة كٌنتي تيجي معاها وتنصريها عليا، بس عمري ما كنت أتخيل إنك ممكن تضحي بيا بالشكل ده علشان راحتها .
نظر لهما وتحدث:
_إنتوا إزاي قادرين تعيشوا بكل المؤامرات والأسرار إللي جواكم دي، إزاي قادرين تمثلوا طول الوقت واللي جواكم حاجة تانية غير اللي ظاهر منكم ؟
وأكملَ بصوتٍ يتألم وهو ينظر إلي منال:
_عارفة يا أمي إيه أكتر حاجة دبحاني ووجعاني، إن كل طعنات الغدر إللي في حياتي مجتليش غير من أعز وأقرب الناس لقلبي ،مجتليش غير من حبايبي إللي مأمنهم علي نفسي وروحي
يظهر إن ذنبي الوحيد إني عاملتكم غير باقي الناس وإديت لكم الأمان، دي حتي إللي كٌنت فاكرها قطة مغمضة طلعت وحش وليه حوافر وبيخربش بيها وبيجرح
وأكملَ بوجهٍ غاضب:
_بس ملحوقة، من هنا ورايح كل واحد لازم يعرف حدوده كويس أوي، لحد هنا وكفاية ،كفاية أوي .
تحرك وخرج وصفق خلفهِ الباب بحدة زلزلت جوانب الغرفة.
إرتمت منال فوق المقعد وأجهشت ببكاءٍ مرير .
#إنتهي_البارت
#قلوب_حائرة
#بقلمي_روز_آمين




