 
						رواية قلوب حائرة لروز أمين الفصل الثاني والثلاثون
عودة إلي أكثر من عشرة سنوات ،
كان يتحرك بجدية داخل مقر عمله تحرك أمامه الظابط المساعد له وفتح له باب المصعد ليتحركوا للأسفل للذهاب إلي مهمة خارج المقر ،
دلف لداخل الأسانسير ووقف بكل شموخ ووقف بجانبه عٌمر الظابط المٌساعد وكاد باب المصعد أن يٌغلق حتي تفاجأ بفتاة تضع يدها لتمنع إغلاق المصعد وهي تنظر لهما بنظرات مٌستعطفة ،
كانت فتاه في مقتبل عمرها حوالي التاسعة عشر ترتدي حجاباً مازادها إلا جمالاً وعفة ونوراً، ثيابها محتشمة تحمي جسدها من نظرات البشر، وجهها منير كقمرٍ في ليلةٍ مٌظلمة ،عيناها بلون العسل ، شفاتاها تشبه الكرز في موسم حصاده ،
كانت بصحبة صديقتها نظرت إليه بعيون مٌترجية كقطةٍ شيراز صغيرة تتمسح بمربيها بدلال .
تحدث عٌمر الظابط المجاور لياسين بلهجة بالغة الحدة:
_ممنوع يا آنسه .
نظرت هي لعين ياسين وصوبت سهم عشقها الذي توجه لقلبهِ مباشرةً إخترق حصونهٌ المانعة ، شعر بقشعريرة تسري بجميع أنجاء جسده إنتفض قلبه وانتفضَ جسدة بالكامل
وتحدثت هي بإستعطاف ونظرة ترجي مع إبتسامة مٌهلكة هزت كيانه:
_ من فضلك الباص بتاع كليتنا هيتحرك وهيفتنا لو منزلناش حالاً بليز .
تحدث عٌمر بحدة:
_ قولت مش هينفع يا آنسه .
جاهد ياسين بإخراج صوتهِ وذلك بفضل حالة إرتباكه وسحرهٌ من تأثير عيناها الصائبة وتحدث ناظراً لها:
_ سيبهم يا عمر .
دلفت سريعاً هي وصديقتها داخل المصعد ثم نظرت له وتحدثت بإبتسامة شكر وعرفان أذابت بها ما تبقي من قلبهْ:
_ ميرسي أوي لذوق حضرتك .
نظر لها بعيون مسحورة وابتسم وأماء لها برأسهِ بإحترام .
تحدثت صديقتها بلوم:
_ربنا يستر ونلحق الباص قبل ما يتحرك، يعني كان لازم تنسي الفون بتاعك يا تايهة هانم .
تنهدت وتحدثت بيقين:
_قدر الله وماشاء فعل .
كانت تقف بمقابلة وجهه وتنظر للأسفل عيونها تشع حياة وروحها مفعمة بطاقة إيجابية هائلة حتي أنها وبمجرد دلوفها المصعد إنتشرت تلك الهالة ونشرت حالة سعادة أسعدت بها قلبه .
نظر لوجهها وانتفض قلبهْ وشعر بهزة عنيفة داخل أوصاله، وبدأت دقاته تعلو في شعور ولأول مره يغزو رَوحهْ ، تعلق بصرهِ بعيناها التي تنظر أسفل قدميها علي إستحياء أثارهْ،
نظر لملامح وجهها البرئ الذي يخلو من مساحيق التجميل التي أصبحت مٌنتشرة في زمننا هذا
إنتفض قلبه وارتعب حين توقف المصعد وخرجت هي وصديقتها بلمح البصر وأخذا بالركض السريع علهما يلتحقا بباص جامعتهم
خرج من المصعد ينظر إليها وتسوقهٌ ساقيه خلفها كالمسحور ،
نظر علي تلك التي سرقت قلبه وغادرت دون أن تٌبالي بحاله ولا حتي تٌلقي عليه نظرة الوداع ،
إستقلت الباص وجلست بجوار النافذة تحرك الباص تحت أنظار ذلك المسحور المٌطل علي حوريته وهي تبتسم وتنظر للمكان وكأنها تودعه
تحمحمَ عٌمر وتحدث علي إستحياء من حالة ياسين فأراد أن يخرجه من تلك الحالة التي لا تليق برجل بمركز ياسين
وتحدث:
_ هو فيه حاجة يا باشا ؟
أفاق ياسين علي صوت عٌمر ولكنه لم يجبه وتحرك إلي وقوف رجال أمن الحراسة وتحدث:
_تبع إيه الباص إللي لسه متحرك ده يا رجالة ؟
أجابهٌ أحد الرجال بإحترام:
_ دول طلبة كلية إعلام جايين في زيارة تدريب تبع كليتهم للإدارة يا باشا .
حك ياسين ذقنه وتحدث بإهتمام:
_تبع جامعة إيه يا أشرف ؟
أجابهٌ الرجل:
_جامعة إسكندرية حضرتك .
نظر ياسين إلي عٌمر قائلاً بطريقة آمره:
_عٌمر عاوز أجي بكرة ألاقي تقرير مٌفصل علي مكتبي بأسماء وصور وأماكن سكن كل الطلبة إللي حضروا التدريب النهاردة مفهوم يا عٌمر .
أجابه عمر بطاعة:
_إعتبره حصل يا باشا .
___________________________
ليلاً داخل الإستراحة الموجودة بحديقة فيلا رائف
كان يجلس ياسين بصحبة رائف وطارق يحتسون مشروباً ساخناً ويتسامرون ،
نظر طارق إلي رائف وهو يغمز بعينه ويٌشار بها !
نظرا إثنتيهما إلي ياسين الجالس فوق المقعد مٌبتسم علي غير العادة بعيون سارحة في الملكوت
تحدث رائف بتساؤل:
_ مالك يا ياسين من ساعة ما قعدنا وإنتَ مبلم ومٌبتسم ومزبهل كده لدرجة إن إللي ميعرفكش يقول عليك بتحب ؟
نظر إلي رائف وابتسم ووضع يداه خلف رأسه ناظراً أمامه بشرود وتحدث:
_هو ممكن الواحد يحب واحدة من مجرد نظرة لعنيها ؟
إعتدل طارق وتحدث بتسلي:
_ده شكله الموضوع كبير بقي هو الباشا بتاعنا وقع ولا إيه ؟
إبتسمَ لأخاه وتحدث بعيون لامعة نابضة بالعشق:
_ والله شكلي وقعت ولا حدش سمي عليا يا طروق ،
وأكمل بعشق:
_ عارف لما تبقي ماشي في ليل ضلمته مابتنتهيش وفجأة وبدون سابق إنذار تلاقي شمش طلعت ونورت لك طريقك وحياتك كلها ،
وبدأ بقص ما حدث وما شعر به قلبهِ المسكين من حوريته الجميلة ،
وأكمل بنبرة حماسية:
_ من بكرة هقلب إسكندرية كلها عليها لحد ما ألاقيها ووقتها بس محدش هيقدر يخرجها من حضني هخليها تحبني وتدوب فيا زي ما دوبتني فيها
ثم ابتسم وأكملَ بثقة:
_ ده إذا ماكانتش دابت فيا أساساً نظرت عيونها حلوة حلوة أوي وبتشع حياة مش معقول هكون إتهزيت وحسيت بالشعور الجبار ده لوحدي أكيد هي كمان سهم عيوني صاب قلبها ،أكيد إن شاء الله .
تحدثَ رائف بتعقل:
_هو أنت فعلاً خلاص هتطلق ليالي يا ياسين ؟
تحدث ياسين بطريقة عملية:
_ليالي دي غلطة نتيجة تسرعي وتهوري في إختيار الشريك الغلط يا رائف أنا خيرتها بين إنها تلبس الحجاب وبين الطلاق وللأسف إختارت الطلاق ،
ثم إلتفت بجسده لرائف وتحدث بأسي:
_تخيل يا رائف إنها وافقت تديني سيلا بعد الإنفصال كده عادي بشرط إني أئمن لها مستقبلها بقرشين علشان تقدر تكمل علي نفس المستوي،
تفتكر واحدة بتستغني عن بنتها إللي لسه مكملتش 3 سنين قصاد حريتها ولبسها المتحرر وشعرها تستاهل إني أعمل حسابها ف حياتي أساساً ولا دي عقلية أقدر أئمن علي نفسي وبنتي معاها دي بنت فاضية من جواها أهم حاجه عندها جمالها وحياة الرفاهية إللي عايزة تعيشها علي حسابي ،
ثم تحولت عيناه بلحظة لنظرات هيام وأكملَ حديثه بصوتٍ حنون:
_وبعدين يا رائف أنا بجد حبيت أنا أول مرة قلبي يدق وأعرف يعني إيه حب وكل ده من نظرة واحدة أمال لو إتكلمت معاها وبصت في عيوني وقالتلي بحبك ولا ،
وابتسم وأنار وجهه ولمعت عيناه بحب وأكمل:
_ولا ضمتها في حضني تفتكر وقتها هحس بإيه ؟
وابتسم بسعادة وأكمل:
_ده أتاري الحب ده طلع حاجة حلوة أوي بيدخل قلوبنا بيغسلها من أخطائها وينور لنا ضلمة حياتنا إللي عيشنا فيها كتير .
تحدث طارق بأسي:
_مش عاوزك تاخد الأمور ببساطة كده يا ياسين منال هانم مش هتسيب موضوع ليالي يعدي من بين أديها بسهولة كده،
أنا سمعتها بوداني إمبارح بتقول لأبوك علي جثتي لو الطلاق ده حصل عز باشا قالها البنت مستهترة ومش هتنفع تكمل مع ياسين قالتله دي لسه صغيرة بكرة تعقل وتعرف مصلحتها وانا هفضل وراها وهعلمها .
أجابهُ رائف بإعتراض:
_بس يا طارق الحب بيجيلنا مرة واحدة في حياتنا وإن ما مسكناش وتبتنا فيه أوي نبقي أغبية وبنخسر نفسنا وحياتنا إللي جايه كلها،
ثم نظر إلي ياسين وأكملَ مٌحفزاً إياه:
_وأنا إللي حسيته من كلامك واللي شفته في عيونك وإنت بتحكي عن البنت بتاعت الاسانسير دي بيقول إنك عشقت ودبت يا باشا فنصيحتي ليك إنك تدور عليها وتتجوزها وعيش إللي جاي من حياتك معاها علشان إنتَ بجد تستاهل تحب وتتحب يا ياسين ،
ثم حولَ بصرهِ إلي طارق وتحدث:
_خلينا صٌرحة مع بعض يا طارق ليالي وياسين زي الشروق والغروب الإلتقاء بينهم صعب ومستحيل،
ياسين راجل شديد وحكيم ومنظبط في حياته وبحكم شغله الصعب محتاج لست لينة وهادية تحبه وتقدره وتقف في ظهره ،ست لما يرجعلها أخر اليوم تمتص تعبه وتنسيه إللي شافه بره مش تكون عاتق علي ظهره
وأكملَ:
_ ليالي واحدة مخلفه بنت ومتعرفش عنها أي حاجة أصلا وكلنا شايفين ده بعيونا، سيباها لعمتها وللناني وطول الوقت ياإما في النادي مع صاحباتها أو بتعمل شوبينج ،
ده طبعاً غير خناقاتهم إللي مابتخلصش علشان سفرها لوحدها إللي عاوزة تروحه مع صاحباتها وياسين بيمانع يبقي العقل بيقول إن الخسارة القريبة مكسب يا طارق ،أخوك مش هيفضل مكمل حياته في مناوشات وخناقات ليالي اللي مابتخلصش،
ثم نظر مٌبتسماً لياسين الذي ينظر له بإبتسامة ونظرة إعجاب لتفكيرة الناضج الذي يسبق سنه وتحدث رائف:
_أنا عن نفسي مش هتجوز غير عن حب ويوم ما ألاقيه همسك فيه ومش هسيبه غير بموتي .
تحدث طارق بطريقة عقلانية:
_طب لو ماما صممت علي رجوع ليالي ؟
أجابهٌ ياسين ببرود:
_تتفضل ترجع أنا مش ممانع بس هترجع زوجة تانية، هتجوز إللي حبيتها وهعيش حياتي معاها أنا عمري هعيشه مرة واحدة ولازم أدور علي راحتي مع واحدة بحبها وبتحبني مش هربط حياتي أنا بواحدة أنانية كل إللي يهمها راحتها وسعادتها هي وبس،
ثم وقف بإنتشاء وتحدث :
_أنا طالع أنام وبكرة الصبح هعرف كل حاجة عن حبيبتي تصبحوا على خير .
______________________________
اليوم التالي علي التوالي كان يجلس فوق مقعد مكتبه يٌمسك بيده تقريراً عن فتاته التي إخترقت قلبهِ بسهم عِشقها ،
نظر لصورتها وتحدث بهيام و ابتسامة حب:
_مليكة سالم عثمان أهلاً بكِ مليكتي داخل قلبي العاشق ،أنرتي حياتي غاليتي ، أه مليكة كم بريئًٌ وجهكِ يا فتاة ساحرةً عيناكي ومبتغاي،
أشعر أنكي ستكونين لي داري ومقداري، سكني وسكينتي،هدوئي وجنوني، سأعيش معكي عمريَ الضائع قبلك، سأجعلكي تذوبين عشقاً بي،ستعشقينني مليكة وهذا وعدي لكي أميرتي .
أفاق من شروده علي خبط فوق باب مكتبه أمر الطارق بالدخول دلف للداخل صديقً له يدعي أمير
جلس أمير وتحدث:
_جهز نفسك ياباشا لسه جاي من مكتب رئيس الجهاز وقالي أبلغك إننا هنسافر بكرة علي السويد في المأمورية إللي كان بلغنا بيها من كام يوم
إقشعر وجه ياسين وتحدث بضيق:
_يا نهار أبيض ده أنا نسيت الموضوع ده خالص أكيد السفر بكرة ؟
أجابهُ أمير بإيماء:
_طبعاً يا ياسين أكيد بقولك لسه خارج حالاً من مكتب الريس وأكيد هيبلغك بنفسه دلوقتي، المشكلة دلوقتي مش في السفر يا ياسين المشكلة في المدة الريس قال لي إحتمال المدة توصل ل أربع شهور أو أكتر .
زفر ياسين بضيق واقشعرت ملامحه ودق بقلمه علي مكتبه .
بعد ساعتين كان يجلس بمقعد سيارته أمام جامعتها ينتظر خروجها ليراها ويٌخمد أنين قلبه الذي لم يصمٌت لحظة مٌنذ البارحة حين التقاها داخل المصعد ،
كان مصوبًا عيناه علي بوابة الخروج وفجأة ظهرت أمامهٌ بجمالها وبلحظة صنعت هالة من السحر حولها ،
إنتفض قلبه وارتعش جسدهِ بسعادة،قفز قلبه من مكانه ودَ لو يتركه ويطير إليها يحتضنها ويشدد من ضمتها ليهدئ ولو قليلاً ،
كانت تخرج وسط صديقاتها وتبتسم بسحرٍ لم يري مثله بكامل حياته
مميزةٍ أنتي محبوبتي
كانت ترتدي ثوباً فِضفاضاً ممتزج من اللونين الأبيض والأزرق وترتدي حجاباً أبيضً في مظهر أظهرها كملاك لهٌ هالة وطلة ،
تنهد براحة وانتشاء وهو ينظر لعيناها الساحرة ،ياالله كم أنتي بريئة معشوقتي؟ماذا فعلتي بي أيتها الصغيرة ؟
من أين لكي كل هذه السلطة كي تضعي قيودكِ فوق قلبيَ وتجعليه مسكيناً ومنصاعاً هكذا لأمر عشقك؟
أحبك صغيرتي أحبك بل أعشقك،
كيف ومتي حدث هذا ؟
أنا لا أدري ،
تحركت بخفة ورشاقة تحت أعين ذلك العاشق المسكين إستقلت سيارة مستأجرة كانت تنتظرٌها ومكثت بالمقعد الخلفي بجانب النافذة وانطلق السائق،
وانطلق ياسين خلفها مٌنساقاً لأمر قلبهٌ العاشق ،
إقترب من سيارتها وجدها ساندة برأسها علي زجاج النافذة وقد بدأت السماء بنزول قطرات المطر الجذابة ،
إبتسمت بسعادة فائقة وأنزلت زجاج النافذة ونظرت بفرحة ومدت يدها بحركة طفولية تستقبل بها قطرات المياه العذبة ،
كان كل هذا يحدث أمام ذلك المٌبتسم سعيد القلب والوجه ،
ودَ لو يوقف سيارتها ويندفع إليها وينزلها ويحتضنها ويرفعها بين يداه ويدور بها تحت قطرات المطر بسعادة ،لكنه تمالك من حاله بصعوبة،
وأجل لحظات جنونه لحين عودته من سفره المفاجئ الذي لم يكن بالحسبان ،
ضل يراقبها حتي توقفت سيارتها ونزلت منها وتحركت لداخل عقار سكنها ودلفت وبلحظة أختفت عن عيناه ،
حينها صرخ قلبه مٌطالباً إياه بالهرولة خلفها تمالك حاله لأبعد الحدود وقاد سيارته عائداً إلي منزله كي يحضر حقيبة سفره المفاجئ تحت صياح منال التي طالبتهٌ بإرجاع ليالي قبل سفره لكنه كعادته لم يٌعِرْ حديثها إهتمام وأبلغها أنه إنتوي طلاق ليالي حين عودته من سفره ،
سافر ياسين ومكث بسفره هذا ما يقارب علي الأربعةِ أشهر،
وطيلة هذه المدة لم تغب فتاته عن خاطره، كانت صورتها محفورة بذاكرته ، إبتسامتها الجذابة، عيناها الساحراتان ،صوتها العذب، رقتها الغير معهودة لديه ،
وطيلة هذة المدة كان يذهب لصانع جواهر فريدة إستمع بوجوده هناك وطلب منه صنع خاتم فريد النوع حتي يٌقدمه لخطبة فتاة أحلامه بعد أن إستعلمَ عن مقاسها بطرقهِ الخاصة ،
إنتهي ياسين من مهمته بنجاح باهر كالعادة ورجع إلي أرض الوطن وكالعادة لم يٌخبر أحد بموعد رجوعه لسرية وحساسية موقعه
هبط هو ورجاله من طائرتهم الخاصة بالجهاز إستقل سيارته التي كانت داخل جراج المطار،
لم يستطع صبراً علي رؤيتها فكفي علي قلبه البعاد فقد تحامل كثيراً عليه وحان الآن أن يلبي ندائاته وصراخه المستديم مطالباً برؤيتها واحتضان قلبها،
إنتوي أن يتحدث معها اليوم ،قرر أن يقف أمامها وبكل جرأة يعلن لها عن ما فعلته به تلك الساحرة الصعيرة ويطلبها لكي تصبح شريكته بمشوار حياته ،
وصل إلي مقر جامعتها إنتظر وانتظر حتي جاء موعد خروجها
وهلت شمس الحياة مرةً أخري عند رؤياها ،
كانت تشبه ملاك بطلتها البريئة البهية ،نظر عليها وصرخ قلبهٌ مٌطالباً إياهٌ بالذهاب إلي حضرتها، إبتسمَ تلقائياً وانتفضَ داخله، إرتعش جسده ودقَ قلبهْ بأعلي وتيرة لهْ،
همَ بالنزول وكادَ أن يفتح باب سيارته لكنه تسمرَ مكانه وتخشبَ جسده عندما رأي رائف يقترب عليها بعيون سعيدة ووجهٍ مبتسم،
قابلتهٌ هي بنظرة عين لفتاةٍ عاشقة حتي النخاع،مد لها يده واحتضنت الأيادي وتقابلت العيون وتحدثت بلغة العاشقين،
كل هذا كان يحدث أمام ذلك المصدوم مما تراهٌ عيناه، ضل ساكناً الجسد والملامح ينظر عليهما بقلبٍ مٌمزق وعقلٍ مشوش يرفض تصديق ما تراهٌ عيناه ،
بعد مرور بعض الوقت صعدت مليكة سيارة الأجرة التي تستقلها يومياً تحت أنظار رائف العاشقة ،
إنسحبَ من المكان بخيبة أمل مما رأتهٌ عيناه ولكن بقي داخلهٌ جزء يرفض التصديق ويمدهٌ بالأمل الكاذب،
رجع لمنزله وصعد لجناحه أخذ حماماً ساخناً وجلس يفكر فيما رأه بقلبٍ حزين .
_______________________
داخل مسكن ليالي كانت تجلس منال وشقيقها أحمد وقِسمت زوجة أحمد وليالي
تحدثت ليالي بكبرياء ونبرة متعالية:
_ريحوا نفسكم رجوع تاني لياسين أنا مش هرجع أنا أصلاً خلاص مبقتش طايقة العيشة معاه،
ده واحد مغرور وعاوز الدنيا كلها تمشي علي مزاجه أنا خلاص إتفقت معاه هيأمن لي مستقبلي وياخد بنته يربيها براحته من غير مشاكل .
تحدثت منال بغضب:
_إنتي مش مكسوفة من نفسك وإنتي بتقولي بنته ؟
أشارت لها بيدها بتأفأف .
تحدث أحمد بعقلانية:
_طب أنا عندي إقتراح أنا شايف إنك تلبسي الحجاب لحد مايهدي وبعدها إبقي إقنعيه واخلعيه عادي .
نظرت لهٌ قِسمت وتحدثت بإستعلاء:
_إيه التخاريف إللي إنتَ بتقولها دي يا أحمد أنا بنتي تلبس القرف ده وتدفن جمالها وشبابها تحت حتة قماشة وليه ده كله علشان ترضي راجل عينه زايغة وكل يوم والتاني ف حضن واحدة شكل .
نظرت منال بغضب إلي ليالي التي إبتلعت لُعابها بخجل وتحدثت بحدة:
_أوام جيتي بخيتي سمك وحكيتي لمامتك والله عيب عليكي .
تحدث أحمد مٌستفهماً:
_ هي إيه الحكاية بالظبط ؟
أجابتهْ قِسمت بإستهزاء:
_الحكاية إن بنتك أجرت واحد من شركة أمن كبيرة علشان تشوف البيه المحترم بيقضي معظم وقته فين وسايبها واكتشفت إن البيه عنده شقة سرية وشهرياً علي الأقل بيتجوز فيها واحدة عرفي .
إنتفضت منال بغضب وتحدثت:
_ طب ولما بنتك جت وقالتلك علي السر الخطير ده مسألتهاش جوزك بيعمل كده ليه وإيه اللي باعده عنك كده ؟
وأكملت بقوة:
_أنا بقي أقولك يا قسمت الهانم طول الليل حاطة ماسكات ولفة شعرها وجايبة البنات يعملولها باديكير ومانيكير علشان تخرج تاني يوم في أبهي صورة قدام صاحباتها وتبهرهم بجمالها إللي مالوش زي،
الهانم اللي مقضيه وقتها ما بين النوادي والشوبينج وعندك هنا وراميه بنتها للشغالين ،الهانم متعرفش حاجة عن جوزها ولا بتشوفه غير لما تحتاج فلوس لطلباتها إللي مبتخلصش،
وأكملت بغضب عارم:
_إبني عمره ما كان كده ،إبني معملش كده غير بعد ما عاشرك، وكأنه بيدور علي الست اللي ملقهاش فيكي ياسين بيدور علي الحب والإهتمام إللي للأسف ملقهوش عندك ،
وإنتي بدل ما تفوقي بعد إللي عرفتيه وتحاولي تصلحي من نفسك وتقربي من جوزك جاية تفضحيه وتفشي سره عند مامتك!
ثم نظرت لها ولقِسمت وتحدثت:
_ونصيحة مني يا قسمت إنتي وبنتك بلاش ترغوا ف الكلام ده علشان ياسين لو عرف أنا نفسي مش هقدر أقف قدام غضبه واللي هيعمله معاكم .
وقفت قسمت وتحدثت بكبرياء:
_إنتي بتهدديني يا منال .
وقفت منال وحملت حقيبتها وتحدثت بحدة:
_ إحسبيها زي ما أنتي عاوزة ،
ونظرت إلي ليالي وتحدثت:
_ يظهر إني غلطت من الأساس إني رشحتك لإبني وشكرت له فيكي وغشيته، بس ملحوقة مش عاوزة تطلقي النهاردة ورقتك هتكون عندك وأنا بنفسي إللي هبعتها لك علي هنا ويكون في علمك أنا إللي منعت ياسين إنه يطلقك طول الفترة اللي فاتت .
تحركت وكادت أن تخرج جرت خلفها قسمت وتحدثت بتراجع:
_إهدي يا منال الأمور متتاخدش بالطريقة دي وبعدين طلاق إيه إللي بتتكلمي عنه، إحنا مش عاوزين طلاق كل اللي عاوزينه إن ياسين يهدي علي البنت شوية ويسيبها بحريتها ويتراجع عن فكرة الحجاب دي كمان .
إبتسمت ساخرة وتحدثت:
_قصدك إنتي وبنتك عاوزين راجل تحركوه بالريمود كنترول للأسف يا قِسمت الراجل اللي بتدوروا عليه مش ياسين المغربي خالص .
تحدث أحمد بإنكسار :
_ويرضيكي بنت أخوكي تاخد لقب مطلقة وهي لسه في أول حياتها إنتي كده بتقضي علي مستقبلها يا منال .
نظرت لهٌ بإستغراب وتحدثت:
_أنا يا أحمد اللي بقضي علي مستقبلها ! دي بنتك من جبروتها ياسين بيهددها علشان تتراجع وتسمع كلامه وبيقول لها لو إطلقنا سيلا هتبقي معايا ،
ردت عليه بكل برود وجبروت قدام عز وقالتله وأنا موافقة لكن بشرط تأمنلي مستقبلي دي خلت رقبتي قد السمسمة في وسطهم وف الأخر تقولي انا إللي بدمر مستقبلها ده أنا ربنا يعلم بعمل إيه علشان أغطي علي فشلها قدام ياسين وإهمالها في بنته .
بعد ذهاب منال دلفت قسمت غرفة ليالي وجدتها تستمع إلي موسيقي غربي وتتراقص وتتمايل بجنون أغلقت قسمت مٌشغل الموسيقي وتحدثت لإبنتها:
_فوقي لي كده وأسمعي الكلام إللي هقولهولك ده كلمة طلاق دي مش عاوزة أسمعها منك نهائي مفهوم، بقي عاوزة تسيبي العز ده كله وتيجي تقعد لي هنا .
تأفأفت ليالي بملل وتحدثت:
_يووو يا مامي متزهقنيش بقي صدقيني إللي إسمه ياسين ده مينطقش ده تٌقله ومغرور وكفاية إنه حارمني من المتعة الوحيدة اللي بحبها وهي السفر مع صاحباتي،
يا مامي أنا طول الوقت حاسة إني أقل من صاحباتي، ممنوع أسافر زيهم ممنوع أسهر لوحدي معاهم، يا مامي حسي بيا أنا مخنوقة أوي لا وكمان عاوزني أقعد وأكون خدامة لبنته،
وأكملت بإشمئزاز:
_ده أنا لحد النهاردة مش قادرة أنسي أنه أجبرني أرضع أيسل من صدري وبوظ لي شكله وشكل جسمي كله وقعدت فترة طويلة أتمرن لحد مارجعت جسمي لشكله تاني بجد يا مامي العيشة معاه صعبة جداً .
تحدثت قِسمت بجدية:
_يمكن ياسين صعب وراجعي ومتحكم شوية ،لكن مش هتلاقي واحد يحقق لك كل أحلامك ويصرف عليكي بالبزخ ده زيه، وبعدين متنسيش إنك لو إطلقتي فرصتك في الجواز من حد كويس هتكون ضئيلة جداً
وكمان بنتك إللي إنتي سايباها دي إيه مفكرتيش فيها مبتحنيلهاش أنا مش فاهمة أصلاً إزاي قادرة تقعدي من غيرها كده ؟
زفرت بضيق وتحدثت:
_ما عمتو بتجيبها لي كل فترة أشوفها يا مامي ده أنا يمكن بشوفها هنا أكتر ما كنت بشوفها هناك .
تحدثت قسمت بحزم :
_ليالي إعقلي بقي وفكري في مصلحتك ومصلحة بنتك ،ده ياسين المغربي يعني المستقبل والفلوس كلها ،ده بيترقي بسرعة الصاروخ ،ولا مكافآته وامتيازاته اللي شغله مديها له ،أخر كلام مفيش طلاق وهترجعي معاه وأنا هخلي بابي يقنعه بإنه يلغي فكرة الحجاب دي .
زفرت ليالي بغضب وتحدثت:
_وبالنسبة لجوزاته اللي عرفتها دي كلها لو اتعرفت للناس تقدري تقولي لي شكلي هيكون عامل إزاي ، هيقولوا لي لي العشري بجمالها وسحرها جوزها سايبها ورايح يبص لغيرها ؟
أجابتها قسمت بحذر:
_تعاملي مع الوضع ولا كأنك عرفتي حاجة أولاً لأن ياسين لو عرف هيخرب الدنيا زي ما عمتك قالت، متنسيش انه في مركز حساس وإنتي وبكل غباء روحتي سلمتي كل بياناته وتحركاته لشركة أمن خارجية وبسهولة جداً ممكن توصل كل اللي عرفته عنه للجهات عندهم، إنتي أصلاً المفروض تحمدي ربنا إنه معرفش ،
ثانياً بقي وده المهم إن ياسين حريص جداً يعني محدش يعرف بعلاقاته دي ولا هيعرف وبكده تطمني من جهة شكلك قدام الناس وترجعي تعيشي ملكة وتستفادي علي قد ما تقدري بمركز ياسين وفلوسه وده أخر كلام عندي يا لي لي فاهمة ؟
زفرت بضيق وهزت رأسها بإيماء مٌجبر .
___________________________________
مساءً
كان ياسين يجلس داخل حديقتهِ بعقلٍ شارد يفكر بقلبٍ مٌمزق فيما شاهده، وجد رائف أمامه وقف واحتضنه بتيهة
وتحدث رائف بإبتسامتهٌ البريئة:
_إيه يا أبني فينك من وقت ما وصلت جيت لك مرتين وسألت عليك قالو لي نايم إيه مكنوش بينيموك هناك ولا إيه ؟
كان ينظر له بقلبٍ يتوجع من شدة الألم كاد أن يسأله ولكن رعبهٌ من تأكيد ما رآهٌ بأم عينه منعه،
جلس رائف وتحدث بنصف عين :
_مالك يا ياسين فيك حاجة متغيرة إنت تعبان ؟
أجابهٌ ياسين بإقتضاب:
_مفيش مرهق شوية من الشغل .
أجابهٌ رائف بإهتمام:
_سلامتك يا حبيبي ،
ثم إبتسم رائف بسعادة وبلحظة لمعت عيناه وأمسكَ يدهٌ وتحدث:
_لقيتها يا ياسين لقيت نصي التاني .
نزلت الكلمة علي قلبهِ المِسكين قطعتهٌ إرباً ومزقتهْ ،جاهدَ في إخراج صوته وتحدث:
_عرفتها إزاي وإمتي يا رائف؟
أجابهٌ رائف بعيون لامعة:
_بعد ما أنتَ سافرت بحوالي إسبوعين كان عيد ميلاد واحدة صاحبتها كنت يومها سهران ف الكافيه اللي فيه العيد ميلاد وببص حواليا لاقيتها واقفة لما عيني جت في عينيها حسيت بكهربا لمست في جسمي كله ،
ثم أكملَ بهيام:
_عيونها حلوة أوي يا ياسين ،عيونها سحرتني وشدتني لدنيا عمري ما عرفتها غير معاها عيون مليكة .
نزلت كلماته كصاعقة كهربائية علي قلبه تمالك من حاله وتحدث:
_وهي بتحبك ؟
أجابهٌ بعيون عاشقة:
_ما بتنامش غير لما تسمع صوتي وجودي بقي بالنسبة لها الحياة ،
ثم أكملَ:
_كنت مستنيك ترجع علشان أحكي لك عاوزك تبقي معايا وأنا بكلم عمي عليها،
أكملَ رائف:
_بعد شهرين أخوها هييجي من السفر و ونروح نخطبها بقيت بحلم باليوم إللي تكون فيه ملكي يا ياسين أخوك داب وعشق ولا حدش سمي عليه
تمالك حالة ووقفَ وأمسك يده وسحبهٌ داخل أحضانه وربتَ علي ظهره بحنان قائلاَ:
_ مبروك يا حبيبي مبروك يا غالي .
_____________________________
في اليوم التالي علي التوالي ضغطت منال علي ياسين وعز حسب الإتفاق مع شقيقها وذهبوا جميعاً إلي منزل أحمد .
تحدث ياسين بحدة:
_ أنا لسه عند طلبي يا خالي شرطي للرجوع إنها تلبس الحجاب ومفيش نوادي وسهر برة البيت تاني ،وتقعد في البيت زيها زي أي أم طبيعية وتهتم ببنتها .
تحدث أحمد:
_خلاص يا إبني ليك عليا انها متخرجش كتير من البيت وتهتم ببنتها .
تحدث ياسين موكداً:
_والحجاب قبل كل ده يا خالي .
تحدثت قسمة بتحدي:
_أنا مش فاهمة يا ياسين إيه إللي طلع الموضوع ده في دماغك مرة واحدة كده أظن إنك لما جيت تخطبها مكانتش محجبة وكنت موافق ومرحب ممكن تقولي إيه بقي إللي إتغير ؟
أجابها ياسين:
_ربنا نور بصيرتي حضرتك وفهمت ديني كويس مش عيب إننا نغلط ونذنب،العيب هو إننا نستمر في الغلط وإرتكاب الذنوب ومنتراجعش عنها ولا إيه رأي حضرتك ؟
تحدثت ليالي بضيق وتحدي:
_ وأنا مش مستعدة أفقد جمالي وأخبيه تحت قماشة ملهاش أي قيمة عندي لمجرد تحكمك فيا !
نظر لها ياسين ببرود وتحدث:
_يبقي نتطلق يا ليالي .
نظرت لهٌ منال وتحدثت بغضب:
_ مفيش طلاق هيحصل يا ياسين إهدي كده وخلينا نتفاهم بالعقل .
أجابها ياسين:
_مفيش تفاهم في الموضوع ده يا أمي الموضوع أساساً بالنسبة لي محسوم ومش محتاج نقاش .
كان عز ينظر لهم ويستمع بصمتٍ تام .
نظرت له ليالي وتحدثت بغضب:
_ هو أنتَ كمان إللي بتتشرط وبتهدد بالطلاق مش كفاية إني متحملة عصبيتك وتحكماتك الفاضية وشخصيتك الغريبة إنتَ المفروض تشكرني إني متحملاك أصلاً
صاح بها ياسين وتحدث ساخراً:
_إنتي اللي متحملاني يابنتي أنا لولا أمي وخالي كنت طلقتك من تاني شهر إتجوزنا فيه إحنا يعتبر متجوزين علي ورق يا ماما ،
بلاش إهمالك ليا أنا قادر عليه تقدري تقولي لي بنتك فين من حياتك ؟
ثم نظر للجميع وتحدث:
_ هو فيه أم طبيعية تسيب بنتها اللي مكملتش 3 سنين خمس شهور وهي متعرفش عنها حاجه؟
إرتبكت ليالي وتحدثت:
_لا طبعا بشوفها عمتو بتجبها لي كل إسبوع مرة .
ضحك ساخراً وتحدث :
_لا والله كتر خيرك تاعبينك معانا إحنا يا مدام،
ونظر إلي أحمد مٌتحدثاً ليٌنهي تلك المسرحية الهزلية بالنسبة له:
_خالي أنا هطلق شوف طلبات حضرتك إيه وأنا تحت أمرك في أي حاجة.
صاحت منال بغضب :
_قولتلك إنسي موضوع الطلاق ده خالص يا ياسين إنتَ عاوز تشمت الناس فيا ،
ثم أحالت بصرها إلي عز وتحدثت:
_ماتتكلم يا عز إنتَ قاعد ساكت ليه ؟
تحدث عز بلا مبالاة:
_أتكلم أقول إيه يا منال راجل ومراته بيتكلموا أنا إيه دخلي .
تحدثت بغضب :
_بقي كده يا عز ،
وأكملت بتهديد:
_ طب يكون ف علمك يا ياسين طلاقي من باباك مرتبط بطلاقك من ليالي إيه رأيك بقي ؟
تحدث عز غاضباً:
_إنتي إتجننتي يا منال إيه التخاريف إللي بتقوليها دي ؟
صاحت بغضب ودموع كاذبة:
_ اللي سمعتوه بقي ما انا مش هقعد أتفرج علي بيت إبني وهو بيتهد وأقف ساكتة ،
بعد مناقشات ومناورات كثيرة إتفق خاله علي انه سيتحمل ذنب عدم إرتداء إبنتهِ الحجاب أمام الله ،
ورغم عدم إقتناع ياسين بهذا الحديث إلا أنه وافق بعد ضغط عز ومنال عليه حتي ينهوا هذه المناقشة الغير مجدية بالنفع ،ورجعت ليالي إلي منزلها بعد مكوثها بمنزل أبيها الذي طالَ لمدة خمسة أشهر .
____________________________
بعد شهرين
كانت خطبة رائف ومليكه
إقتربَ ياسين من مليكة وهو ينظر لها بقلبٍ ممزق
تحدثَ رائف بإبتسامة وهو يٌشير إلي ياسين:
_أعرفك بقي بأخويا الكبير وأبويا الروحي ياسين باشا المغربي وحش المخابرات إللي مشرفنا ف كل مكان .
مدت مليكة يدها بإبتسامة جذابة وتحدثت بإحترام:
_أهلاً يا أبيه، ده طبعاً لو حضرتك تسمح لي أقولها لك ؟
غرست كلماتها كالخنجر البارد داخل قلبهٌ المسكين ومد يدهٌ وهو يبتسم وتحدث:
_إنتي تقولي إللي إنتي عاوزاه يا مليكة مبروك .
أجابتهٌ بإبتسامة ساحرة:
_ ميرسي كتير لحضرتك .
تمزق داخله وإنصدمَ من عدم معرفتها له ،كيف لكي أن لا تتعرفي لتلك العينان التي ذابت عشقاً عند رؤياكي ؟
كيف مليكة كيف ؟
_____________________
عودة للحاضر
كانت تستمع له ودموعها تنذرف من عيناها بغزارة وهي تٌشاهد ألمه ودموعهٌ المحتجزة داخل مقلتيهِ تأبي النزول إمتثالاً لكبريائها، وهو يتذكر ويخرج ألم السنين الذي دفنهٌ داخل صدره أعوامً وأعوامْ .
إقتربت عليه وتحسست وجنتيه وتحدثت بتأثر وأسي وأسف:
_أنا آسفة يا حبيبي سامحني يا عمري أنا غبية ، إزاي مقدرتش أشوف حبك وألمك ده كله إزاي ؟
وأردفت عاتبة:
_وأنت يا ياسين ليه مقلتش ليا أول ما أتجوزنا ليه يا حبيبي ليه ؟
هز رأسه وتحدث:
_ مكنش ينفع يا مليكة مكنش ينفع قبل ما أتأكد من حبك ليا الأول وإلا كنت هبقي ببتز عواطفك وساعتها كنت هصعب عليكي وتشفقي عليا وده اللي عمري ما كنت هقبله علي كرامتي أبداً ،
ثم نظر لها بأسف وندم وتحدث:
_علي فكرة يا مليكة، أنا مش وحش والله أنا عمري ما كنت راجل شهواني بدليل إني عمري ما لمست ست قبل ليالي، أنا كتت بدور علي إللي ناقصني صدقيني،
وهز رأسهٌ بنفي قائلاً:
_ ومقصدش أبداً المعاشرة خاااالص أنا كنت بدور علي السكن والسكينة ،كنت بدور علي الراحة والهدوء والحب إللي ملقتهمش عند ليالي واللي ربنا يعلم أنا حاولت معاها قد إيه علشان تبقى لي سكني وأكون لها وطن،
لكن للأسف ليالي عاملة زي آله إلكترونية وعارفة ومحددة في حياتها إيه هي أولوياتها، ماشية بمبدأ نفسي ثم نفسي ثم يذهب الجميع إلي الجحيم،
وأكملَ :
_أنا كنت بدور علي الحب إللي لو كنت لقيته في واحدة من إللي كنت بتجوزهم كنت كتبت عليها رسمي وأعلنت جوازنا وعشت معاها ورضيت، بس للأسف ملقتهوش في ولا واحدة منهم،
كنت بهرب من ليالي ألاقي ليالي تانية قدامي لدرجة إني إبتديت أشك إن ممكن يكون فيه ست بتحب راجل لشخصه وقلبه مش ماله ومنصبه،
ونظر لها بعيون مغيمة وتحدث:
_ دورت كتير وكتير وأتاريني كنت بدور عليكي يا مليكة، كنت بدور عليكي بينهم،
ثم أحاط وجهها بكفيه وقبل شفاها بقبلة سريعة واعتدل ونظر بعيناها ومازال مٌحتضناً وجهها بعناية وتحدث بصدق:
_ أنا من يوم ما شفتك في الأسانسير وأنا حرمت عليا جنس الستات واكتفيت بيكي في قلبي، حتي بعد ما أتأكدت إنك بقيتي مُحرمة عليا زي تفاحة أدم إكتفيت بحبك وخبيته بين ضلوعي بعيد عن كل العيون، حبك كان كافي يعيشني إللي باقي من حياتي في سلام .
إحتضنته بشدة ودموع وتحدثت:
_ خلاص يا ياسين كل الألم والحزن عدي خلاص واللي جاي كله سعادة وفرحة لينا، هعوضك عن كل لحظة ألم عشتها في بعدي عنك، من هنا ورايح أنا سكنك وسكينتك،هدوئك وجنونك، أنا عشقك المولود من جديد يا حبيبي،
إحتضنها بشدة وضمها لصدره ليريح قلبهٌ العاشق لضمتها وضلا معاً يتسامران بكلام الغرام وضل يٌسقيها من عشقهٍ المٌميز لها
عشق الياسين لمليكته .
◇◇◇◇◇¤◇◇◇◇◇
داخل مدينة أسوان
كانت تستقل قاربً صغيرً يتصل بشراع عالي ويجاورها ذلك العاشق الحيران مابين قلبه الذي ينبض بعشقها البرئ الذي يٌشبه ملامِحٌها وبين العقل الذي يٌرجح بقائهٌ مع تلك السالي حتي يفي بوعده لها وألا يطعنها بخنجر الخيانة مثلما يحدثهٌ ضميره ،
كانت تقف مٌمسكة بالحبال ونسمات الهواء المنعشة تداعب رموش عيناها السمراء الكثيفة
نظر إليها كالمسحور كعادتهِ بحضرتِها وتحدث:
_ حلو أوي المركبة أم شراع دي ،
نظرت له بإبتسامتها الجميلة وتحدثت:
_أول مرة تركب مركب بشراع ؟
إبتسمَ لها وأجاب:
_الحقيقة أه، أنا أساساً كنت فاكرها إختفت من زمان عمري ما شوفتها غير في الأفلام الأبيض وأسود .
ضحكت بوسامة وتحدثت بفخر :
_عندنا تلاقي كل شيئ لسه أصيل
الأرض أصيلة والنيل أصيل ولسه مايته صافية وزرقا ما أتلوستش
والناس لسه الطيبة ساكنة قلوبهم والحب ساكن ملامحهم ،عندنا تلاقي الفلاح الأصيل والأرض العفية إللي بتطرح خير يكفي ولادها ويفيض، وتلاقي الفلاحة الأصيلة وريحة خبيزها اللي بياكل منه كل شارعها
وأشارت بيدها وضحكت مٌكملةً:
_والمركب لسه بشراعها وبتمشي بفخر جنب اليخت الفاخر والمطعم العائم من غير ما تتكسف ولا حتي تستخبي .
كان ينظر لها بسحر وتحدثَ بإنبهار وتعجُب:
_إنتي إزاي روحك جميلة أوي كده؟
إزاي بتقدري توصفي كل حاجة وتضيفي عليها لمستك إللي بتحليها وتخليها غير !
وابتسم وتحدث:
_إنتي حلوة أوي يا عاليا، إنتي فعلاً عاليا .
إبتسمت خجلاً وتحدثت لتُغير مجري الحوار:
_ طب يلا بينا علشان نرجع إسلام وماما مستنينا هنروح أرض خالو اللي علي حدود النيل، هأكلك أحلي دره مشوي وأحلي شاي عصاري دوقته في حياتك، شاي أصلي معمول علي القوالح مش شاي الكاتيل اللي ملوش لا طعم ولا ريحة
وبالفعل بعد قليل كان الجميع يجلس وسط الخضرا والماء والوجوه الحَسِنة،
كان مٌمسكً بكوباً من الشاي يتذوقه ويشتم رائحتهْ وهو مغمض العينان من شدة إستمتاعه .
تحدثت إبتسام بدعابة:
_إيه رأيك بقي في الشاي بتاعنا يا أستاذ شريف .
أجابها وهو مبتسم وسعيد:
_بصراحة طعمه وهم، الفحم مدي له رونق ونكهة فريدة من نوعها، أنا أول مرة أشرب شاي بالطعامة دي .
وقفت علياء بسعادة وتحدثت بمرح:
_أنا هروح أقطف حبة يوستفندي من الشجر يا خالوا لحد ما تشوي لنا الدُره .
وقف سريعً ولم يبالي بمن حوله قائلاً:
_ هو أنا ممكن أجي أقطف اليوستفندي معاكي .
تحدث خالها بترحاب:
_روح يا ولدي الأرض أرضك والجنينة وأصحابها تحت أمرك .
أماء له بإحترام مٌتحدثاً بشكر:
_العفو حضرتك، بجد مٌتشكر جدا .
وتحرك بجوار تلك المنطلقة المليئة بالحياة وبدأ بقطف الثمار معاً
كانت تقف علي أطراف أصابع ساقيها وتعلو بقامتها في محاوله منها بالتمكن من إمساك بعض الثمار وقطفها
أمٌسكَ بفرع الشجرة المملوء ببعض الثمار وقربهٌ منها حتي إلتصقت يداها بالثمار ،
نظرت له وتاها معاً ف بحور عيناهما الساحرة ضلا ينظران إلي بعضهما نظرات هائمة ودقت القلوب وتناغمت علي أوتار عشقهما الوليد،
كان قلبهٌ ينبض بشده مطالباً إياهٌ بمصارحتها بعشقها الذي غزيْ قلبه ،
فقد أعلن القلب عصيانه وتمردَ علي العقل
وما كانَ حالها بأفضلِ منهْ فصرخ قلبها مطالباً إياهٌ بالرحمة ،الرحمة بالله ألم يشفق عليْ قلبك الطاغي؟
تحدث قل لي ما يراود خاطرك ؟
أحبك شريف بل أعشقك رجٌلي ورجٌلْ أحلامي قولها لي وأرح قلبي العاصي،نعم فقد عصاني ذلك القلب وعصي عقلي وانجرف وراء مشاعري فعشقكَ بجنون
كان يشعر بها وبحيرتها وعيونها المتسائلة ولكن هو ليس بالشخص الذي يوعد بشيئٍ لم يتأكد بعد من حدوثه،
حدثتها عيونه:
_كٌفي عني عيناكٍ غاليتي فليس لدي القدرة علي تحقيق مٌرادِك الغالي فلم يحٌن الأوان بعد ، الصبر عليائي فقط أطالبكي بالصبر صغيرتي، فلتتحملي معي فلم يعد يتبقي سوي القليل وهذا وعدي لكي عليائي .
فاقا إثنتيهما بإرتباك من تلك النظرات والعيون المٌتحدثة علي صوت إسلام وهو يتحدث:
_كل ده بتقطفوا حبة يوستفندي أمال لو هتجمعوا لنا قفص كنتوا عملتوا فينا إيه ؟
إبتسمت علياء وتحدثت خجلاً :
_أنا هروح أغسلهم وهحصلكم
تحركت سريعً وتحركَ شريف بجانب إسلام
وبعد قليل كان الجميع يتناولون ثمار اليوستفندي وحبات الذرة بسعادة وانتشاء مع إطلاق الضحكات لتلك القلوب البريئة التي لم تستطع هموم الدنيا علي تلويثها
قضي جلستهم بين ضحكات ومرح ونظرات عاشقة منتظرين غدٍ أفضل بإذن الله
إنتهي البارت .
#قلوب_حائرة
#روز_آمين




