نوفيلا بسمة أمل الفصل العاشر لروز أمين
بعد مدة تحركن عائدين إلي منزلهن لتبدأن بالتحضير للعزيمة الذي دُعي إليها أحمد وحسن وطارق خطيب رانيا وأيضاً حضر إيهاب وزوجته وأطفاله من السفر خصيصاً للإحتفال بنجاة شقيقته وشفائِها
حضر حسن ومعهُ هدايا قد أحضرها إلي الجميع بمناسبة ذاك الخَبر السعيد، وحضر الجميع عدا من كانت بإنتظارهِ علي أحر من الجمر، كانت تقف متوترة مرتدية أجمل وأرق ثيابها في مظهر يدعوا للإنبهار وكأنها تحولت وتبدلت بفضل سعادتِها فور إستماعها إلي خبر شفائها
وقفت رانيا بجانبها وتحدثت بدعابه :
_ الجميل واقف متوتر ليه، مستنية حد مُعين ؟
إرتبكت بوقفتها وتحدثت بنبرة خجلة :
_ وأنا هرتبك ليه، وبعدين حد مين ده اللي أنا هستناه .
ضحكت رانيا وتحدثت بدُعابة :
_حد كدة حليوة طول بعرض وكل ما بيشوفنا عيونه بطلع قلوب وتملا المكان وتفضحه.
نظرت لها سريعً وتساءلت بإرتباك :
_تقصدي مين بكلامك ده يا رانيا ؟
أجابتها بوضوح:
_ اقصد الدوك يا قلب رانيا.
إبتلعت لُعابها بتوتر ظهر علي ملامحها، وهُنا أتي طارق خطيب رانيا وتحدث إليها بدُعابه:
_ أظن كده يا أستاذة مبقاش ليكي عذر لتأجيل الجواز تاني، أمل وربنا شفاها وبقت زي الفل قدامك أهي.
ضحكتا الفتاتان وتحدثت أمل لمداعبته :
_ أنا كده عملت اللي عليا معاكم وزيادة
ثم تحدثت بنبرة جادة متأثرة بتأسف :
_انا حقيقي أسفه علي كل اللي حصل لكم بسببي.
أجابها طارق بإحترام :
_ما تقوليش كده يا أمل، مين أصلاً كان هيجي له نفس يفرح وإنتِ تعبانه بالشكل كده، الحمدلله كابوس وعدي .
أردفت رانيا قائلة بسعادة :
_الحمدلله.
دق جرس الباب فأنتفض قلبها فغمزت لها رانيا وتحدثت بغمزة من عيناها :
_ روحي يا مولي شوفي مين علي الباب .
تحدث طارق برجوله:
_خليكي إنتِ يا أمل أنا هفتح.
أوقفه صوت رانيا التي جذبته من يده قائلة:
_ تعالّ بس رايح فين، ده أنا عوزاك في موضوع مهم أوي .
ضحكت أمل علي مرح شقيقتها وتحركت نحو الباب وفتحتهُ ، إنتفض قلبها وصار يدقُ كطبول الحرب من شدة وسامة ذاك الجذاب المبتسم وهو وينظر لها بعيون تكادُ تلتهمها،
سألتهُ متلهفة:
_إتأخرت ليه، ورق العنب قرب يبرد .
أجابها بنبرة هادئة وعيناي سعيدة :
_ورق العنب ما بتظهرش طعامته وحلاوته غير وهو بارد .
إبتسمت له وبسط هو ذراعيه ليقدم لها باقة الزهور التي بيده قائلاً بإحترام :
_إتفضلي
إبتسمت له وتناولتها منها وأشارت بيدها للداخل :
_إدخل، الكل مستنيك جوة.
غمز لها بعيناه وأردف قائلاً بحديث ذات مغزي:
_عقبال ما يستنوني وأنا جاي ومعايا اللي هيوصِل الفؤاد ويحقق لي حِلمي.
خجلت من تلميحاته ودلف هو للداخل، تحرك إليه إيهاب وقابلهُ بترحاب وابتسامة سعيدة قائلاً :
_مهما حاولت أشكر حضرتك مش هوفيك حقك علي اللي عملته مع أمل.
إبتسم له وتحدث بتواضع :
_أنا معملتش غير واجبي والشفا من عند ربنا سبحانه وتعالي
واسترسل بيقين:
_هو الوحيد اللي يستحق إننا نحمده ونشكر فضله علينا .
أجابهُ إيهاب وهو يلف ذراعهُ حول شقيقته بحماية وتحدث بحنان وهو ينظر لها :
_ونعم بالله، إنتَ أصلك مش عارف إنتَ رجعت لنا إيه، إنتَ رجعت لنا روحنا من جديد.
إبتسمت لشقيقها وشددت من إحتضانه تحت إستشاطة أحمد وفوران مشاعره وهو يري حبيبته داخل أحضان غيره، نعم إيهاب شقيقها الحنون ولكن- هو أناني بعشقه يريدها بكل ما فيها لحاله وفقط
تحدثت أمل لشقيقها بعيون متأثرة :
_ ربنا يخليك ليا يا حبيبي.
هُنا أتت ندي زوجته التي تحدثت بدُعابه :
_هي بقت كده يا أستاذ، أحضان وبوس كده عيني عينك من غير ما تعمل لوجودي أي حساب ؟
ثم نظرت إلي أحمد الواقف والغيرة ظاهرة عليه وتحدثت :
_ يرضيك اللي بيحصل ده يا دكتور؟
وتسائلت بإستفسار :
_مش دكتور أحمد بردوا ؟
أجابها بإبتسامة خفيفة :
_أيوة يا أفندم .
سحبها إيهاب هي الأخري ولف ذراعهُ الآخر عليها بحماية ووجه حديثهُ إلي أحمد قائلاً :
_دي بقي يا سيدي تبقا نصي الحلو، بل كُلي الحلو اللي مشاركاني حياتي ومنوراها.
إبتسم أحمد وتحدث إلي تلك الزوجة والتي تخطت سعادتها عنان السماء جراء إستماعِها لحديث زوجها الذي نزل علي قلبها وزلزلهُ :
_اهلا وسهلاً يا أفندم، إتشرفت بمعرفة حضرتك.
ردت عليه وشكرته وتحدث إيهاب الذي تحرك بزوجته قائلاً بإشارة من كف يده :
_إتفضل يا دكتور.
أخذ إيهاب زوجتهُ وتحرك أمامهُما
في حين إقترب أحمد منها وهمس بجانب أذنها مُحذراً إياها بهدوء :
_لو شفتك في حضنه بالشكل ده تاني هتتعاقبي علي فكرة، أنا راجل غيرتي نار ومبحبش حد يلمس جواهري، مرة تانية مش هعديها لك، فخلي بالك من غيرة العاشق لأن شرارتها بتدمر وأكيد هتطولك وهتحرقك .
قال كلماته وتركها وتحرك إلي سَحر يلقي عليها التحية، كانت تنظر لظهرة بقلبٍ يصرخ يريد إحتضان ذلك العاشق المجنون، نعم.أحبته وبدأت بالتعلق به، ليس لأنه طبيبها الذي ساعدها كثيراً، وليس لأنهُ الشخص الوحيد الذي دعمها وأجبرها بإستماتة علي التمسك بالحياه
ولكن لشخصة الراقي ولرقة قلبه وعذوبة لسانه الرطب، لقلبهِ الحنون الملئ بالحب لها وللجميع، لإنسانيته وخلقه وأيضاً رجولتِهْ، بالإضافة إلي مظهره الذي يجذب أي آنثي تقع عليهِ عيناها
بعدما ألقي التحيه والسلام علي الحضور، إلتف الجميع حول الطاولة المليئة بأصناف الطعام المتعددة التي صنعتها سحر وإبنتيها وندي إحتفالاً بتلك المناسبة الجميلة، كان يجلس بجوارها
همست له قائلة بمغزي :
_ علي فكره، ورق العنب ده من صنع إيديا
نظر لها مضيق العينان ثم تحدث مُداعبً إياها ليستفزها :
_ ده بجد ولا هتطلع ماما هي اللي عملاه وإنتِ بتقولي كده علشان تجُري رِجلي .
قطبت جبينها وتسائت مُستغربه :
_ إيه أجُر رِجلك دي كمان ؟
أردف قائلاً بنبرة دُعابيه :
_ آه تجُري رِجلي ، طبعاً تلاقيكي قُولتي لنفسك ده دكتور حليوة طول بعرض ودمه زي الشربات، أما أجُر رِجلة بطاجن ورق العنب بالموزة اللي هو بيعشقه ده
هزت رأسها وتحدثت بنبرة رخيمة مصطنعة :
_ مغرور أوي حضرتك.
إبتسم بخفة وأجابها بنبرة حنون :
_ مغرور بحُبك يا أمل، ده أنا بحُبك ملكت الكون بحاله، إزاي عوزاني ما أكونش مغرور
إبتلعت لُعابها بفضل نظرات عيناه الهائمة التي تكاد من فرط السعادةِ تصرخُ
أما ذاك الحسن الذي همس بجانب آُذن حبيبته الجالسه بجواره قائلاً بلوم :
_ مش لو كُنتي سمعتي كلامي ووافقتي إني أجي أفاتح أولادك إمبارح في موضوع جوازنا كان زمان مائدة العشا العظيمة دي علي شرف جوازنا، مش قرديحي كده.
ضحكت بخفة وتحدثت بنبرة خجِلة :
_ وبعدين معاك بقا يا حسن، إنتَ مش ناوي تعقل بقا
هو حُبك خلي فيا عقل يا سحر هانم، جملة قالها بعدم صبر
نظر أحمد إلي كارما التي تتناول طعامها وهي تتناقل النظر بين الجميع بإستغراب، فكُلٍ يجلس بجانب حبيبهُ ويتبادلا النظرات والهمس ويضحكا في هدوء
تحدث إليها قائلاً :
_ منورة القعدة والله يا كوكي.
إبتسمت له وتحدثت بأدب:
_ ميرسي يا أنكل.
نظرت أمل إلي أحمد وهتفت بنبرة صوت إستمع لهُ الجميع:
_ دكتور أحمد، أنا عاوزة أتطوع في المركز علشان أقدر أساعد الحالات الموجودة عندكم
نظر لها بسعادة بالغة لسببين، أولهما هو تأكدهُ من إنسانية تلك الجميلة التي إختارها لتكون شريكة لحياته القادمة، والسبب الآخر هو أنه وبتلك الخطوة سيستطيع رؤيتها وإشباع عيناه من طلتها البهية يومياً
أجابها بنبرة عاقلة متجنبً حالة قلبهُ الصارخ من سعادته :
_ أنا موافق وأكيد معنديش أي مانع بالعكس ، بس الأول خدي لك إسبوعين راحة سافري فيهم لأي مكان هادي وحاولي تستجمي وتصفي ذهنك
هزت رأسها بنفي قائلة بتصميم :
_ أنا راحتي هتكون في إني أقدر أساعد غيري وأنقل لهم تجربتي مع المرض اللي أكيد هتبث جوا روحهم العزيمة والأمل
نظر لها الجميع بفخرٍ وأعتزاز ووافقوها الرأي داعمين خطوتها النبيلة تلك ، وأكملوا سهرتهم وهم يتبادلون الأحاديث الشيقة في ما بينهم، قضي الجميع سهرة سعيدة بوجود الأحباء والأصدقاء ثم إنصرف كُلٍ علي جهته
عاد أحمد إلي منزله بوجهٍ وقلبً هائمان تحت إستغراب والديه
مرت ستة أشهُر أخري، توطّدت بها علاقة أحمد بأمل حتي أنها وصلت للعشق الجارف من الطرفين وبرغم هذا إلا أنها كانت تتهرب منه ومن مصارحتهِ بالإعلان عن عشقها لهْ في كل مرة يسألها بها عن حقيقة مشاعرها تجاههُ ويتوسلها بأن تعترف لهُ بعشقها الذي يراهُ داخل عيناها كُلما هل عليها
لكنها أبت بل ورفضت عرضهُ حيث أنهُ أبلغها بإنتوائهِ التحدث مع عائلتهُ بشأن زواجهُ منها فور ظهور نتيجة الفحص الذي سيجريهُ لها بعدما مّر علي شفاؤها ستة أشهر كاملة، لكنها رفضت وبشدة مما أحزنهُ واضطرهُ لتغيير إستراتيچية التعامل معها
داخل مركز العلاج الخاص بدكتور أحمد
دلف إلي إحدي غُرف مرضاه لمتابعة حالتها، إنتفض قلبهُ عِندما وجد أمل تجاور تلك المريضة الشابة التي تبلغ من العُمر ثلاثةً وعشرون عاماً وتمتلك الكثير من جمال ملامح وجهها وتُدعي ريتال
نظر أحمد إلي أمل بلا مبالاة متجاهلاً إياها وسألها بنبرة جادة بعدما إنتوي بينهُ وبين حالهُ إجبارها علي الأعتراف بعشقه :
_ التحاليل بتاعة ريتا وصلت من المعمل؟
حزن داخلها من معاملته الجافة علي غير العادة، ثم أجابته وهي تسحب ذاك الملف من فوق المنضدة الصغيرة وناولته إياه قائلة بنبرة عملية :
_ وصلت من حوالي ساعة يا دكتور ، إتفضل
بسط ذراعهُ وتناولها منها دون النظر إلي عيناها مما ألمها ، ثم نظر إلي التقارير بدقة وتركيز وظهرت علي ملامح وجههِ شبح إبتسامة وهو ينظر إلي المريضة وهتف بنبرة حماسية:
_ برافوا ريتا، التقرير بيقول إن جسمك بيستجيب للعلاج بطريقة هايلة
أجابتهُ ريتا بإستحسان وإبتسامة تفاؤل :
_ الفضل يرجع لك يا دكتور إنتَ وأمل ودعمكم النفسي المتواصل ليا
إبتسم لها ثم تحدث بيقين :
_ الفضل كله يرجع لـ ربنا سبحانه وتعالى ثم إصرارك وقوة عزيمتك كمحاربة قوية
شكرته ريتا ثم تحرك إلي الخارج دون إضافةأي كلمات آُخري تاركً تلك المصدومة في حيرة من معاملته تلك، مما جعلها تُسرع وتتحرك خلفهُ داخل رواق المركز حيث أوقفهُ صوتها الذي خرج غاضبً رُغمً عنها جراء تجاهلهُ قائلة بنبرة حادة:
_دكتور أحمد
توقف عن الحركة وأبتسم بخُبث حيث أنه راهن لذاتهِ أنها ستلحقهُ وها قد حدث ما توقع
إلتف بجسدهِ وتحدث إليها بنبرة جادة بعدما رسم علي ملامح وجههُ الجمود:
_ فيه حاجة؟
إبتلعت لعابها من شدة خجلها ثم إستجمعت حالها وهتفت بإستفسار:
_ هو أنا عملت حاجة زعلت حضرتك مني ؟
قطب جبينهُ بإصطناع وسألها بنبرة لئيمة:
_ ليه بتقولي كده؟
إرتسم الحزن فوق ملامحها ونظرت إليه بإنكسار أدمي قلبهُ، زفر بهدوء ولام حالهُ عندما شاهد حُزنها، ثم أردف قائلاً بنبرة جادة بعدما لانَ قلبه :
_ تعالي نتكلم عندي في المكتب
تحركت بجانبه ودلفا معاً إلي الداخل وتحرك هو إلي مكتبه وجلس فوق مقعده المخصص له وذلك بعدما أشار لها وانتظرها حتي جلست أولاً
نظر لها بألم وسألها بإستفسار واهن :
_ إنتِ عاوزة إيه مني بالظبط يا أمل ؟
لا إنتِ اللي راضيه تريحي قلبي وتوافقي علي جوزانا، ولا إنتِ اللي مرتاحة لبعدي عنك وتجنبي ليكِ
وسألها مُستفسراً:
_ما تقولي لي يا بنت الناس إية اللي يرضيكي علشان ترتاحي وتريحي قلبي اللي تعبتيه معاكِ؟
نظرت إليه بضعف وعيناي صارخة تائهة ، فتحدث هو مستعطفً إياها بعيناه:
_وافقي يا أمل، وافقي
هزت رأسها برفضٍ قاطع وتحدثت بنبرة متألمة وملامح وجه حزينة مستسلمة:
_ مينفعش يا أحمد، اللي بتطلبه مني ده مستحيل
رد عليها بنبرة حادة:
_ المستحيل هو إننا نبقي بنحب بعض وعاوزين بعض وإنتِ ترفضي لأسباب تافهه
هزت رأسها وتحدثت شارحة بعيناي حزينة تتألم :
_ أرجوك يا أحمد حاول تفهمني، أنا واحدة مُطلقة وعندي طفلة، وكنت مريضة بمرض مُميت ومُعرضه إنه ممكن يرجع لي في أي وقت تاني ويقضي عليا
واسترسلت شارحة:
_وإنتَ واحد ما سبقلكش الجواز قبل كده، ده غير إنك شاب ناجح في حياتك ومليون بنت تتمناك
صاح بها وهتف بنبرة حادة:
_ وأنا مش عايز حد ولا بتمني غيرك إنتِ،
إفهمي بقا يا أمل ، أنا عمر قلبي ما دق ولا إتخطف لحد غير لما شافك
وأكمل بنبرة حنون صادقة وعيناي هائمة :
_ أنا ما صدقت لقيتك، إزاي عوزاني أسيبك واتخلي عن أحلامي بعد ما كنت قربت أفقد الأمل في إني ألاقيها وألاقيكي
نظرت إليه وأردفت بإستعطاف بنبرة متألمة توحي بمّدي ألم روحها وتشتتها :
_ بلاش يا أحمد، لو فعلاً بتحبني بجد زي ما بتقول وإني غالية عندك يبقا بلاش تحطني في الموقف المحرج ده،
وأكملت بتأكيد:
_ أهلك عمرهم ما هيوافقوا عليا ولا هيتقبلوا ظروفي الإجتماعية ولا هيتقبلوا حالتي
نظر لها بتدقيق وهتف بنبرة حنون:
_ ملكيش دعوة بالموضوع ده، أنا كفيل إني اقنعهم بيكِ وبظروفك،
وأكمل ليطمأنها:
_ علي فكره،أنا أهلي أبسط من كدة بكتير، زائد إنهم بيثقوا فيا وفي إختياراتي وعارفين إني أكيد هختار صح
واسترسل بنبرة رجُل عاشق:
_ وافقي وانا مستعد أحارب الدُنيا كلها علشانك
هزت رأسها من جديد رافضة حديثهُ وهتفت بنبرة مشتته:
_ وأنا لا يمكن أقبل إني أكون سبب في إنك تعادي أهلك وتحاربهم علشاني يا أحمد
إبتسم لها وتحدث بنبرة حنون موضحً لها الأمور :
_ سبق وقولت لك إن أهلي عقلهم أكبر وأوعي من ما تتخيلي،
وأكمل بنبرة حنون:
_ أبويا وأمي كُل أمنيتهم في الحياة إنهم يشفوني مستقر في حياتي ومتجوز وليا أسرة
وأسترسل بنبرة صادقة:
_ أنا مش هنكر إن ممكن أواجه بعض الصعوبات في إقناعهم بظروفك الإجتماعية، لكن أنا كفيل بإني أقنعهم ومتأكد إنهم بمجرد ما يشفوكي ويقعدوا معاكِ هيحبوكِ وهيغيروا رأيهم فوراً، وهيلمسوا فيكِ أمل الإنسانة
نظرت إليه بتردد فمال برأسهِ متوسلاً إياها بعيناه وهتف برجاء:
_وافقي إنتِ بس وسيبي الباقي عليا
نظرت إليه بحيرة ثم تنهدت بإستسلام وهزت رأسها بموافقة وأبتسامة لطيفة ظهرت علي شفتاها، مما جعلهُ يأخذ نفسً عميقً كما السجين الذي كان ينتظر الحكم عليه وأخيراً نطق القاضي ببرائته
كاد قلبهُ أن يتركهُ ويجري عليها ليحتضنها، إنتفضت سريعً من جلستها وأسرعت نحو الباب متجهه إلي الخارج تحت خجلها الشديد وسعادتهُ التي لا تُوصف
في اليوم التالي ظهرت نتيجة الفحص، حيثُ قام أحمد بإرسال عينة لها للفحص جيداً داخل إحدي معامل التحليل الموثوق بها وتأكد من عدم ظهور المرض مرة أخري مما طمأن قلبهُ علي غاليتهُ، تحت سعادتها التي تخطت عنان السماء هي وأسرتها
إنتهي الفصل
بسمة أمل
بقلمي روز آمين
[12:05 am, 16/10/2024] Rose Amin: بسم الله ولا حول ولاقوة إلا بالله
اللهم لا تبتلينا فيما لا نستطع عليه صبراً
نوفيلا بسمة أمل
☆ الفصل الحادي عشر ☆
ليلاً داخل منزل عزت سلام
كان يجلس أمام عائلتهُ بعدما قرر إخبارهم لإنتوائةِ خطبته لحبيبته بعدما إطمئن قلبهُ عليها
نظرت إليه والدته وتحدثت بنبرة حادة رافضة بعدما قص هو عليهم الموضوع :
_ يعني بعد صبرنا علي تأخيرك لجوازك السنين دي كلها جاي تقول لنا إنك هتتجوز واحدة مطلقة وعندها بنت وكمان مريصة سرطان؟
وأسترسلت سائلة بنبرة حزينة:
_ إنتَ بتعمل فينا كده ليه يا إبني ؟
_ليه مش عاوز تريح قلوبنا اللي تعبتها وياك .
أجابها بهدوء مُحاولاً إقناعها :
_إزاي قررتي رفضك لأمل من قبل حتي ما تشوفيها يا ماما ؟
وأكمل في محاولة منه بإقناعها:
_ شوفيها الأول وأنا متأكد إنك هتنبهري بيها وبرقتها وثقافتها وهتعرفي وقتها وتتأكدي إني إخترت صح
صاح والدهُ مُعترضً بنبرة حادة :
_ده كلام إنشا فارغ اللي إنتَ بتقوله ده يا دكتور، طب المرض أهو بتاع ربنا وكُلنا معرضين ليه والحمدلله ربنا شفاها
وأكمل مُعترضً بشدة :
_ لكن إيه اللي يجبرك تتجوز واحدة مُطلقة وعندها طفلة، إيه العيب اللي فيك يخليك تتنازل بالشكل الكبير ده ؟
تحدث حمزة محاولاً التهدئة فهو علي دراية كاملة بعشق شقيقهُ لأمل :
_ إسمح لي يا بابا، موضوع إن أمل مُطلقة وعندها طفلة ده شئ ما يعيبهاش، ياريت تدوها فرصة زي ما قال أحمد ونروح نزورهم ونتعرف عليها
أجابهُ عزت ساخراً:
_آه، أروح أزورهم علشان ألاقي أخوك المحترم مدبسني في قراية فاتحه وأنا قاعد وساعتها مش هقدر أتكلم وأوافق غصب عني .
دار الجدل بين الجميع وانتهي بالرفض التام من عزت وإنتصار، وأنفضت الجلسة بغضب أحمد وصعودهُ لغرفتهِ لأعلي بعدما أستعاذ بالله من الشيطان الرجيم كي لا يُعطي له الفرصة بأن يتدخل بينهم ويقوم بإختلاق مشكلة كبيرة
توالت الأيام ولم ييأس أحمد وبات بمحاولات عديدة لإقناع والديه يومياً وفي يوم فاتحهما من جديد
فتحدث والده بنبرة غاضبة مُستسلمة لشدة إصراره، وهو يتحرك للأعلي قاصداً غرفته العُليا :
_ إعمل اللي إنتَ عاوزة ، إنتَ أصلاً طول عُمرك واجع قلبي معاك وعمرك ما ريحتني.
حزن لأجل غضب والده حين تحدثت إنتصار بإستعطاف :
_يا أبني راجع نفسك من تاني علشان خاطري ، بقا بعد إنتظارنا لجوازك السنين دي كُلها عاوز تتجوز متعافية سرطان وكمان مطلقة وعندها بنت
وسألته بإستجداء :
_ ليه يا حبيبي بتعمل في نفسك وفينا كده ، ده أنتَ أحمد سلام اللي بنات البلد كلها يتمنوا نظرة واحدة منه، ناقصك إيه يا ابني علشان تتجوز اللي إسمها أمل دي ؟
رد عليها بعيون تإنُ عِشقً :
_ناقصني روحي اللي هي هتكملها لي يا أمي، أنا بيها لقيت نصي اللي هيكملني ويجملني، لقيت فيها حلمي اللي عيشت عمري كله أدور عليه بين الناس لدرجة إني خلاص كنت هيأس وأقول لنفسي إني مش مكتوب لي ألاقيها
وأقترب علي والدته وأمسك كفاي يداها وتحدث مُستعطفً :
_ أرجوك يا أمي حاولي تفهميني، أنا بحب أمل بجد وما صدقت إني ألاقيها،
وأكمل برجاء:
_ أنا مش عاوز أعمل حاجة تزعلكم مني
ورفع كتفيه بتأكيد قائلاً :
_ لأني مش هقدر أبعد عنها ولا أتخلي عن حبي ليها تحت أي ظروف.
شعرت بضعف ولدها وعشقهِ الهائل الذي يظهر من مقلتيه صارخً وهو يتحدثُ عنها، وما كان منها غير الإنصياع لرغبة صغيرها الحبيب
إبتسمت بوهن ومسحت علي شعر رأسهِ وتحدثت مجبرة لأسعاد قلب نجلها :
_ هقول لك إية بس يا إبني،أنا كان نفسي تتجوز أحسن بنت في الدُنيا كلها، لكن طالما ده هو إختيارك، مقدرش أقف قدام سعادتك،
وأكملت بتنهيدة مهمومة :
_ مبروك يا حبيبي
ذهُلَ وأتسعت عيناه مما إستمع منها وهتف بنبرة مُتلهفة :
_ اللي سمعتة منك ده حقيقي يا ماما، حضرتك وافقتي علي أمل بجد ؟
إبتسمت لسعادته الهائلة من مجرد موافقتها وتأكدت من عشق إبنها الهائل لتلك الأمل
وضعت كف يدها فوق وجنتهُ وتحسستها بحنان وتحدثت بإيجاب :
_ما أقدرش أقف قدام حاجة ممكن تسعدك يا حبيبي، هو أنا هعوز إيه من الدنيا غير إني أشوفك سعيد ومتهني ومرتاح في حياتك إنتَ وأخوك .
إحتضنها بسعادة وهتف بنبرة شديدة السعادة :
_ربنا يخليكِ ليا يا أمي وما يحرمنيش منك أبداً
وأكمل بنبرة حماسية:
_ وصدقيني، أمل حد كويس أوي وأنا متأكد إنك هتحبيها جداً لما تعرفيها وتعاشريها
شعرت بالسعادة لما رأتهُ من سعادة عارمة غزت صغيرها الحبيب وتحدثت بنبرة حنون:
_ ربنا يسعدك يا أحمد ويجعلها زوجة صالحة ليك وتقدر تسعدك وتعوضك عن كُل اللي فاتك
إبتسم لها بسعادة في حين إقترب منه حمزة وأحتضنه بشدة مربتً علي ظهر شقيقهُ بقوة مهنئً إياه قائلاً بنبرة حماسية:
_ مبروك يا عريس، ألف مبروك
شعر بسعادة الدنيا وبادل شقيقهُ إحتضانهُ بقوة شاكراً إياه
و تحدثت عُلا زوجة حمزة بنبرة أخوية سعيدة :
_ ألف مبروك يا دكتور، ربنا يتمم لك بخير.
نظر لها وتحدث بإمتنان :
_ مُتشكر يا عُلا
بعد يومان كان يجلس العاشقان قُبالة بعضيهما داخل منزل سَحر بحضور جميع أفراد العائلتين ومباركتهم، وذلك بعدما رأوا أهل أحمد سماحة ورُقي أخلاق وسمو أمل وعائلتها
تحدثت سَحر برُقي وأحترام:
_ البيت نور بتشريفكم لينا
إبتسمت إنتصار وهي تنظر بإستحسان إلي أمل التي تجلس بوجهٍ نضر بعدما إستعادت صحتها من جديد بعد التعافي
وتحدث عزت سلام بنبرة هادئة موجهً حديثهُ إلي إيهاب وسحر:
_ نتكلم في المهم بقا يا حضرات، أنا عاوز أفرح بالدكتور أحمد في أسرع وقت مُمكن
وأكمل بدُعابة وهو ينظر إلي نجله بعدما تأكد من حُسن إختيارهُ :
_ كفاية اللي عدي وفات من عُمر الدكتور وهو مستني ظهور فتاة احلامه
إبتسم الجميع علي دُعابته اللطيفة، ثم هتف أحمد وتحدث بسعادة ونبرة متلهفة :
_ وأنا موافق علي كلام حضرتك وجداً
ضحك الجميع علي تسرع ذاك العاشق تحت خجل أمل التي كانت تشعر بأن الحياة فتحت لها أبواب السعادة من جديد علي مسرعيها
فتحدثت إنتصار بنبرة حماسية وهي تنظر إلي سحر وأمل :
_ بكره إن شاء الله نروح للجواهرجي اللي بنتعامل معاه علشان أمل تختار شبكتها
وافقها الجميع الرأي تحت سعادة أحمد الذي نظر لحبيبته الخجولة وبدأ قلبهُ بالخقان السريع من شدة إبتهاجه وعدم إستيعابه أنها وأخيراً ستُصبح أميرة حياتهُ
_____
بعد مرور شهر
دلفت معهُ إلي جناحهُ الخاص المتواجد داخل منزل والده مرتدية ثوب زفافها الإسطوري الذي أصّر أحمد علي إرتدائها له داخل حفل الزفاف الهائل الذي أقامهُ عزت لنجلهِ الأكبر، وذلك بحضور كِبار رجال الدولة والمال والأعمال الذين حضروا مُهنئين وهم يشهدون علي توديع أشهر عازب داخل الوسط لعزوبيته
أدخلها ودلف بها لداخل حُجرة النوم التي جهزتها لهما إنتصار علي أعلي مستوي، كانت تقف خجلة ناظرة أسفل قدميها، تفرك بكفيها من شدة توترها وكأنها تُزف لأول مّرة ، إقترب منها ومد يدهُ ممسكً ذقنها الرقيق وحسها علي النظر داخل عيناه التي تنطقُ عشقً
وتحدث بصوتٍ مبحوح تأثُراً من هول اللحظة وهو ينظر إليها بعيناي عاشقة :
_أمل، بصي لي، بصي في عيوني وطمني قلبي وأروي لي عطش السَنين
كانت تستمع إليه بشفاه مُرتجفة مما أثار جنونهُ ولم يعي علي حاله إلي وهو يلتقطهما بين شفتاه ليذوبا معهما كقطعة الشيكولا الذائبة داخل قدح القهوة الساخن، وما كان منها إلا التجاوب معهُ بكل ذره بجسدها، ضمها وشدد من إحتوائهِ لها بجنون وما زالت شفتاه ذائبة بكريزتيها يعزفان معاً أجمل معزوفة موسيقية
إبتعد عنها قليلاً ليأخُذ كلاهُما نفسً، وتحدث وهو يلهث بإستمتاع:
_طعم حُبك حلو، حلو أوي يا حبيبي.
أنزلت بصرِها خجلاً مع إبتسامة لطيفة فتحدث هو بنبرة حاول التحكم بها بحاله :
_تعالي أساعدك في خلع الحجاب والفستان علشان نصلي، وبعدها
ونظر لها مُبتسمً واستطرد قائلاً :
_علشان بعدها هحكي لك حكاية هتعجبك أوي.
خجلت من تلميحاته أما هو فبدأ بسحب سِحاب الثوب وساعدها بفك حجابها تحت خجلها المُميت، دلفت إلي الحمام لتتوضأ وبعد مده كانت تقف خلفهُ وشرع هو في الصلاة ليبدأ حياتهما علي طاعة الله كي يُبارك لهما بها
بعد مده كانت تتمدد بجانبه فوق فراشهما، واضعه رأسها فوق صدرهِ مُتشبثة بكتفهِ بقلبٍ مُطمأن وروحٍ مُستكينة ، أما هو فشعوره لا يوصف بمجرد كلمات، فحقاً وجد ملاذهُ الذي طال إنتظاره وقضي حياتهُ بالكامل في البحث عنه ، كان يُشدد من ضمتهِ لخصرها وكأنه يخشي بل ويرفض فكرة إبتعادها عن أحضانه
تحدثت هي بنبرة حنون:
_ أقول لك علي حاجة؟
همهم هو بصوتٍ هائم سارح في ملكوت عشقها :
_ إممم.
إبتسمت لحالة العشق والسلطنة التي وصل إليها عاشقها معها فتحدثت بنبرة حنون :
_ كنت فاكرة إني هكون مكسوفة أوي وأنا معاك وأتحرج منك، بس إستغربت نفسي لما لقيتني مندمجة معاك بسرعة كدة .
أخذ نفسً عميقً وتحدث بإستمتاع :
_عارفة ده حصل ليه ؟
وأكمل شارحً:
_علشان إحنا إتخلقنا لبعض يا أمل، حتي أجسامنا ما أستغربتش حالها وكأنها لقت اللي بتدور عليه
إعتدل ورفع وجهها لتقابل عيناه وتحدث بنبرة هائمة:
_ أنا عشت عُمري كله مستنيكي وعارف إني مش هعيش اللحظة دي وأوصل للشعور ده غير معاكي إنتِ بالذات
وأكمل مؤكداً:
_ إنتِ يا أمل مش حد غيرك .
شددت من إحتضانه وتحدثت بسعادة :
_ إنتَ هدية ربنا ليا اللي لو عشت عُمري كُله أسجد له وأشكره عليها مش كفاية يا أحمد .
تنفس بإسترخاء وتحدث ناظراً إلي عيناها :
_ وإنتِ ست قلبي وتاج راسي اللي كنت بدور عليه علشان يتوجني ويحسسني بقيمة وجودي في الدنيا .
ثم غاص معها من جديد في عالم عشقهِ المُميز الذي إحتفظ لها به طيلة سنوات وسنوات وهو يبحث عنها من خلال رحلة بحثهِ التي طالت ولكنها تُوجت بنهايه لا مثيل لها
في الصباح
كانت تقف أمام مرأتها تتزين بعدما أخذت حمامً دافئً بصحبة ذلك العاشق الذي لم يتركها لحالها بلحظة، كان يقف خلفها وهو يلف ساعديه حول خصرها مشدداً عليه برعاية وهو ينظر بهيام علي إنعكاس عيناها في المرأه، مال علي عُنقها وبدأ بوضع قبلات شغوفة فوقهُ تحت سعادتها وإندماجهما معاً ، أخرجهما مما هما عليه إستماعهما إلي صوت جرس الباب، فتركها مُجبراً وتحرك إليه وفتحهُ، إنشرح صدر والدتهُ عندما رأت إنعكاس السعادة والراحة الداخلية تظهران علي ملامح وجه صغيرها الذي أُنير وأصبح يشعُ سعادة
إحتضنته وربتت علي ظهرهِ بحنان وهتفت بنبرة سعيدة:
_ ألف مبروك يا حبيبي، أخيراً يا أحمد .
إبتسم لها وأُنير وجهه متحدثً :
_ الله يبارك فيكِ يا حبيبتي
وأشار بيده إليها للدخول، إلتفت هي إلي العاملة التي تحمل بين يديها صَنية مملوئة بأصناف متعددة من الأطعمة المختلفة
دلفت العاملة ووضعت ما بيدها فوق منضدة جانبية وعلي الفور تحركت إلي الأسفل من جديد ، وضلت إنتصار حتي تقدم التهنئة إلي العروس قبل أن تتحرك هي الأخري إلي الأسفل،
خرجت أمل بجانب حبيبها الذي يُمسك بكف يدها متشبثً به برعاية، تحركت إنتصار إلي تلك الخجولة التي تنظر أرضً ومن يري شدة خجلها يعتقد أنها الزيجةُ الأولي لها
إحتضنتها إنتصار وتحدثت بسعادة بعدما تأكدت أن سعادة نجلها لم تكُن لتكتمل بدون تلك الرقيقة:
_ ألف ألف مبروك يا حبيبتي
أجابتها أمل بنرة رقيقة:
_متشكرة يا طنط
هتفت إنتصار معترضة بنبرة صادقة:
_ لا طنط دي إيه
وأكملت بنبرة حانية:
_ من إنهاردة مش هتقولي لي غير يا ماما زيك زي أولادي بالظبط
وأكملت بنبرة حنون وهي تنظر لسعادة أحمد الذي يتشبث بكف حبيبته وينظر لها متشوقً :
_ أنا اللي يحب ولادي ويريحهم، أشيله جوة عيوني
إبتسمت أمل بسعادة وانسحبت إنتصار عائدة إلي الأسفل كي تُعطي العروسان مجال للخلوة وذلك للإستمتاع ببعضيهما كعروسان حديثي الزواج ، سحبها أحمد من كف يدها وجلس فوق المقعد وأجلسها فوق ساقية براحة، وشرعا معاً بتناول الطعام، وبدأ هو بإطعامها بيده بحنان، تحت سعادتها التي تخطت عنان السماء
_____
بعد مرور حوالي عشرة أشهر،داخل المشفي الإستثماري الخاص بعزت سلام والد أحمد، والذي عُين أحمد بها مديراً بجانب إدارته للمركز وايضاً تعيينهُ الخدمي في أحد المستشفيات العامة الخاصة بالدولة
كان يقف بجانبها وهو يرتدي المريول الخاص بالعمليات، مُمسكً بكف يدها بأحد كفاه ويضرب بالأخر بخفة علي صدغِها كي تفيق قائلاً بنبرة حنون :
_ أمل، فوقي يا حبيبي، يلا فتحي عيونك، أمل .
تمللت برقدتها وبدأت بتحريك أهدابها الكثيفة وهي تفتحهما وتغلقهم مرات متتالية ثم تحدثت بهمس وكأنها تري حُلماً :
_أحمد، أنا فين ؟
إبتسم لها وتحدث ليُطمأنها :
_ إنتِ في أوضة العمليات يا حبيبي، يلا فوقي علشان تشوفي أولادك .
إبتسمت له عندما تذكرت تؤأمها الذكور الذي أنعم الله عليها بهما
حين أتي إليها الطبيب المسؤول عن البنج وتحدث إلي أحمد بإحترام :
_طمني يا دكتور، المريضة فاقت ؟
أجابهُ أحمد بهدوء وهو يومئ له بإيجاب :
_الحمدلله.
نظر لها طبيب البنج وهو يضرب علي أرنبة أنفها بسبابته وتحدث :
_حمدالله على السلامة يا مدام، فتحي عيونك وحاولي تخرجي نفسك من حالة النُعاس .
أومأت بضعف وعيناي مازالت تغلق وتفتح بإرهاق
حين تحدث أحمد إلي طبيب الأطفال الذي يبتعد عنهُما بقليل ويُتابع الكشف الطبي علي طفلاه ليطمأن علي مؤشرات جسديهما الحيوية :
_ لو خلصت كشف علي الأطفال وقطعت لهم الحبل السُري ياريت تبعتهم مع الممرضة للأم يا دكتور .
أومأ له الطبيب قائلاً:
_خلصت والأطفال ماشاء الله صحتهم زي الفل، مبروك يا دكتور ويتربوا في عزك إن شاء الله .
شكرهُ أحمد وأنهالت علي مسامعه المباركات من جميع فريق العمل الذي حضر إجراء العملية.
إقتربت إحدي الممرضات إليه تحمل أحد أطفاله وناولتهُ إياه وتحدثت بسعادة :
_ألف ألف مبروك يا دكتور، اللي جاب لك يخلي لك
شكرها وحمل عنها طفلهِ العاري تمامً من الملابس وقربهُ من وجه أمل وهمس لها بجانب أُذنها :
_ملي عينك من حصاد حُبنا يا أمل، شُفتي عوض ربنا لينا قد إيه جميل وعظيم .
إبتسمت بوهن ووضعت شفتاها علي خد الصغير الذي قرب بالفطرة شفتاه من شفتاي والدتهُ وبدأ بالمَص بها وذلك لشدة جوعهُ
أبعدهُ سريعً ذلك المجنون عاشق إمرأتهُ وتحدث إلي صغيرهُ بدُعابه:
_إحنا من أولها كده هنبتدي قلة الأدب والتعدي علي حقوق الغير ولا إية يلاَ
ضحكت بوهن وتحدثت مستعطفة عندما إستمعت لصراخ صغيرها الذي بدأ بالأنيين :
_حرام عليك يا أحمد، قرب الولد لحضني، ده يا حبيبي شكلة أتقمص منك
أجابها بدُعابة ونبرة عالية :
_أيوة بوظيه إنتِ بدلعك فيه ودفاعك عنه يا هانم.
ضحك جميع من في الغرفة علي دعاباته لطفليه وزوجته وهذا ما لم يعهدوا عليه من أحمد سلام من ذِي قبل بحكم عملهم معهُ
بعد مرور حوالي ثلاثة ساعات
داخل الغرفة المخصصة لها بالمشفي حيثُ زُينت بالزينة والبلالين بلونها الأزرق الخاطف للأبصار والخاص بإحتفالات المواليد من الذكور، كانت تتمدد علي تختها وحولها جميع أحبائِها
تحدثت إنتصار التي تحمل أحد الصِغار والذي أطلق عليه أحمد إسم، عُمر وتُشدد عليه برقة كمن وجد أخيراً ملاذهُ الذي كان يبحث عنه لسنواتٍ كُثر :
_ الله أكبر عليهم زي القمر يا حبايبي
ونظرت إلي أمل التي باتت تعشقها وتعتبرها إبنتها التي لم تُنجبها لما وجدتهُ بها من أخلاق عالية وجمال لروحها، وما زاد غلاوتها في قلبها أنها جعلت من أحمد شخصً سعيداً للغايه وهذا أقصي ما تتمناهُ الأمهات الصالحات التي تريد الصلاح والفلاح لأبنائها
تحدثت إنتصار إلي أمل بنبرة حنون :
_ حمدالله على سلامتك يا بنتي، ربنا يبارك لك فيهم ويجعلهم بارين بيكي زي ما بباهم بار بيا وحنين عليا.
إبتسمت سحر التي تحمل الصغير الآخر والذي أطلق عليه أحمد إسم حمزة تيمُناً بإسم شقيقهُ الغالي وتحدثت :
_يسلم أصلك الطيب يا مدام إنتصار، ويتربوا في عزكم إن شاءالله .
تحدثت رانيا الواقفه بجانب زوجها طارق وبطنها مُنتفخ جراء حَملِها الأول:
_طمنيني علي الولاده يا أمل ؟
إبتسم لها أحمد وتحدث بدعابه كي يزيل عنها توترها:
_متقلقيش يا رانيا، الولاده أسهل مما يكون، بتنامي زي أمولة كده وتقومي تلاقي أولادك جنبك .
ضحك الجميع وتحدثت عُلا زوجة حمزة :
_لو الموضوع بالسهوله دي مكنش حد غُلب يا دكتور.
ثم تحدثت علا من جديد:
_ما فيش واحده في البيت ده تكسر الروتين وتخلف لنا بنت، عمو عزت جاب ولدين، وحمزة مخلف ولدين
وأكملت بدُعابة:
_حتي الدكتور اللي كان مُضرب عن الجواز يوم ما فكر وخلف جاب لنا الولدين دُفعه واحدة
قهقه الجميع في حين تحدثت إنتصار وهي تمسح علي ظهر كارما الجالسة بجانبها تُداعب شقيقها، والتي مُنذ زواج أمل وهي تعتبر كارما حفيدتها وتعلقت بها للغاية، وأيضاً كارما التي تُناديها نانا وتحبها كثيراً
تحدثت إنتصار بحديثٍ ملئ بالصِدق :
_ مين اللي قال لك يا ست عُلا إننا مكسرناش الروتين، أومال أميرتي حبيبة نانا دي تبقا إيه؟
إبتسمت لها عُلا وأومأت بموافقة، في حين سعد قلب أمل وسحر ورانيا علي حب تلك الصادقة لتلك الكارما
حين تحدثت كارما إلي إنتصار بإلحاح :
_ممكن يا نانا اشيل البيبي شوية صغيرين؟
أجابتها إنتصار بطاعة وحُب :
_إنتِ تؤمري يا عيون نانا، بس أنا همسكة علشان هو لسه صُغير وهيقع منك
إقترب عزت علي كارما وتحدث إليها بنبرة رحيمة كي لا يجعلها تشعر بالغيرة إتجاه الصغيران كما يحدث دائماً في العادة :
_ شفتي أخوكِ جميل إزاي يا كارما، من إنهاردة عُمر وحمزة هيبقوا تحت حمايتك
إبتسمت الصغيرة وأردفت قائلة بثقة بعد حديث عزت الذي بث داخلها القوة والثقة :
_حاضر يا جدو، أنا هخلي بالي منهم كويس وهشيلهم مع نانا إنتصار
أما ذاك العاشق الذي سحب مقعداً وجلس بجانبها وأمسك كف يدها ثم قربهُ من فمه ووضع فوقهُ قُبلة حنون بث بها شكره وأمتنانه وعِرفانه لها
وتحدث بنبرة عالية إستمع لها الجميع :
_شكراً علي كل حاجة حلوة إديتها لي يا أمل ، شكراً علي الحياة اللي منحتيها لي وما كُنتش فاكرها موجوده أصلاً، شكراً علي السعادة، علي الحب، علي الوفاء والأمان اللي حسيته وأنا جوة حُضنك، شكراً علي ولادي هدية ربنا ليا اللي منحها لي علي إديكي،
وأكمل بعيون تنطقُ عِشقً جعلت جسد الجميع يقشعر من صدق حديثهُ :
_أنا بشكر الظروف وممنون للمرض اللي وصلك ليا علشان تنوري لي حياتي يا أمل
كانت تستمع إليه ودموعها تسيلُ فوق وجنتيها بغزارة من شدة تأثُرها، وتأثر أيضاً الجميع ونزلت دموعهم تأثراً بحديث ذاك العاشق لحبيبته
إنتهي الفصل
بسمة أمل
[12:06 am, 16/10/2024] Rose Amin:
نوفيلا بسمة أمل
☆ الفصل الثاني عشر ☆
قدم أمير علي قرض مُنذُ أكثر من خمسة أشهُر ، وذهب إلي الطبيب الذي قام بإجراء العملية إلي هدير ولكنها فشلت لحكمة يعلمها الله سبحانهُ وتعالي، وبدأت الخلافات والمناوشات تعود إلي حياتهما من جديد بل وأكثر من ما كانت عليهِ ذي قبل، طلبت منه هدير أن يُجري لها العملية مرةً أخري علي أمل أن يحدث المراد تلك المرة، لكنهُ رفض بإستماتة وأصّر علي موقفه مُعللاً بعدم قدرته المالية، فبعثت لأهلها وتجمعت العائلتان في منزل مصطفي عساف لمناقشة الأمر
تحدثت عنايات بنبرة حادة :
_لازم تتصرف وتعمل لها العملية يا أمير، إنت سمعت الدكتور بنفسك وهو بيقول إن الأمل في الحمل المرة دي كبير وإن المرة اللي فاتت هدير ما مشيتش علي التعليمات زي ما الدكتور طلب منها بالظبط .
زفر أمير بضيق وتحدث بنبرة ساخرة :
_هو أنتِ ليه محسساني إني هفتح دُرج الكُومود وأطلع منه الخمسين ألف جنية بكل سهولة
واسترسل شارحً:
_ يا طنط أنا واخد قرض في العملية الأولي ولسه لحد الآن ما سددتش جنية واحد منه، ومش عارف هسدده إزاي أصلاً مع طلبات الهانم بنتك اللي ما بتخلصش .
تحدثت هدير بنبرة تهكُمية مقللة من شأن زوجها أمام الحضور :
_طلبات إية يا حسَرة اللي بتتكلم عنها دي؟
أومال لو معيشني زي بقيت الناس كُنت قُلت إيه، والنبي خليني كاتمة جوايا وساكتة.
تحدثت راوية بنبرة حادة لائمة :
_ساكتة، كل اللي قُولتيه ده وساكتة، أومال لو إتكلمتي يا حبيبتي كنتي هتقولي إية أكتر من كده.
أردفت عنايات قائلة بنبرة حادة وقحة تدل علي تدني أخلاقها :
_ هتقول كتير أوي يا أم أمير، ده كفاية بُخله عليها في موضوع الأكل يا حبيبتي.
جحظت عيناي أمير وهتف يتسائل بنبرة حادة :
_ هي قالت لحضرتك إني ببخل عليها في الأكل ؟
وأكمل بجنون :
_ ده أنا كل مرتبي ضايع علي الأكل الجاهز اللي بنتك خاربه بيتي عليه، ده أنا من وقت ما أتجوزتها ما أكلتش من إديها لحد إنهاردة ييجي عشر مرات ، وكل يوم تطلب أكل من مطعم شكل وتحطني قدام الآمر الواقع قدام عامل الدليفري.
وضعت هدير ساق فوق الآخري وتحدثت بتباهي وغرور :
_ والله إنتَ واخدني من بيت بابا وإنتَ عارف إني ما بعرفش أطبخ.
ردت عليها شيرين بنبرة حادة بعض الشئ :
_ أيوا يا هدير، بس إنتِ وقتها وعدتينا إنك هتتعلمي تطبخي لما قُلت لك إن أمير ما بيحبش أكل المطاعم .
تحدثت عنايات بجرأة ودفاع عن إبنتها :
_ حاولت وأكلها معجبش أخوكِ يا ست شيرين .
أما مصطفي الذي نطق بعد أن فاض بهِ الكيل من قذف الجبهات الدائر ببن الجميع :
_ خلاص يا جماعة من فضلكم، ياريت تسيبكم من موضوع الطبخ والكلام الفاضي ده وتخلينا في المهم.
تحدث أكرم زوج شيرين مُتسائلا بتهكم غير لائق :
_ وياتري يا عمي أية هو المهم بالنسبة لحضرتك ؟
تنفس مصطفي عالياً وزفر بهدوء ليتلاشي تلك النبرة المقللة من شأنه، ثم تحدث بتعقُل وحكمة :
_ خلينا نتكلم بصراحة يا أكرم يا إبني ، لا أنا ولا إبني حِمل إننا نعمل لأختك عملية زي دي تاني وخصوصاً إنها مش مضمونة
إنكمشت معالم وجه عنايات وتسائلت بنبرة حادة :
_ معناته إية الكلام ده يا أبو أمير ؟
أجابها بهدوء واستسلام :
_ معناه إننا نرضي بقضاء ربنا وحكمته يا أم أكرم ، وإن كان ربنا رايد لهم الخلفة هتحصل من غير عملية ولا أي حاجة، وياما ناس إتأخرت بالعشرين سنه وربنا رزقهم بعد ما صبروا .
هتفت هدير بنبرة حادة تخلو من آداب الحديث وأحترام الغير :
_ نعم، وإنتَ بقا عاوزني أقعد جنب إبنك عشرين سنة أستني الفرج ويا يحصل يا مايحصلش؟
إستشاط داخل أمير وتحدث إليها بنبرة غاضبة :
_ إتعدلي وإنتِ بتتكلمي مع أبويا، هو ده رد تردي بيه علي راجل في سن أبوكي يا بنت الأصول؟
أجابته عنايات بدفاع مُستميت عن إبنتها :
_وعاوزها ترد إزاي يا أمير وأبوك بيقول لها تحط إيدها علي خدها وتقعد زي الولايا تستني الفرج اللي يا ييجي يا ميجيش.
أردفت راوية قائله بنبرة مستفزة :
_ والله من ناحيتنا إحنا عملنا اللي علينا وزيادة، وده آخر ما عندنا، لو مش عاجبكم الكلام إعملوا لها إنتم العملية علي حسابكم .
تحدث أكرم مُستنكراً الحديث :
_وإحنا ندفع لها ثمن العملية ليه إن شاء الله ، هو العيل اللي هييجي ده هنكتبه بإسمنا ولا هيبقا علي إسم إبنك
تحدثت راوية بنبرة حادة :
_ والله ده اللي عندنا وإنتوا أحرار بقا .
صاحت عنايات بكل صوتها قائلة بإهانة :
_ قولي كدة بقا يا ست راوية، إنتم قعدتم مع نفسكم وقلتوا أما نستغفل عنايات وإبنها ونخليهم يعملوا لبنتهم العملية زي ما أستغفلتم أهل مراته الأولي وخلتوهم يتحملوا علاج بنتهم، وبعدها إبنك شال إيده من الحكاية كُلها، بس ده بُعدكم، أنا مش هحط مليم واحد
وأكملت بنبرة تهديدية :
_ويا إما أبنك يعمل العملية لهدير الشهر ده، يا كل واحد فيهم يروح لحاله
إنتفض أمير من جلسته وكأنهُ وجد ما كان يبحث عنه من خلال كلماتها وتحدث بتأكيد :
_ أحسن كلمة إتقالت من وقت ما بدأنا القعدة دي ، كل واحد يروح لحاله
إتسعت عيناي عنايات بذهول فهي لم تقصد ما تفوهت به ولم تتوقع أن يوافق أمير علي الطلاق، وإنما ذكرته فقط للتهديد
فتحدثت عنايات هاتفة بنبرة حادة :
_ده أنتَ بتتلكك بقا يا أمير، بقا عاوز تاخد بنتي لحم وترميها عظم، هقولك إية ما أنت الخسة والندالة بتجري في دمك،
وأكملت بإهانة لشخصه :
_ بس العيب مش عليك، العيب علينا إحنا اللي أمناك علي بنتنا وجوزنها لك بعد ما شفناك بعنينا وإنتَ بترمي مراتك الأولي أم بنتك.
إنفعل أمير وتحدث بحدة :
_ إحترمي نفسك يا ست إنتِ ومتدخليش نفسك في اللي ما يخصكيش
إحتد أكرم لأجل إهانة والدته وتحدث بنبرة حادة :
_ إحترم نفسك إنتَ ولِم لسانك، عامل لي فيها راجل علي إية وإنتَ فيك كُل العِبر
تحدث أمير بنبرة غاضبة بعدما فقد السيطرة علي حاله :
_ طب طالما إنتَ شايفني مش راجل قدامك يا سي أكرم فأختك طالق، طالق بالتلاتة كمان .
صدمة ألجمت الجميع وشلت حواسهم من حديث ذاك المتهور، إنهارت قوي شيرين وراوية وانتفض قلبهما برعب لما هو قادم
فتحدث مصطفي ناهراّ نجلهُ بنبرة ضعيفة وذلك من شدة تعبه الذي أصابه مؤخراً من كثرة المشاكل التي لم تعُد تنتهي بسبب هدير ووالدتها :
_ إيه اللي عملته ده يا أبني، إنتَ إتجننت؟
أجابهُ اميرة بصياح غاضب وكأنهُ فقد عقلة :
_ بالعكس يا بابا، أنا عقلت وبصلح وضع كان غلط من الأساس، الجوازة دي مكنتش ليا ولا من مقامي، دي كانت جوازة سودة
وبتلك الكلمات قد فتح علي حاله باب هو ليس بمقدورهِ الوقوف أمام ريحهُ العتيه
حيثُ هتفت هدير بنبرة ساخطة مهينة لرجولته :
_ مقام مين يا أبو مقام ، هو أنتَ فاكر نفسك راجل وليك مقام وقيمة زي باقية الرجالة ، ده أنا كُنت صابرة عليك غُلب وأقول يا بت خليكي بنت أصول وأستري علي جوزك وداري عيوبه اللي مفيش ست عاقلة تتحملها، تقوم تطلقني يا اللي محسوب علي الرجالة غلط.
جري عليها أمير وكاد أن يصفعها علي وجهها لولا يد أكرم التي سبقته ودفعهُ بيداه ليبتعد عنها وتحدث بغضب :
_ هي حصلت لكدة ، بقا عاوز تمد إيدك علي اختي قدامي وكمان بعد ما طلقتها.
ثم نظر إلي شيرين وتحدث بنبرة غاضبة خالية من العقل :
_ وإنتِ يا ست شيرين يا اللي فضلتي تزني علي عقلي أنا وأمي علشان نوافق علي جوازة هدير من أخوكي علشان تزلي مراته بنت الأصول وهي مريضة
واسترسل بعيناي متسعتان من شدة غضبهما:
_بس الحقيقة إن إنتِ اللي مريضة بالحقد والغيرة من أمل
وأكمل بنبرة حادة:
_ وعلشان إنتِ كنتي السبب الرئيسي في الجوازة السودة دي، فلازم إنتِ كمان تاخدي مكافأتك من الليلة دي كُلها وينوبك من الحُب جانب .
ونظر داخل مقلتيها وتحدث بقوة :
_ إنتِ طالق،طالق،طالق بالتلاتة يا بنت راوية
وقعت عليها الكلمة كصاعقة الكهرباء التي شلت جميع حواسها،أما راوية فلطمت خديها وباتت تندب حظ أولادها
وتحدث أكرم بقوة وشماتة إلي أمير :
_ كدة بقينا خالصين يا برنس
وأشار إلي أطفاله الثلاث وتحدث بشماتة :
_وعيال أختك عندك أهم ، هسيبهم لك وإبقا وريني بقا هتصرف عليهم إزاي إنتَ وأبوك يا سبع الرجالة.
ثم أشار إلي شقيقتهُ للتقدم للخروج و والدته التي تحدثت بسعادة :
_ تسلم البطن اللي شالتك يا أكرم،راجل من ضهر راجل يا بصحيح
ثم وجهت بصرها إلي راوية وهتفت بنبرة شامتة:
_ إفرحي بقا بقعدة بنتك جنبك بالتلات عيال يا راوية
وخرج ثلاثتهم وصفقوا خلفهم الباب بقوة زلزلت أركان المنزل بأكمله
ثم تحدثت راوية وهي تلطم خديها بإنتحاب :
_يا خراب بيتك يا راوية، يا خيبتك التقيلة في ولادك الإتنين
ثم نظرت إلي أمير وهتفت بنبرة لائمة:
_خربت بيت أختك يا أمير، خربت بيت أختك وأرتحت؟
تحدث إليها أمير بنبرة فظة :
_ ماحدش خرب بيتنا ووصلنا للي إحنا فيه ده غيرك إنتِ وبنتك، لولاكم كان زماني عايش مع مراتي وبنتي في هنا ، وأختي عايشة مع جوزها في بيتها بعيد عن مشاكلنا
وأكمل بتنبيه:
_ فياريت متجيش تلوميني علي تخطيتكم وتنفيذكم لليلة كلها يا أم أمير
إرتمي مصطفي فوق الأريكة وتحدث بنبرة ضعيفه :
_ لله الأمر من قبل ومن بعد
ثم نظر إلي راوية وهتف بنبرة لائمة:
_ ده ذنب المسكينة اللي قهرتيها في عز مرضها وخليتي جوزها يتخلي عنها في عز شدتها ويروح يخطب ، ربنا أخد لها حقها منك ومن بنتك يا راوية
نظرت إليه بإستحياء ودموع الندم تزرف من قلبها قبل عيناها فأكمل هو بلا رحمة:
_ كُنت فاكرة إن ربنا هيعدي لك اللي عملتيه فيها من غير ما يعاقبك عليه في دنيتك قبل أخرتك، ربنا مع المظلوم، وقف معاها وشفاها وجاب لها حقها منكم وهي قاعدة مكانها
وأكمل بيقين:
_ يُمهل ولا يُهمل يا راوية
شهقت راوية بصوتٍ عالي وأيضاً شيرين التي تبكي بهيستريا غير مستوعبة ما حدث معها منذُ القليل
_____
عصراً، داخل حديقة عزت سلام
كان عزت يجلس فوق مقعداً وهو يحمل أحد التوأمان الذي أتم شهرهُ الخامس ويداعبهُ تحت ضحكات الصغير العالية التي تملئ قلب من حولهُ بالسرور والبهجة
تجاورهُ إنتصار وهي تجلس بجانب كارما التي تحمل شقيقها الآخر وتداعبهُ في جو ملئ بالألفة والمحبة
تحدث عزت إلي إنتصار وهو ينظر إلي الصغير بحنان :
_ سبحان الله، الولاد قلبوا وبقوا شبه أحمد بالظبط يا إنتصار
إبتسمت له وأردفت قائلة:
_الله أكبر عليهم يا عزت، فعلا بقوا شبه أبوهم أوي
نظر عزت إلي كارما وتحدث بنبرة مُحب لائم :
_ وأنتِ بقا يا أستاذة كارما هتفضلي مقضياها لعب كدة ومش هتذاكري دروسك ؟
وأكمل بنبرة حنون:
_ الدراسة في المدارس الألماني صعبة يا كوكي ومحتاجة إجتهاد
تحدثت الصغيرة إلي عزت الذي تناديه بـ جدي وتحبهُ كثيراً وذلك لشدة حنانهُ عليها:
_ أنا بذاكر مع مامي والله يا جدو حتي إسأل نانا ، بس أنا بحب أقعد معاكم لما بتلاعبوا عُمر وحمزة
إبتسمت إنتصار ومسحت بكف يدها علي شعر كارما وتحدثت بنبرة حنون:
_ كارما بتذاكر وشطورة يا جدو وبتجيب أعلا الدرجات كمان
أردف عزت قائلاً بإشادة:
_برافوا كارما
هنا دلف أحمد بسيارته من بوابة الفيلا، أعطت كارما الصغير إلي إنتصار وأسرعت إلي أحمد الذي صف سيارتهُ وترجل منها، جرت عليه وهتفت بسعادة طفولية :
_ باااابي
حملها أحمد وبات يُقبل وجنتيها وتحدث قائلاً بنبرة حنون وهو يعطيها كيس الحلوي الخاص بها والذي يجلبهُ لها يومياً :
_ حبيبة قلب بابي
أفلت أحمد كارما التي هرولت لتجلس بجانب إنتصار من جديد بعدما أخذت خاصتها من الحلوي، تحرك أحمد إلي والديه مُقبلاً رأسيهما بعدما سألهما عن حالهما ومال علي صغيريه وقبلهما وحمل أحدهما وبات يزيدهُ من قُبلاتهِ الشغوفة
هرولت تلك العاشقة من داخل الفيلا إلي الحديقة، وذلك بعدما إستمعت إلي صوت حبيبها الروحي وهو يداعب صغيرها، نظرت إليه بشغف ووله، بادلها إياهما بعيناي هائمة في بحر عشقها ، فقد أصبح كُلً منهما يحمل داخل قلبهُ عِشقً هائلاً للآخر
تحركت إليه ووضعت يدها خلف ظهرهِ وهي تتحسسهُ بحنان أشعرهُ بالراحة والطمأنينة والسلام، وأردفت قائلة:
_ حمدالله علي سلامتك يا حبيبي
مال علي وجنتها ووضع قُبلةً شغوفة بث لها عن مدي إشتياقة الجارف لها متحدثً بنبرة حنون:
_ الله يسلمك يا حبيبتي
وسألها كي يطمئن عليها ككُل يوم :
_ إنتِ كويسة؟
أومأت لهُ بسعادة هائلة وذلك لإهتمامه الزائد بها وسؤالهُ الدائم عن صحتها، بالإضافة إلي تلك الفحوصات والكشف الدوري الذي يُجريه لها بصفة مستمرة كي يطمئن علي صحتها، وتحدثت بهدوء وإبتسامة رضا:
_ الحمدلله يا حبيبي
ثم حولت بصرها إلي إنتصار وتحدثت بنبرة هادئة :
_ السُفرة جاهزة يا ماما
وقفت إنتصار وتحدثت إليها:
_ طب يا حبيبتي بلغي الناني تيجي تاخد حمزة من عمك علشان الغدا
تحركت وحملت الصغير من عزت وتحدثت:
_ أنا هاديهولها
هتف عزت وهو ينظر إلي الصغير بحرص:
_بالراحة يا أمل
إبتسمت لوالد زوجها دائم الخوف والهلع علي الصغيران وتحدثت بطمأنة:
_ متقلقش حضرتك
تحركت بجانب أحمد ووضعا الصغيران في غرفتهما المتواجدة بالطابق الأسفل والتي خصصتها لهما إنتصار ليكونا بجوارها نهاراً أما ليلاً فيكونا تحت رعاية أمل داخل جناحها الخاص بها وبزوجها الحبيب
إلتف الجميع حول طاولة الطعام وبدأوا بتناول غدائهم تحت حديثهم المُسمر وسعادة الجميع التي زادت وتضاعفت مُنذُ دخول أمل وأطفالها الثلاثة إلي حياتهم
_____
داخل مسكن سحر
كانت تجلس متوسطة أمل وإيهاب ورانيا وهم يحاولون إقناعها بقبول زواجها من حسن بعدما توسط إليهم كي يقنعوا والدتهم بفكرة الزواج التي ترفضها بقوة لأجلهم
حيثُ تحدثت بنبرة قاطعة :
_ ريحوا نفسكم، أنا لا يمكن أتجوز بعد أبوكم، وخصوصاً وأنا في السن ده وأخليكم عُرضة لكلام الناس السخيف.
تحدث إيهاب بنبرة تعقُلية :
_ ناس مين بس اللي حضرتك عاملة لهم حساب يا ماما ، حضرتك قومتي بواجبك ناحيتنا وأدتيه علي أكمل وجه، ربتينا بعد موت بابا وتعبتي علينا لحد ما وصلتينا لبر الأمان، فمن العدل إنك تعيشي حياتك بالشكل اللي يريحك
وأكمل شارحً :
_ خلينا نتكلم بصراحة يا ماما، حضرتك ست سنك تخطي الخمسين سنة ومش من الطبيعي إنك تعيشي لوحدك من غير ونيس، أستاذ حسن حد محترم وشاريكي، وأنا بصراحة بطمن له وبحترمه وهكون مطمن علي حضرتك وإنتِ معاه
أسترسل حديثهُ مُفسراً :
_أنا كان ممكن أقول لحضرتك سوي معاش مُبكر وتعالي عيشي معايا أنا وأولادي في دُبي، لكن هبقا أناني وأنا بحرم أخواتي البنات من حُضنك ومن زيارتهم ليكي هما وأولادهم، ده غير إني مش هكون مطمن عليهم وهما هنا لوحدهم من غيري أنا وحضرتك.
وأكمل بأسي :
_ وللاسف مجال شغلي ملوش شعبية كبيرة هنا في مصر، ولو سِبت دُبي وأستقريت هنا هخسر كتير جداً، زائد إن أنا عملت إسم ومكان في دُبي مش هعرف أعوضهم في أي بلد تاني
تحدثت أمل بإستعطاف :
_ وافقي يا ماما علشان خاطر حيرة إيهاب وسفرة كل شوية هنا وهناك علشان يطمن عليكِ ، ده غير خوفنا كلنا وقلقنا عليكي طول الوقت وإنتِ بايته بالليل لوحدك في الشقة.
أكدت رانيا التي أمسكت كف يدها وقبلته بإستعطاف :
_ وافقي بقا يا ماما علشان خاطرنا
وأخيراً أومأت لهم بالموافقة تحت راحة قلوبهم التي دائمة الإنشغال علي غاليتهم ومكوثها لحالها طيلة الوقت
إنتهي الفصل
بسمة أمل
بقلمي روز آمين