رواية جراح الروح لروز أمين الفصل السادس والعشرون
🔹️البارت السادس والعشرون 🔹️
وأخيراً جاء اليوم المنتظر والذي طال إنتظارة لتلك القلوب المٌرهَقه
إصطحبَ سليم فريدة وعايدة وأحبائهم منذ الصباح الباكر إلی الأوتيل الذي سيقام به الحفل حيثٌ إحتجز لها سليم Suite لتتجهز به وتتأهب لتلك الليلة الموعودة التي طال إنتظارها لكليهما
وبعد عودتهِ إلی المنزل هاتفها وأطمئن عليها ودلف لغرفته لإخذ قسطاً وافراً من الراحه حتی يستعد لليلتهِ مع معشوقة عيناه وساحرتة
أما ريم التي كانت تهيمٌ فرحاً بعدما علمت من والدها أنه قام بدعوة دكتور صادق وأسرتة لحضور حفل زفاف سليم،
كانت تتأهب لتظهر بأبهی صورة لها أمام مراد، لما ؟
هي لا تعلم !
ولكن كان يراودها شعور بالقلق من تواجدها بجانب حسام أمام مراد،ورؤيته لها بصحبتهِ
خرجت من غرفتها وجدت حسام يجلس بجوار والدتها، صمتا كلاهما عند خروجها وإقترابها عليهما، تحرك إليها سريعاً وأصطحبها إلی الشرفه وتحدث بعيون عاشقه وصوتٍ هائم :
۔ وحشتيني
ضلت ناظرة أمامها ولم تٌجب عليه وذلك لعدم تقبٌلها لحديثهِ وشعورها بالإختناق وعدم الراحه في حضرته
فتسائل هو بترقب :
۔ مالك يا ريم ؟
تنهدت بصدرٍ مهموماً ثم أجابته بإقتضاب:
۔مفيش يا حٌسام،مرهقه من المذاكرة وشغل الشركة مش أكتر
رد عليها بنبرة صوت متأثرة ليبتز بها عواطفها ويسحبها لعالمهٌ من جديد كعادته :
۔إنتِ إتغيرتي معايا أوي يا ريم،مابقتيش ريم حبيبتي بتاعت زمان،ريم اللي كنت لما أبص في عيونها ألاقي نفسي وأشوف مستقبلي وحياتي الحلوة اللي مستنياني
وأكملَ بتساؤل وحيرة حقيقيه:
۔ كل ده راح فين يا حبيبتي ؟
فين لهفة عيونك عليا وإنتِ بتبصي لي ، دفا إيدك وأنا بحضنها في سلامي،،
نظرتك ليا بقت بارده أوي يا ريم،خاليه من أي مشاعر أو حب
أجابته متهربة بعدما أنتوت داخل نفسها أن تتحدث إلی والدتها لتفض لها تلك الخطبه التي باتت تؤرق داخلها وأصبحت حِملاً ثقيلاً علی عاتقٌها
فتحدثت بإقتضاب:
۔أرجوك يا حٌسام مش وقت الكلام ده دالوقتِ،إن شاء الله بعد الفرح هنبقا نقعد ونتكلم
وأكملت مُتهربه قبل أن يبدأ بالحديث مجدداً :
۔ بعد إذنك يا حٌسام
ودلفت للداخل وتركته شارداً ينظر لأثرها بتسائل،ماذا بك حبيبتي،هل سَئمتِ عشقي ؟
أم أنكِ أصبحتِ نسخة أمكِ المٌصغرة وتعاليتي عليَ ورأيتني لم أعٌد أناسب مركزك الجديد ومركز عائلتك ؟
وأكملَ بتوعد داخلهٌ:
۔لا ريم،سيكون من الغباء لو إعتقدتي أنني لقمة خبزٍ سهلةٌ المَضغ
أصورَ لكِ غبائٌكِ بأنكِ ستمضغينني وتبتلعي ورائي لٌعابَك وكأن شيئاً لم يكن ؟
كلا يا إبنةٌ أمال،فأنتِ لم تعرفيني بعد،فأنا لقمة عيش صعبة المضغ ومٌرة ولو حاولتي مضغي ونجحتي به،فلن تستطيعي بلعي،
سأقف في منتصف بلعومك وأمنعٌ عن رأتيكِ دخول الهواء، سأجعلٌك تشعرين بإزهاق روحَكِ رويداً رويدا،ولن تستطيعين الخلاص مني،فروحينا مرتبطة كٌلٍ بالأخری،وسنحيا سوياً أو نموت معاً،
وغير ذلكَ لن أسمح
*☆*☆*☆*☆*
رواية جراح الروح بقلمي روز آمين
داخل الشركة
كان يجلس داخل مكتبهٌ بقلبٍ حزين مهموم ،نعم ،فقد بدأ يندمج بحياته الجديدة مع لُبنی لأبعد الحدود ، ولكن كيفَ لهٌ أن يستطيع محو ذلكَ الملاكً البريئ صافيةٌ القلب نقية الروح بهذة السهوله
فقد عاش فترةً ليست بالقليله يحلٌم بيوم زفافهِ عليها وكيفَ سينعم داخل أحضانها الدافئة ويذوبٌ داخل عيناها الساحرة،
ولكن أنظر ماذا فعل بهِ القدر ،بلحظة تحول كل شيئ من حوله وتغيرَ،وأصبحت فريدة عروساً لغيرة وستزف اليوم ويتنعم داخل أحضانها رجٌلاً غيرة،أمرٌ جنوني وصعب الإدراك والتصديق بالنسبة لهْ
إستمع لطرقات فوق الباب فاسمحَ للطارق بالدخول ،دلف صديقهُ أكرم وأردفَ قائلاً بإبتسامة :
۔ إزيك يا إتش
وقفَ هشام إحتراماً لصديقهٌ وصافحَهٌ وأبتسم قائلاً :
۔ أهلاً يا أكرم،إتفضل
جلس أكرم وتلاهٌ هشام الذي تسائل:
۔ تشرب إيه يا أكرم ؟
أجابهٌ برفض:
۔ ولا أي حاجه،أنا جاي أقعد معاك شويه وماشي علی طول
وتحمحمَ وأسترسلَ حديثهْ مٌتسائلاً بإحراج:
۔مش هتيجي معانا فرح فريدة يا هشام؟
وأكمل :
۔كلنا رايحين علشانها وكمان علشان سليم الدمنهوري
تنهدَ هشام بألم داخله وأجابهٌ بهدوء:
۔ مش هينفع يا أكرم علشان لُبنی
نظر له مٌضيقاً عيناه وتحدثَ بإستغراب:
۔الدنيا دي غريبة أوي يا هشام،من شهر بالظبط إنتَ وفريدة كنتم مع بعض وبتسابقوا الوقت علشان تجهزوا كل حاجه قبل ميعاد فرحكم اللي كان بعد شهور قٌليله
وأكملَ بإستغراب:
۔النهاردة فريدة بتتجوز من راجل غيرك،وإنتَ خاطب واحده غيرها،لا واللي يجنن أكتر إن كل واحد منكم مبسوط مع حبيبة الجديد
وأكملَ مٌفسراً:
۔إللي يشوفها يوم خطوبتها وهي بتبص لعيون سليم يقول إنها كانت بتعشقه من سنين،ولا هو ونظرته ليها !
وأكمل بتأكيد:
۔ وإنتَ ولُبنی،برغم نظرة الحزن اللي سكنت عنيك من وقت ما سبت فريدة، إلا إني لما بشوفك وإنتَ جايبها معاك في عربيتك وبتجري علشان تفتح لها الباب وتمسك إيدها بكل عنايه وحب ،
ولا وإنتَ قاعد معاها في الكافيتريا ونظرات العشق اللي ما بينكم واللي ظاهرة للكفيف وبتأكد إنكم بتعشقوا بعض وإنكم متفاهمين جداً ومنسجمين
وأردفَ قائلاً :
۔ أقولك علی حاجه ومتزعلش مني يا إتش
هز رأسهٌ بموافقه فأسترسلَ أكرم إعترافه :
۔أنا حاسس إن إنتَ وفريدة مكنتوش بتحبوا بعض،ودالوقت كل واحد راح للشريك الصح اللي يستاهله بجد
إبتسم هشام وتحدث بيقين :
۔كلها تدابير ربنا يا أكرم،أقدار مقدرها الرحمن ،فريدة بنت حلال وتستاهل كل خير،
وأكملَ بقلبٍ مٌتألم :
۔ربنا يسعدها ويتمم لها علی خير
إستمعا لطرقات فوق الباب وبعدها دلفت منه لُبنی بإبتسامتها الساحره ووجهها المشرق وتحدثت :
۔ مساء الخير
ردوا عليها وتحرك هشام سريعاً وجاورها وتحدثت هي بدعابه:
۔ إنتوا بايتين هنا ولا إيه ؟
ميعاد الخروج عدا
وقف أكرم وتحدث وهو يتحرك إلی الباب:
۔ الوقت سرقنا في الكلام أنا وإتش ومحسيناش بيه،بعد إذنكم
وأنصرف هو وأبتسمت هي لحبيبها وأقتربت منه وتحدثت بدلال :
۔ أنا عازمه نفسي علی الغدا مع حبيبي،ها،يا تری هتغديني فين يا حبيبي؟
إبتسمَ لها بسعاده علی شقاوتها ودلالها الذي يعشقه وأردف قائلاً بإيجاب:
۔عيوني،إختاري المكان اللي يعجبك وشاوري عليه
أجابته بعيون عاشقه لكل ما به:
۔أي مكان معاك هيكون جنتي يا هشام المهم نكون سوا
إنتفض داخلهٌ بسعاده وأجابها بنبرة صوت حنون:
۔ طول العمر هنفضل سوا يا لُبنی،عمري ما هسمح لك تبعدي عن قلبي تاني أبداً
إبتسمت وتحدثت بعيون هائمة ونبرة صوت أنثوية ناعمه أذابت كيانه وزلزلته:
۔بحبك يا هشام،بحبك
كان ينظر لها بعيون ذائبه عشقاً،ومد يدهٌ لها،وضعت هي يدها وأحتضنت كف يدهٌ بعناية وتحركا للخارج متشابكين الأيدي بقلوب مطمئنه منتظرة بإشتياقٍ لغدٍ أفضل وحياة مشرقه
بعد مدة كان يجلس أمامها يتناولان طعام غدائهما داخل إحدي المطاعم
تحدثت هي بهدوء ونبرة صوت يكسو عليها رنينَ الحزن:
۔ هشام
نظر إليها وهو يمضغ طعامه وأردفَ متسائلاٍ:
۔نعم يا حبيبتي
تسائلت بصوتٍ مٌختنق:
۔ هو أنتَ وأكرم كنتم بتتكلموا عن فريدة ؟
أطال النظر لها ثم أجابها بنبرة صادقة:
۔أه يا لُبنی،أكرم كان بيسألني إذا كنت هروح معاهم الفرح ولا لاء
تسائلت وهي تبتلع لٌعابها خشيةً ذهابهٌ:
۔وإنتَ قولت له إيه ؟
إبتسم لها وأجابها بعيون هائمة :
۔قولت له إن مش هينفع أروح علشان مشاعر حبيبتي متتأثرش !
إنتَ لسه بتحبها يا هشام ؟
نطقت بها لُبنی وهي تترقب الإجابة بقلبٍ ينتفضٌ رٌعبً
إهتز داخلهٌ للحظات ولكن بلحظه حسم أمرة وأجابها بصدقٍ يشعر به في حضرتها:
۔ أنا عمري ما حبيت غيرك يا لُبنی،
وأكملَ بهدوء:
۔ أنا بس عاوزك تفهميني وتقدري حالتي كويس
وأكملَ بعرفان:
۔فريدة كانت حالة خاصه بالنسبة لي،فريدة كانت بر الأمان إللي وقفت عليه بعد توهت روحي اللي صابتني نتيجة بٌعادك يا لٌبنی
وقفت جنبي في أصعب أيامي،هي اللي صنعتني من جديد،هشام الناجح الواثق من نفسه اللي قاعد قدامك ده صٌنع فريدة بعد ربنا
وأكملَ بصدقٍ :
۔صعب أقدر أنسيۜی أصالتها ونقاء روحها بالسرعة دي، ولو عملت كده هبقا مش إنسان سوي من جوايا وناكر للجميل ،فهماني يا لُبنی ؟
كانت تستمع لهْ بروحٍ مٌمزقه ونفسٍ تجلدٌ ذاتها بحده،علی أنها تركته بلا عنوان وأبعدته عن أحضانها ورحلت دون أن تٌبدي لهٌ أسبابها
شعر بها وبألمها،مد يدهٌ وأحتضن كف يدها الموضوعه بإحتواء وأسترسلَ حديثهٌ برجاء:
۔إحتويني يا لُبنی وخليكي دايماً جنبي،أنا لسه تايه ومشاعري مشتته محتاجه ترسي علی بر ،
وأكملَ بنبرة مؤكده:
۔ أنا بحبك ومتأكد من ده كويس أوي،بس أنا جوايا صراع وتشتت وده أمر طبيعي علی فكرة،أنا إنسان وعندي مشاعر هي اللي بتحركني وبتقودني يا لُبنی،قلبي وعقلي مش جهاز بلحظة همحي اللي جواهم بضغطت زر وأصبح ناسي
إبتسمت لهٌ وأردفت قائلة بإرتياح ظهر فوق ملامحها:
۔ تعرف يا هشام أنا كان ممكن أقلق منك ومصدقكش لو كنت قولت لي كلام غير ده،
صدقك وصدق مشاعرك خلوني أحترمك أكتر وأصدق كل حرف قولتهٌ لي
وأكملت بغرور مٌصطنع كي تٌخرج حالها وتخرجهٌ من تلك الحالة:
۔ وبعدين أنا متأكده إني هعرف أرجعك لحضني زي زمان ويمكن أكتر،وكٌلي ثقة من إنك وإنتَ معايا هتنسی حتی إسمك،مش بس خطيبتك السابقه
ضحك لها برجوله وغمز بعيناه قائلاً بحماس :
۔هو ده بقا الشغل الصح،إديني في الدلع وزودي يا لُبنی
أطلقت ضحكه أنثوية أشعلت بها نيرانه وأندمجا معاً داخل عشقهما العائد من رحلتهِ بعد طولَ غياب
*☆*☆*☆*☆*
رواية جراح الروح بقلمي روز آمين
جاء المساء
حضر فؤاد وعائلتهٌ الكبيرة أشقائه وأبناء عمومتهِ وأنجالهم جميعاً إلي الأوتيل،ولكنهم إستغربوا عدم حضور سليم وأهلهِ،فكان من المفترض أن يأتوا مٌبكراً لإستقبال المعازيم والترحيب بهم
بعد مده حضر الثنائي علي وأسما إلی القاعة وأستغربا أيضاً عدم حضور سليم وأهله إلی الأن
تحدثت أسما إلي علي:
۔حبيبي،أنا هطلع لفريدة علشان أطمن عليها وإنتَ إتصل بسليم وإستعجلة وشوفه إتأخر ليه
صعدت أسما للأعليۜی إلی فريدة وجدت الجميع يجلسونَ داخل بهو ال Suite يتأهبونَ لخروج فريدة من غرفتها ،متشوقين لرؤيتها كعروس
عايدة،عفاف،نهلة،بنات خالتها وعمومتها التي حضرن،نورهان التي كانت ترتسم فوق شفتيها إبتسامه وفرحه عارمه خارجة من القلب
وبلحظة إنفتح باب الغرفه وظهرت تلك الجميله بثوبها الرقيق ناصع البياض،كانت أشبه بحوريات الجنة مما جعل كٌلهن ينظرن إليها منذهلات من شدة جمال تلك البريئه التي زادها الله نوراً علی نور في يومها المميز هذا
وذلك بفضل صفاء ونقاء قلبها وأيضاً بفضل قربها من الله وحجابها الذي زادها توهجاً وجمالا
تهافتن جميعن عليها ليقدمن المباركات والتهاني مع شدة سعادتها وخجلها وتوترها أيضاً
نظرت لها عايدة وبدأت دموع الفرح بالهطول وهي تری صغيرتها بثوب زفافها وتحدثت :
۔الله أكبر عليكي وعلی جمالك يا فريدة،ربنا يا بنتي يحميكِ من العين ويتمم لك علی خير
أكملت خَالتهاَ عفاف بحب:
۔ ربنا يبعد عنك العين ويكفيكي شر الحاقدين يا قلبي
إبتسمت لخالتها وتحدثت :
۔تسلمي يا خالتو ،عقبال سارة
كانت تقف بجانب شقيقتها بقلبٍ يتراقصٌ فرحاً لأجلها،إستمعت لرنين هاتفها نظرت بشاشتهٌ وجدت نقش أحرف حبيبها ،فانسحبت لشرفة ال Suite وردت بنبرة صوت أنثوية:
۔أيوة يا عبدالله
تنهد ذلك العاشق وأجابها:
۔وحشتيني،هتجنن وأشوفك
أجابته خجلاً :
۔وبعدين معاك يا عبدالله،إصبر ،كلها نص ساعة بالكتير وسليم ييجي وننزل كلنا مع فريدة
أخذ نفساً عالي وأردف قائلاً بإعتراض :
۔ بس أنا محتاج أشوفك حالاً يا نهلة،قابليني عند مدخل الأوتيل،ما تدخليش القاعة
ضيقت عيناها عندما فهمت المغزی من حديثه فتحدثت بنبرة لائمة:
۔طب ما تخليك دٌخري يا عبداللة وقول إنك حابب تقيم لبسي والميك اب بتاعي قبل ما أنزل بيهم القاعة ؟
أجابها بحدة وغيرة عاشق مجنون:
۔ يعني الهانم بردوا مسمعتش الكلام وحطت ميك اب؟
تنفست بهدوء لتهدئ من روعها وتحدثت بنيرة صوت ناعمه لتمتص بها غضب حبيبها الغائر :
۔ صدقني يا عبدالله ده ميك اب بسيط جداً،ويمكن محدش ياخد باله إن أنا حاطة أصلاً
أردف قائلاً بإصرار ونبرة صوت غاضبة:
۔ نهلة،من غير كلام ورغي كتير تنزلي لي حالاً
دبت بأرجٌلها أرضاً وتحدثت من بين أسنانها بغيظٍ وإستسلام:
۔ حاضر يا أستاذ عبدالله،ثواني وهكون عندك
تسحبت بهدوء وهبطت للأسفل بعد إصرارةُ علی رؤيتها
وبعد قليل كانت تقف أمام ذلك المسحور بجمالها الذي تحدثً قائلاً بحنان وهو ينظر لعيناها:
۔ مش أنا قولت لك قبل كده متحطيش كحل ولا أي حاجه في عيونك،طب أعمل فيكي إيه أنا دالوقتِ ؟
نظرت له بهيام وتحدثت بهدوء:
۔هو أنتَ لقيت الفستان واسع والحجاب طويل قولت أنكد عليها في أي حاجه والسلام
وأكملت بتساؤل بنبرة ساخرة:
۔ تقدر تقول لي مالهم الكحل والمسكرة هما كمان؟
مخليين عيونك تسحر أي حد من أول طلة قالها مسحوراً بجمالها
إبتسمت خجلاً وتحدثت:
۔أعتبر ده مدح ولا ذم
ده عشق يا نهله،قالها بعيون مغرمة
وأكملَ بحنان:
۔إنتِ حلوة أوي يا نهله،وحلاتك دي فوق طاقة إحتمالي،
وأكمل بنبرة غائرة:
۔هتجنن مش قادر أتخيل إن حد ممكن يبص لك ويشوفك حلوة أوي زي ما أنا شايفك بعيوني كدة
أجابته بوجهٍ بشوش كي تمتص غيرته:
۔ طمن قلبك يا عبدالله،محدش هيشوفني زيك،علشان نظرة العاشق بتختلف،عيون العاشق بتشوف حبيبها في أبهي صورة ليه،ومستحيل حد غيرة يشوفه بنفس النظرة والصورة
تنهد براحه بعدما إستطاعت تلك الماكرة الصغيرة أن تسحب كل غضبهِ وغيرته الشديدة عليها
وصلت إليهما إعتماد والدة عبدالله التي خرجت تبحث عن ولدها بعدما لاحظت حضور معظم المعازيم وعدم وصول العريس وأهلهٌ إلی الأن
إقتربت من وقفتهما وتحدثت وهي تنظر إلی نهلة بعيون منبهرة:
۔إيه يا نهلة القمر ده،معقوله الجمال ده كله هيبقا من حظ إبني
إقتربت عليها نهله وأرتمت داخل أحضانها بحنان ،ضمتها إعتماد بحب وأحتواء وتحدثت نهلة:
۔عيونك الحلوة يا طنط
ثم خرجت نهله من أحضان والدة خطيبها
وتحدثت إعتماد بقلقٍ ظهر فوق ملامح وجهها:
۔ هو العريس إتأخر يا ولاد ولا أنا اللي بيتهئ لي؟
نظر عبدالله بساعة يدة وتحدث:
۔إتأخر عشر دقائق بس يا ماما مش فيلم يعني،إن شاء الله شويه ويوصل
ثم نظر إلی نهلة أمراً بحب:
۔ إطلعي إنتِ يا نهلة علشان تكوني جنب فريدة،وأنا هاخد ماما وندخل نستني العريس جوة
_____
داخل قاعة الزفاف
بدأت المعازيم بالتوافد مع إستغراب فؤاد وأشقائه والحضور عدم حضور العريس وأهلهِ إلی الأن
وقفَ علي مٌستغرباً ثم أخرجَ هاتفهٌ وطلب رقم سليم وأستغرب أكثر حين أعطي جرساً وأنتهی ولم يجب سليم،فكرر علي الإتصال ولكن دون جدوى،
فبادر بالإتصال برقم قاسم ولكن فوجئ به مٌغلقاً
إقتربَ علي من فؤاد الذي بدا علی وجههِ التوتر والقلق وتحدثَ:
۔ مساء الخير يا أفندم،
نظر لهٌ فؤاد مستغرباً إياه فأكملَ علي:
۔حضرتك متعرفنيش،لإننا للأسف متقابلناش قبل كده،أنا علي غلاب صديق سليم وبشتغل معاه في ألمانيا
نظر لهٌ فؤاد وكأنهٌ وجد ضالتهْ التي يبحثُ عنها وتسائل بلهفه:
۔ طب قولي يا أبني بالله عليك،متعرفش سليم وأهله إتأخروا ليه ؟
شعر علي بالإشفاق علی ذلك الأب الذي بدأ القلق يتسلل إلی داخله وتحدثَ مطمئناً إياه رغم قلقهِ هو شخصياً:
۔ متقلقش يا أفندم إن شاء الله خير،، أنا بتصل علي سليم بس هو مبيردش،أكيد هو في الطريق وقريب من هنا ،وأكيد عنده هيصه من فرحة أهله حوليه ومش سامع الجرس
تحدث أحمد بنبرة غاضبه يحاول جاهداً السيطرة عليها :
۔بس المفروض يا باشمهندس إنهم يبقوا هنا من ساعه علی الأقل،معظم الناس اللي جت دي ضيوفهم هما،وكان من الذوق إنهم يكونوا في إستقبالهم،مش يسبونا إحنا نقابل ضيوفهم اللي منعرفهومش ويحطونا في الموقف البايخ ده
تنهد علي وبدأ القلق يتسلل لداخله لصحة حديث ذلكَ الرجل
وتحدث بهدوء عكس ما يدور بداخله:
۔أنا أسف يافندم بالنيابة عنهم،أنا هتصل تاني علی سليم وأستعجله
وأكملَ وهو يتحرك ويمسك بهاتفه ليستعد لمهاتفة سليم:
۔بعد إذنكم
___
كان يجلس بجانب والدهٌ ووالدته حول المنضدة الخاصة بجلوسهم، يترقب وصولها بقلبٍ مٌشتعل من شدة الغيرة،وذلكَ من مجرد تَخيُلها وهي تتحرك بجانب ذلكً المٌسمي بخطيبها
وأشتعلت النار الحارقة بقلبهِ حينما تخيلَها وهي تدلف من باب القاعة وهو يٌمسك بيدها بتملك
وأزدادَ الإشتعال أكثر فأكثر عندما إفترضَ أيضاً أنهٌ يٌمكن أن يصل بهِ الحال بأن يٌراقصها ويقترب من جسدِها وذلكَ ما لم يستطع مراد تحملهُ وخصوصاً بعدما بات يعتمد ذلكَ الجسد ملكيتهِ الخاصه
فقط هي مسألة وقت بالنسبةِ له،فهو ينتظرها أن تحلٌ خٌطبتها من ذلك الثقيل ويطلبها هو للزواج الفوري وذلكَ لعدم إستطاعتهِ الصبر علی الإبتعادِ أكثر
نظرت إليه والدتهُ بإستغراب وتحدثت بتساؤل:
۔خير يا مراد،مالك يا أبني ماشلتش عينك من علی الباب من وقت مقعدنا كده ليه؟
وتسائلت بنبرة خبيثة:
۔إنتَ مستني حد ؟
نظر إليها وتحدثَ بثبات إنفعالي أجادهُ:
۔هستني مين يعني يا مامابصراحه أنا مستغرب الفرح أوي،أول مرة أحضر فرح والاقي العروسه وأهلها والمعازيم يوصلوا قبل العريس وأهله
أكد صادق علی حديثهُ قائلاً بتعجب :
۔أنا كمان مستغرب الموضوع ده أوي غريبة فعلاً الموضوع شكلة كدة مش ظريف
ردت هناء مٌفسرتاً بإستنكار:
۔ أمال الشافعي طول عمرها وهي كده، شخصية مٌتعاليه وتحب تظهر في الصورة وتجذب العيون كلها عليها ،دايماً في الحفلات توصل أخر واحده علشان تشد إنتباه الجميع ليها
رد مراد بنبرة حاده مٌعترضه وغاضبة من تلك الريم لتأخرها علی قلبه :
۔ الكلام ده ممكن يحصل في الحفلات العادية،بس مش لدرجة إنها تتعمد تعمل كده في فرح إبنها،دي إسمها جليطة وقلة ذوق منها ومن جوزها وأولادها
رفعت كتفيها بإستسلام وتحدثت:
۔ كل واحد وتفكيرة بقا يا مٌراد
زفر هو وأرجع بصرهِ مرةً أخری وثبتهُ علی مدخل القاعة ينتظرها بقلبٍ مٌشتعل غاضبً منها وعليها
___
بعد مرور ساعة كاملة
وقف صالح وأحمد بجانب شقيقهما وتحدث صالح الأخ الأكبر لفؤاد بنبرة مٌرتبكه:
۔وبعدين يا فؤاد،العريس إتأخر أوي وشكلنا بقا وحش قدام المعازيم ،
وأكملَ بنبرة حادة:
۔إتصل بيه وشوفه إتنيل إتأخر كده ليه
أجابهٌ فؤاد بعيون زائغة والقلق بدأ يتملك من داخله:
۔ بتصل بيه يا صالح ومبيردش،وأبوة تليفونه مقفول
تحدث أحمد بتساؤل:
۔ يعني إيه الكلام ده،رجعوا في كلامهم ومش هيتمموا الجوازة ؟
نظر لهٌ فؤاد بنظرات مٌرتعبه فأكمل صالح ليهدئ من روع أخيه المريض:
۔ فال الله ولا فالك يا أحمد،أكيد الطريق زحمه وزمانهم علی وصول
في تلك الأثناء إقتربَ عليهم المأذون الشرعي وتحدث بتملٌل:
۔ وبعدين يا حضرات،العريس إتأخر جداً وأنا كمان إتأخرت،أنا عندي كتب كتاب تاني بعد ساعه ولازم أتحرك حالاً علشان ألحقه
إقتربَ عَلي من وقفتهم وتحدث إلی المأذون:
۔ إصبر شويه يا مولانا،إن شاء الله زمانهم علی وصول
تحدث المأذون الشرعي بإعتراض:
۔مش هينفع يا حضرة أنا إتفاقي مع العريس إن كتب الكتاب هيكون الساعه 9 الوقتِ الساعه عدت من 10 وأنا مش مسؤول عن التأخير ده كله
وبالفعل إنسحب المأذون تحت إنهيار فؤاد الداخلي الذي رمی حالهٌ فوق المقعد بإهمال تحت نظرات جميع الحضور المشفقه والمستغربه عدم حضور العريس إلی الأن
______
داخل ال Suite بالأعلی
كانت تجلس شاردة تنظر أمامها والقلق يتغلغل داخل أوصالها
يجلسٌ أيضاً جميعٌ من حولها بوجوةٍ وقلوب حزينة ،عدا تلك الشامته التي تشعر بإنتصاراً وفرحه تغزو قلبها ليس لها مثيل
تحركت إليها والدتها وتحدثت بترقب:
۔ فريدة،قومي يا بنتي كلمي سليم في التليفون وشوفيه إتأخر كده ليه،أبوكي بيكلمني وبيقولي إن الناس بدأت تقلق وفيه منهم اللي مشي
فاقت علی صوت والدتها ووقفت وهي تتحدث بنبرة صوت مٌرتبكة تنمٌ عن داخلها المٌشتت :
۔ حاضر يا ماما، هدخل أكلمه من جوة
وبالفعل دلفت للداخل وأوصدت عليها باب الغرفه بإحكام
وبيدٍ مٌرتعشة ضغطت علی زر الإتصال الذي أعطاها جرساً وترقبت هي بإنتفاضه أملاً أن يٌجيبها ولكن للأسف خاب أملٌها وأنتهی وقت الإتصال دون إجابه ،فعاودت الإتصال مراراً وتكراراً وتظلٌ النتيجه واحدة،وهي عدم الإجابه
فقررت الإتصال من جديد ولكنها صٌدمت حين إستمعت لقطع الإتصال نظرت بشاشة هاتفها بذهول وعدم تصديق،وأعادت الإتصال مرةً أخری،ولكن ما أكمل علی قلبها أنها فؤجئت تلك المرة بغلق الهاتف نهائياً
أجحظت عيناها بصدمة وذهولٍ إنتاباها وهٌنا قد خارت قواها وأعلنت روحها الاستسلام لما هو أتْ أرتمت أرضاً بإهمال وجلست تبكي بذهول ومرارة
وبرغم كل ما يحدث حولها مازال داخلها صوتاً يٌحدثها ويٌعطيها أملاً ويأمرها بأن تضع لهٌ ألف عذراً وعذرا
أمسكت هاتفها من جديد وضغطت لتسجيل رسالة صوتيه وتحدثت بصوتٍ مهزوزاً مٌرتعش ينمٌ عن مدی ضعفها وأنهيار داخلٌها :
۔إنتَ فين يا سليم،سايبني ليه كل ده لوحدي من غير ماتطمني
وأكملت بصوتٍ راجي:
۔أرجوك رد عليا وماتسبنيس كده وأنا مش فاهمه حاجه
وبلحظه إنهارت قواها وبكت بإنهيار لم تستطع التحكم به قائلة برجاء:
۔تعالي يا سليم بقا أنا وأهلي شكلنا بقا وحش أوي قدام الناس،طب بلاش علشان خاطري،تعالي علشان خاطر بابا وقلبه التعبان
وبكت بشهيقٍ وصوتٍ يٌدمي القلوب وأكملت بإستعطاف:
۔علشان خاطر ربنا يا سليم أوعا تعمل فيا كده،لا أنا ولا أهلي نستاهل منك فضيحة بالشكل ده،أبويا قلبه مش هيتحمل يا سليم،والله ما هيتحمل
ثم ضغطت زر الإرسال،وأجهشت ببكاءٍ مرير علی حظها العثر الذي يٌلازمها أينما ذهبت
_____
أما بالأسفل
تحرك أحمد إلی فؤاد وتحدثَ بنبرة حادة:
۔ يلا بينا نروح يا فؤاد،كفيانا فضايح وفرجة الناس علينا لحد كده،الناس زهقت وفيهم إللي مشي أصلاً والبيه شكله خلاص مش جاي
أماءَ لهٌ فؤاد بإستسلام وهاتفَ عايدة المنهارة وأمرها أن تجلب إبنتيها وتهبط للأسفل للمغادرة،فيكفيهما إهانه إلی هذا الحد
أبلغت عايدة نهلة أن تدلف لفريدة وتخبرها بأنه وجب عليهم الرحيل،وبالفعل دلفت لها نهلة وجدتها تنبطحُ أرضاً،شاردة تنظر أمامها في الفراغ،بوجةٍ مٌلطخً بالدموع
تحركت إليها نهلة وجثت علی ركبتيها وهزتها بحرصٍ لتستفيق مما هي عليه وتحدتث بترقب:
۔ يلا بينا علشان نروح البيت يا فريدة
نظرت لها بتيهه وهزت رأسها وأردفت قائلة برفضٍ وأعتراض هيستيري:
۔ أنا هستني سليم يا نهلة،هو وعدني إنه هييجي،سليم وعدني إنه مش هيسبني ولا هيوجع روحي تاني،وأنا مصدقاه وهستناه،
وهزت رأسها بشرود وأكملت بعيون زائغة تنظر هٌنا وهٌناك:
۔وهو هييجي،مش هيتأخر،أكيد هييجي
كانت تستمع لشقيقتها ودموعَ قلبها تزرفٌ قبل عيناها وأردفت قائلة بنبرة صوت توحي لقلبٍ يتقطعٌ لأجل عزيزة عيناها وغاليتها، شقيقتها معدومة الحظ:
۔ سليم مش جاي يا فريدة،سليم قفل تلفونه هو وبباه علشان محدش يكلمهم تاني
وأكملت بنبرة صوت مٌحبطة:
۔يعني خلاص خلصت يا فريدة
تحركت إليهما أسما ووقفت تنظر عليهما بترقب وتحدثت بهدوء:
۔ سليم مش وحش كده يا نهلة،أنا متأكدة إن فيه حاجة كبيرة أوي حصلت وهي اللي منعت سليم من الحضور
إستمعن لصوت تلك الحقودة يصدح من خلفهم قائلة بغلٍ لم تستطع مٌداراته:
۔وياتری بقا إيه هي الحاجه اللي ممكن تخلي عريس يسيب عروسته يوم فرحها في وسط المعازيم هي وأهلها بالشكل المهين ده؟
نظرت لها أسما وتحدثت بتيهه:
۔معرفش،بس أكيد حاجه خارجه عن إرادته
أجابتها بنبرة ساخرة:
۔أنا بقا أقول لك إيه هي الحاجه اللي خارجه عن إرادته ومنعته من الحضور ،
وإكملت بحقدٍ دفين وعيون تطلق سهاماً قاتلة:
۔ الحاجه دي تبقی ندالته وخسته وعدم رجولته واللي هي مش جديدة عليه أصلاً ومش أول مرة يعملها معاها،،
وأشارت بيدها علی.فريدة وأكملت:
۔ لكن للأسف المسكينه دي هي اللي دفعت تمن طيبتها وتصديقها ليه مرة تانية من جديد،
وأكملت لتزيد من غضب فريدة وحقدها عليه:
۔فضل يدحلب لها ويضحك عليها لحد ماصدقت كذبه وسابت هشام،الراجل المحترم اللي كان بيعشق التراب اللي بتمشي عليه علشان واحد ندل جبان ميعرفش عن الرجوله شيئ غير وصفه اللي مكتوب في بطاقته الشخصية
تحدثت أسما بإعتراض مدافعة عن صديقها وصديق زوجها :
۔ أنا ما أسمح لكيش تتكلمي عن سليم بالطريقة الهجومية واللا أخلاقيه دي
نظرت لها فريدة وهي تهز رأسها وتتحدث بهيستريا ونبرة غاضبه بعدما تأثرت بحديث نورهان:
۔ نورهان بتتكلم صح،بتدافعي عنه وواثقه فيه للدرجة دي ليه ؟
،علشان صديق جوزك ؟؟
وأكملت بإتهام:
۔طب وإذا كان جوزك نفسه شارك في غشي زمان معاه وكذب عليا،يبقا إيه بقا اللي مخليكي واثقه إنه مش كده ؟
كادت أسما أن تتحدث أوقفتهما نهلة التي صاحت بهما بحده :
۔ كفاية بقا حرام عليكم ،إنتوا شايفين إن ده وقت الكلام في الموضوع ده مش شايفين حالتها قدامكم عامله إزاي ؟
وأكملت وهي تساعد شقيقتها علی النهوض:
۔يلا يا قلبي،بابا مستنينا تحت علشان نروح
تحركت إليها سارة إبنة خالتها عفاف وأسنداها حتی وقفت وتحركا للأسفل بخيبة أملهم ويدٍ خاويه من الوصال
وجرت أسما للأسفل بقلبٍ يذرفُ دماً وتحدثت إلی علي الذي يقف والقلق يسيطر علی كل تفكيرة ويشلٌ حركتهٌ
أردفت أسما بتساؤل ونبرة قلقه :
۔ سليم قافل تلفونه ليه يا علي؟
أجابها بشرود:
۔مش عارف يا أسما، أنا هتجنن وهموت من القلق عليه،ولا هو ولا بباه ولا حتی حسام بيرد علی تليفونه
ثم نظر لها وتحدث بلهفه :
۔معكيش رقم تليفون ريم ولا مامته نكلمهم
هزت رأسها بنفي قائلة :
۔ للأسف لا يا علي العلاقه بينا متسمحش بإننا نتبادل أرقام التليفونات
وبلحظه رفع الجميع وجوههم لأعلی ينظرون علی تلك المسكينه ذات الحظ العثر وهي تنزل الدرج بهيئة مزرية وعيون ذابلة منتفخة من أثر الدموع،
وبدلاً من أن ينتظرها عريسها أسفل الدرج ليأخذها بسعادة وينطلقا إلی جنة عشقهما سوياً
وجدت عيون الحاضرين تخترقٌ روحها بنظراتٍ أشبهٌ بخناجر مسمومة تصوب نحو جسدها الهزيل وتهاجمهٌ بلا رحمة لتحولهٌ لأشلاءٍ صغيرة مٌبعثرة
مٌتسائلين فيما بينهم وهم يتهامزون ويتلامزون بالكلمات الخبيثة عن ما هو سبب ترك عريس لعروسهٌ ليلة زفافهما
ذهب إليها عمها أحمد وحاوطها برعاية ودفن وجهها داخل أحضانه خشيةً عليها من عيون البشر ونظراتهم المختلفه
فمنهم من يٌصوبون أنظارهم بسهامٍ قاتلة بإتجاهها غير مبالين بحالتها وما أوت إليه تلكَ المسكينة،
ومنهم من يرأفون بحالتها وينظرون لها بعين الشفقة والرحمة
ومنهم من يتهامزون بكلماتهم الخبيثه تحت أنظارهم القاتلة لبرائتها
تحدثت إعتماد إلی عايدة التي تٌحاول التماسك فقط لأجل مساندة غاليتها في مٌصيبتها الكبری:
۔ قلبي عندك يا عايدة
أجابتها عايدة بهدوء :
۔الحمدلله علی كل حال يا أعتماد،قدر الله وماشاء فعل
أمسك فؤاد الميكرفون وتحدثَ للحضور بصوتٍ قوي إستمدهٌ من إيمانهِ بالله :
۔أنا أسف جداً يا جماعه،العريس حصلت له ظروف طارئة وللأسف مش هيقدر ييجي وهنضطر نأجل الفرح لوقت تاني وهنبقي نبلغكم بيه إن شاء الله إتفضلوا حضراتكم وأسف مرة تانيه ليكم
تعالت الهمهمات والأحاديث الجانبية داخل القاعة،كٌلٍ يسأل عن سبب عدم حضور العريس وعائلتهٌ
تحركت بإتجاة الخارج مٌحاطة من عمها ووالدتها
جسداً بلا روح،عقلاً بلا إدراك،قلبً بلا حياة،كياناً بلا شعور
إعترضَ طريقها ذلك المٌراد وأوقفها ونظر لها بتعاطف وتحدثَ بقوة مٌؤزراً إياها :
۔ قلبي عندك يا باشمهندسة
رفعت وجهها تنظر إليه بإنكسارٍ وتيهه
فتحدث بقوة وهو يٌعطيها بطاقتهِ التعريفيه :
۔أنا دكتور مراد صادق الحُسيني،إبن صادق الحسيني مالك شركات الحٌسيني للأدويه،،وحبيت أبلغك إني واقف معاكِ وفي ضهرك في أي إجراءات قانونية حابه تتخذيها ضد اللي إسمه سليم ده هو وأهله
هزت رأسها بطريقة هيستيرية وتحدثت:
۔إجراءات إيه اللي بتتكلم عنها يا دكتور،هو بعد الدبح ينفع للمدبوح الإعتراض،الحاجه الوحيدة اللي مسموح بيها للمدبوح هي رقصة الموت،وأنا رقصتها
وأكملت بإستسلامٍ تام:
۔ قٌضي الأمر وأنتهی العرض يا دكتور
نزلت كلماتها المعبرة علي قلبهِ الرقيق جلدته وأحرقته ،ومن يشعر بألامٍ ذبحها غيره،وكيف لا يشعر بها وهو الذي مرَ بنفس تجربتها الأليمة،وشعر بجلد البشر لذاته وعيونهم التي لا ترحم ضعيفاً أهلكت روحهِ الحياة
شعر بالأسی تجاهها وتهاوت روحه حين تذكر واقعته وكأن التاريخ يٌعيد نفسه مع إختلاف الأحداث والأشخاص
مَد أحمد يدهٌ بهدوء وأتخذ من يدهِ البطاقه وتحدثَ وهو يحث إبنة أخيه علی المٌضي قدماً:
۔ متشكرين لذوقك يا دكتور،وبالنسبه لبنتنا إحنا هنعرف نجيب لها حقها من الحقير ده هو وأهله
وتحركوا للأمام
تحرك صادق إلی ولدهِ وجذبه من ذراعه بعنفٍ وتحدثَ إليهِ بنبرة حادة :
۔ إنتَ أيه اللي بتهببه ده يا أفندي إحنا مالنا يا أبني بالموضوع ده،ندخل نفسنا في مشاكل ملناش فيها ليه ؟
نظر لأبيه وتحدثَ بحده:
۔ مالنا إزاي يا بابا،ده واحد معندوش ضمير لا هو ولا أهله، كسر بنت بريئة زي دي وخلاها فرجة لشوية ناس معدومة الضمير علشان يجلدوها بكلامهم ويسنوا سكاكينهم عليها و كل واحد يقطع في لحمها بطريقته،
وأكملَ بإصرار:
۔دي واحده مظلومة وأنا واجبي يٌحتم عليا إني أقف معاها وأساندها في محنتها
نظر لإبنهِ وزفر بإستسلام لرأسهِ العنيد
وتحدثت والدتهُ :
۔ إسمع كلام بابا يا مراد وملكش دعوة يا أبني
___
كانت تقف بعيداً عن وقفتهم مٌمسكه بهاتفها تسجل بهِ فيديو لتوثيق حالة تلك الحزينة المزرية، وهي بكامل إنتشائها وفرحتها،إنها تلك الصديقه المزيفه المسماه بنورهان،معدومة الضمير ذات القلب المٌتيبس عديم الرحمه
حيثٌ كانت تشعر بسعادة وأنتشاء غير طبيعي وهي تنظر إلی عدوتها اللدود وتری إنهيارها أمام عيناها وفضيحتها أمام العلن والتي ستلازمها علی مر الزمان ،بل وتسجل تلك اللحظه وكأنها تسجل إحدی إنجازاتها
ثم ضغطت زر تسجيل رسالة صوتيه وتحدثت بإنتشاء ونبرة صوت شامتة:
۔ كله تمام يا باشمهندس،المولد إنفض زي ما أنتَ عاوز بالظبط ،وأنا سجلت فيديو خروجها من الأوتيل وبعته للرقم إللي إنتَ بعتهٌ لي في رسالتك
وأكملت بجشعٍ وحقارة:
۔ مستنيه مكافأتي اللي وعدتني بيها توصل لي علی حسابي
كانت تتحرك بصحبة أهلها تاركين المكان بقلوبٍ محطمة
أوقفهم مدير الأوتيل قائلاً بإحراج :
۔ أحنا أسفين جداً للي حصل يافندم،أنا عارف إن الظرف مش مناسب أبداً لكلامي في الموضوع ده،بس أرجو المعذرة ،ده شغلي وأنا هنا موظف وبنفذ الأوامر ليس إلا
أردف زياد نجل عمها أحمد قائلاً بنفاذ صبر:
۔ ياريت يا حضرت تدخل في الموضوع علی طول وبلاش المقدمات الطويله دي،إنتَ أكيد شايف حالتنا قدامك
أجابهٌ المدير بإحترام:
۔أنا أسف مرة تانيه يافندم،الحقيقه إن حساب الأوتيل ما أتقفلش،فبعد إذنكم حد منكم يتفضل معايا علی الحسابات علشان نقفل حساب الليلة
أجابهٌ أحمد بحدة بالغه وأعتراض:
۔ والله البيه اللي حجز معاكم يبقا يبجي يحاسبكم،لكن إحنا كفاية علينا حاسبنا علی الفضيحه مش ه٠٠٠
لم يُكمل جٌملتهٌ لمقاطعة فريدة له حيث وجهت حديثها إلی المدير بهدوء :
۔حالاً يافندم هتاخد حسابك
ثم نظرت إلی والدتها وتحدثت بهدوء :
۔ من فضلك يا ماما،طلعي الكريدت كَارد من الشنطه وأديها ل زياد علشان يدفع بيها الحساب
أردف علي غلاب الذي يجاورها هو وزوجته الباكية لإنهيار حٌلم صديقها أمام أعينها
تحدثَ بنبرة خجله :
۔من فضلك يا فريدة خليني أنا إللي أحاسب مكان سليم
نظرت داخل عيناه وتحدثت بقوة لم تدري من أين إستمدتها:
۔ أنا وأهلي اللي حضرنا الحفلة والفضيحة كانت من نصيبا إحنا يا باشمهندس،وأنا كنت نمرة الليله وفرجة المعازيم وسخريتهم
وأكملت بقوة:
۔ يبقا أنا إللي لازم أحاسب علی الليلة كلها وده أقل تمن أدفعه قصاد غبائي للمرة التانيه علی التوالي
زاد شهيق عايدة وتحدثت:
۔حسبنا الله ونعم الوكيل،حسبنا الله ونعم الوكيل فيك يا سليم إنتَ وأهلك،قادر عليكم ربنا،قادر يجيب لبنتي حقها منكم
تعالت شهقات جميع الموجدات من أهلها وأزدادَ نحيبهنَ وبكائهنَ
تحدث أحمد بحده ناهرهنَ:
۔ مش عاوز أسمع صوت واحده فيكم،مفهووووم
ثم نظر إلي عَلی بحدة وأردفَ قائلاً بغضبٍ تام:
۔ قول لصاحبك لو حاول يقرب من بنت أخويا تاني قسماً بالله هقتله ومش هيبقا له عندي ديه
ثم إحتضن إبنة شقيقهٌ بعنايه وتحدث ليحثها علی التحرك للأمام:
۔ يلا بينا يا بنتي كفيانا واقفه،الناس كلها بتتفرج علينا
هزت لهٌ رأسها بطاعه وتحركت بساقين مرتعشتان تكادٌ تحملاها بصعوبه شعر عمها بتعبها فأسندها جيداً كي لا تنهار أرضاً وجري عليها أسامة وأبعد والدتهٌ المٌنهارة وأحتوی شقيقتهٌ سانداً إياها بقوة بجوار عمهِ
وتحركَ عبدالله بجانب عايدة ونهلة المنهارتان وتحدث:
۔يلا بينا يا ماما
تحركوا جميعاً إلی منزل فؤاد بخيبة أمل تلازمهم وفضيحة ستلازم إبنتهم لأخر حياتها
تٌری ما الذي حدثَ وجعل سليم يتراجع بأخر لحظة عن إتمام زواجهٌ من معشوقة عيناه ومنی روحه !
ولما أغلقَ قاسم هاتفه
إنتهی البارت
جراح الروح
بقلمي روز آمين




