روايات روز أمين

رواية انا لها شمس لروز أمين الجزء الثالث

رواية انا لها شمس الفصل الثاني والعشرون لروز أمين

وبينما كُنتُ غارقةً في يأسي وظننتُ أنها النهاية،أتاني الفرچُ من عِند الله لأتيقن أن ما ممرتُ به من أهوال، لم يكُن سوى بداية لنهاية ألامي.

إنتبه الجميع والتفوا برأوسهم على صوت ذاك الهادر الذي ولج عليهم كالثور الهائج هاتفًا بغضبٍ حاد ظهر بَيِن بمقلتيه وهيأته الغاضبة وهو يقول باحثًا بعينيه بين الجميع:
-فين مراتي؟

وقف عزيز ليتساءل وهو يرمق ذاك الدخيل بعينين يشتعلان غضبًا:
-إنتَ مين يا جدع إنتَ وإزاي تدخل علينا زي الثور كدة؟!

وقف عمرو وتساءل بجبينٍ مُقطب بعدما تذكر وجه ذاك الثائر الذي رأهُ منذُ أيام:
-مش إنتَ وكيل النيابة اللي جيت تزور عمي غانم الله يرحمه في المستشفى؟!

رمقهُ بنظرة نارية ثم أحال عنه بنظره متجاهلاً سؤالهُ ليهتف موجهاً حديثه إلى عزيز:
-هعرفك حالاً أنا أبقى مين، بس نمشي الناس الغريبة الأول علشان نتكلم براحتنا
ليستطرد بحديثهُ إلى المأذون:
-وإنتَ، لم دفترك ده وقوم إتكل على الله بدل ما ألبسك قضية أخليك تقضي بسببها بقيت حياتك في السجن

-هتدخلني السجن بتهمة إيه يا باشا…نطقها الرجل بارتياب من مظهر الأخر الذي يوحي بالأهمية ولما استمعه من عمرو عن مركزه المرموق بالدولة ليهتف الأخر بإيضاح أدخل الجميع بحالة من الذهول:
-بتهمة كتب كتاب واحد على واحدة متجوزة وعلى ذمة راجل تاني وبدون علمها يا شيخ السُلطان
-إنتَ بتقول ايه يا مجنون إنتَ؟!… جملة نطقها عزيز باستهجان ليتحرك عمرو مسرعًا إليه ليهتف متسائلاً بنبرة غاضبة:
-هي مين دي اللي مرات مين يا روح أمك؟

هتف بصوتٍ جهوري مخيف أرعب الحضور من شدة ثباته وصرامته:
-إحترم نفسك وإتكلم معايا بأدب بدل ما أخلي الست الوالدة تتحسر على شبابك

نطقها بقوة وهو يشير بسبابته محذرًا إياه لتهتف إجلال بنبرة حادة غاضبة ترجع لغرورها الزائد وعدم تقبلها للإهانة من أي شخصٍ أيًا كان مركزهُ:
-أم مين دي اللي تتحسر على شبابه يا اسمك إيه؟، إنتَ سامع نفسك بتقول إيه ولا عارف بتقوله لمين الكلام ده!
لتستطرد بقوة وغرور كعادتها وهي ترمقهُ بنظراتٍ تقليلية:
-قبل ما تفرح بنفسك قوي كدة يا وكيل النيابة روح إسأل على سيادة النايب نصر البنهاوي، وبعدها إبقى تعالى إتنفخ واتكلم

بابتسامة ساخرة تدعوا للريبة أجابها:
-سائل وعارف كويس قوي إنتوا مين،إنتِ اللي محتاجة تسألي عن سيادة المستشار فؤاد إبن سيادة المستشار علام زين الدين اللي ساسة مصر وأكبر المناصب فيها بيعملوا له ألف حساب ويتمنوا رضاه
رفع قامتهُ لأعلى ليسترسل برأسٍ شامخ:
-أما بقى بالنسبة لسؤال المحروس إبنك

وهنا حول بصره إلى ذاك الذي يغلي كفوهة بركانٍ أوشكت على الإنفجار ورمقهُ بتقليلٍ قبل أن يسترسل بإهانة:
-فأنا هجاوبك علشان تحط لسانك جوة بوقك وتخرس وتاخد بعضك إنتَ والست الوالدة وتطلعوا من هنا حالاً

واسترسل برأسٍ مرفوع أظهر كم إفتخاره بانتسابها إليه:
-إيثار تبقى مراتي بعقد رسمي وموثق عند محامي وشاهد عليه أيمن بيه الأباصيري والشاهد التاني سعادة المستشار “شريف الخولي”،والعقد تم بعلم وحضور عمي غانم الله يرحمه بذات نفسه.

نزلت كلماته كالصاعقة على الجميع شلت جميع حواسهم لتجحظ أعينهم وتُفتح أفواههم ببلاهة ليهتف عمرو التي غلت الدماء بعروقه وصعدت لدماغه وكادت أن تفتك بحياته بأكملها من مجرد ذكر ذاك الرجل لنسب إمرأة حياته لهْ:
-إنتَ كذاب
إبتسامة ساخرة خرجت من جانب فمه ليهتف عزيز بسخطٍ:
-إنتَ بتقول ايه يا ابن الـ…… إنتَ، هي مين دي اللي مراتك، إيثار أختي!، ده أنتَ وقعتك سودة وشكلك كده مش هتخرج من هنا سليم، بقى جاي تفتري على الراجل إكمنه مات ومش هيعرف يكذبك

هتف بقوة واتزان أربك الجميع:
-إحترم نفسك ومتقولش كلام تتحاسب عليه، ولو مش مصدقني أنا عندي الشهود والإثباتات اللي توثق كلامي
أخرج هاتفهُ واجرى إتصالاً ليفعل خاصية مكبر الصوت كي يشارك الجميع المكالمة،كاد عمرو أن يتحدث لولا إشارة فؤاد التحذيرية له والتي جعلته يخرس ليستمع الجميع لصوت أيمن الذي تحدث بصوتٍ رزين:
-أهلاً وسهلاً يا سيادة المستشار

-أهلاً بحضرتك يا أيمن بيه…نطقها بصوتٍ جاد ليسترسل على عُجالة:
-أنا في بيت عمي غانم الله يرحمه وقولت لهم على اللي حصل كله،بس طبعاً مش مصدقيني، فياريت تحكي لهم اللي تعرفه، هما سامعينك

وقبل أن يتحدث قاطعه عزيز بصوتهِ الغاضب ليصيح مشككًا:
-حيلك حيلك يا عم الشبح، هما خدوهم بالصوت ليغلبوكم ولا إيه؟،إحنا اصلاً منعرفكش علشان نعرف الأخ اللي بتكلمه ده، مش يمكن يكون أراجوز مأجره علشان يقول بوقين حمضانين يأكد بيهم الهبل اللي جاي تضحك علينا بيه ده؟

-إتعلم تتكلم باحترام مع الناس المحترمة ده أولاً، وبعدين إسمع وإنتَ ساكت لأنك متعرفنيش،أنا مش بتاع كلام، أنا رجُل أفعال…نطقها فؤاد بقوة ونظرات توحي لغضبه ليهتف أيهم الحافظ لصوت أيمن حيث قابله بالمشفى ومن قبل عدة مرات حينما كان يسكن مع شقيقته:
-ده صوت أيمن بيه يا عزيز، لو ركزت فيه هتفتكره لما قابلنا في المستشفى
رمق شقيقه بحدة ليصدح صوت أيمن عبر مكبر الصوت بما أرعب الجميع:
-لو فيه عندك مشاكل أنا ممكن أكلم لك قوة من الأمن تيجي تحميكم لحد ما تخرجوا من البيت بسلام يا فؤاد باشا

ارتعبت منيرة وعزيز وأيضًا وجدي الواقف بشرود ليهتف فؤاد بامتنان حاد وكلماتٍ مقصودة:
-متشكر يا أيمن بيه،دي مهما كانت عيلة مراتي وأنا مش حابب أدخل الشُرطة بينا
واسترسل قائلاً:
-ياريت حضرتك تقول اللي تعرفه علشان ما ناخدش من وقتك ونعطلك عن شُغلك
بدأ أيمن بقص ما لديه قائلاً بتفسير:
-كلام فؤاد باشا كله صح،سيادة المستشار إتجوز إيثار بعد ما طلبها من بباها في أخر زيارة كانت ليه في القاهرة عند إيثار، والحاج غانم وإيثار كانوا خايفين علشان الوصاية بتاعة يوسف، فـ سيادة المستشار إقترح إن الجواز يكون بعقد موثق عند محامي وعليه شهود ومكتوب فيه المهر ومؤخر الصداق، والحاج غانم الله يرحمه وافق، وانا كنت واحد من اللي شهدوا على العقد وإمضتي وكل بياناتي موجودة عليه

واستطرد للتأكيد:
-وأظن واحد بمنصب فؤاد علام ومنصب والده الكبير مش محتاج يألف قصة، لا ويجيب فيها شهود زيي وزي مستشار في الدولة علشان يغش ناس بسيطة زيكم

انتهى أيمن من قول شهادته التي وثقت حديث فؤاد وأثبتت صحته لتهتف الأم وهي تهز رأسها بتيهة وعدم تصديق:
-أنا بنتي متعملش كدة أبدًا، إيثار متكسرش إخواتها الرجالة ولا تضيع إسم أبوها وتحط راسه في الطين

-وإيه اللي عملته إيثار يخجل، هي عاقلة ورشيدة واتجوزت بعقد موثق عند محامي،وبعدين بقول لحضرتك أبوها كان حاضر توثيق العقد،وبالأمارة الكلام ده حصل من أخر زيارة ليه للقاهرة لما قعد يومين في شقة إيثار،نفس تاريخ العقد هو هو نفس زيارته للقاهرة… كلمات نطقها وهو يُخرج العقد من جيب معطفه ليريه للمأذون الذي تحدث بعدما قرأه وقارن بين بيانات البطاقة الشخصية والبيانات المرفقة بالعقد تحت ترقب الجميع بحواسٍ مشدودة:
-العقد صحيح وبيانات الزوجة هي نفسها اللي موجودة في البطاقة الشخصية

هتف طلعت بعينين تطلق شزرًا:
-يعني إيه الكلام ده؟

اختطف أيهم العقد من يد المأذون ودقق النظر به تحت تحذيرات فؤاد من تمزيقه وإخباره بوجود نسخة أصلية أخرى لدى المحامي، ليتحدث الأخر بذهولٍ وهو ينظر لتوقيع شقيقته:
-دي إمضت إيثار، أنا عارف خطها وامضتها كويس

-إمضت مين يا عم أيهم ،هي هتهب منك إنتَ كمان ولا إيه؟، الكلام ده محصلش،إيثار بتاعتي ومفيش مخلوق هيقدر يلمسها غيري، ده انا أهد الدنيا وأخربها على دماغ الكل… هكذا تحدث عمرو بجنون الغيرة ليجذبهُ شقيقه الأكبر بعدما رأه يقترب من فؤاد وينتوي لكمه،ليتحدث بعقلانية بعدما وجد الاصوات تتعالى وتتداخل ببعضها ليتراشق الجميع بحرب الكلمات التهديدية:
-إهدوا يا جماعة،اللي هيفصل في الموضوع ده هي إيثار نفسها، حد يطلع ينده لها وهي تقول لنا إذا كان العقد ده حقيقي ولا مزور

هتفت إجلال بنبرة جادة:
-عين العقل يا طلعت،إطلعي يا أم عزيز إندهي لبنتك علشان تفض المسخرة دي
هتف عزيز بثقة تامة وهو يرمق ذاك الغريب:
-أنا متأكد إنك مزقوق علينا، بس ورحمة أبويا اللي دمه لسه مبردش في تربته ما هرحمك، ولاحاسبك على كل كلمة قولتها في حق أختي وشرفها

ليكمل عمه على حديثه:
-شرف بنت اخويا والخوض في عرضها مش قليل يا افندي، ومهما كنت مين وابن مين لازم تتحاسب، بس الاول نتأكد من بنتنا إن كلامك كله افترى وبعديها ييجي وقت الحساب

ابتسم ساخرًا بهيأة تدعوا للتساؤل ليقول بثقة هائلة:
-الفيصل بينا كلام إيثار، وبعدين خوض في شرف إيه اللي بتتكلم عنه، بقول لك متجوزها بعلم أبوها
مال الرجل برأسه ليقول بحكمة:
-أخويا الله يرحمه كان عاقل وانا بثق فيه، ولو إيثار أكدت على كلامك يبقى هو شاف فيك الراجل اللي هيحمي بنته وعمل الصح

هتف عزيز بحدة موجهًا حديثه إلى والدته الواقفة تنظر بأرضها بذهول لينهي تلك المهزلة بعد كلمات عمه التي أثارت حنقه:
-إنتِ لسه واقفة يا أما، إطلعي إندهي للهانم خلينا ننهي الليلة السودة دي

إرتبكت منيرة وصعدت إلى الغُرفة المحتجزة بها إبنتها لتجد نسرين تجلس فوق الفراش وهي تهز ساقيها وتتطلع على تلك الممددة أرضًا بشماتة والحقد يملؤ عينيها،تحدثت بصوتٍ خافت:
-إطلعي بره واقفلي الباب وراكي يا نسرين

وقفت ترمق تلك الممدة باستسلام شزرًا قبل أن تخرج وتتركهما بمفرديهما لتقول الاخرى بصوتٍ مرتجف يتمنى نفيها لتلك القصة:
-فيه راجل تحت معاه عقد جواز وبيقول إنه إتجوزك من شهرين بعلم أبوكِ

نزلت كلماتها على أسماع الاخرى لتشتت عقلها وباتت تسترجع الكلمات مرةً أخرى حتى استوعبها عقلها،لترفع رأسها تتطلع عليها بعدما كانت متحاشية النظر لها لتتساءل بجبينٍ مُقطب:
-إنتِ بتكلميني أنا؟!
-هو فيه حد غيرك معايا في الأوضة يا بنتي…جملة نطقتها باستهجان لتسألها الأخرى مستفهمة بعدما استندت على كفيها لتجلس:
-راجل مين ده؟!

-واحد إسمه فؤاد، بيقول إنه وكيل نيابة…وما أن نطقت باسمه حتى ارتعب جسدها لتلتمع أعينها بوميض الأمل واللهفة بعدما سردت والدتها عليها ما حدث بالأسفل بمنتهى الغباء لتهب الأخرى واقفة ولم تنتظر حتى والدتها لتفتح الباب وهي تهرول إلى الدرج لتلحق بها منيرة بهلع ،نزلت من الدرج وهي تتلفت بعينيها باحثة عنه وما أن رأتهُ يقف كالأسد المغوار حتى تنفست كمن وجدت ضالتها بعد تيهة، نظر على حالتها المزرية بقلبٍ صارخ، عينيها المنتفخة وأنفها الذي تصبغ باللون الاحمر مما جعله يتيقن بكائها الشديد والمستمر لمدة طويلة،بقايا دموعها الجافة والعالقة بأهدابها مزقت كيانه،هتف بنبرة عالية كي ينبهها:
-متخافيش يا إيثار، أنا جيت علشان أخدك ونروح بيتنا خلاص، أنا خلاص قولت لهم إنك مراتي ووريتهم عقد جوازنا اللي كتبناه من شهرين عند المحامي وكان شاهد عليه عمي غانم الله يرحمه

كانت تنظر إليه بعقلٍ مشتت وعدم استيعاب لما يحدث من حولها، هرول عليها ليمسكها من ذراعها ويُدخلها بأحضانه محتويًا إياها مما جعل الدماء تفور داخل عروق ذاك العمرو الذي هجم عليه ليسحبها باتجاهه متحدثًا:
-شيل إيدك عنها لاكسرها لك

بحركة أجادها لوى ذراعهُ الذي تجرأ ولمسها به وبلحظة كان ظهره مواليًا له ليلف ذراعه الاخر حول عُنقه في حركة باغتتهُ وشلت حركتهُ،إقترب من أذنه وهمس بفحيح كالأفعى الغاضبة وهو يشدد من لويه ليد الآخر مما جعله يأنُ من شدة الألم:
-أقسم بالله العظيم لو إيدك القذرة لمستها تاني لاكون دافنك مكانك
ليستطرد بقوة وغيرة اقتحمت جسده وحولته لكتلة من اللهب:
-فلو حابب تحافظ على عُمرك وعلى اللي باقي لك من كرامتك تبعد خالص عن مراتي.

تألم لشدة قبضة فؤاد فوق ذراعها الملتوية بقوة وأكثر ما أثار جنونهُ هو نسب حبيبتهُ لهْ ليهتف صارخًا:
-سيب دراعي يا أبن الـ، بسُبابٍ نائي استطرد هاتفًا قاصدًا شقيقه:
-إتصل بابوك ييجي يعرفه مقامه ابن الـ…. ده

اسرع شقيقاه إليه محاولين تخليص شقيقيهما من بين قبضة ذاك الغاضب ولكن هيهات، فقد كانت قبضته حديدية صعبت عليهما إنتشال ذاك الحانق ليهتف صارخًا وهو يتلوى يمينًا ويسارًا محاولاً التملُص منه:
-إنتوا واقفين تتفرجوا عليه،إمسكوه وارموه في الجبل للديابة تاكل جتته

هتفت إجلال بقوة واشتعال بعدما رأت مدلل قلبها يتلوى صارخًا كـ الهِرة في قبضة الأسد:
-ورحمة أبويا الحاج ناصف واللي عمري ماحلفت بيه باطل،لادفعك ثمن اللي بتعمله ده غالي قوي

اقترب عزيز واضعًا يده فوق قبضة فؤاد في محاولة منه بالمساعدة ليهتف حانقًا:
-هو أنتَ محدش قادر يلمك، سيب الجدع إيده هتتكسر، إنتَ في بيت محترم يعني يا تقعد بأدبك يا تاخد نفسك وتفارقنا

-وهو البيت المحترم يجبر مأذون بإنه يكتب كتاب راجل غريب على ست متجوزة… نطقها ساخرًا ليقرر أخيراً ترك ذاك التافة ليدفعهُ بعيدًا عنه ليتلقاه طلعت ساندًا إياه قبل سقوطه أرضًا وذلك بعدما رأى جسده مترنحًا أثر الدفعة القوية

أشار بسبابته متنقلاً بعيناه على الجميع ليستطرد مهددًا:
-إسمع يا شاطر والكلام للكل، إيثار اللي كنتم بتستقووا عليها زمان غير إيثار اللي قدامكم

وضع ذراعه ليحيط كتفها برعاية وبرغم ارتعاشة جسدها من لمست غريبًا عنها إلا أنها ولأول مرة تشعر بالأمان وبالسند بعد وفاة والدها وبدون إدراكٍ منها تشبثت بثيابه كما الغريق المتعلقُ بقشة نجاته، ليستكمل هو برجولة:
-من النهاردة اللي هيقرب من مراتي أو يوسف هيبقى كتب شهادة وفاته بإيده،وفؤاد علام مبيهددش،أنا بنفذ على طول

-طب مراتك وفهمناها،ده إذا كانت مراتك بجد ومش جاي عامل فيها سبع رجالة علشان تنقذ حبيبة القلب اللي دايرة معاك على حل شعرها في مصر وأهلها هنا نايمين على ودانهم…كلمات لازعة تفوه بها ذاك الـ “نصر” الذي ولج من الباب الرئيسي للتو ويتبعه جيشًا من رجاله المسلحين الذين يتبعوه أينما ذهب بعدما هاتفته إجلال وقصت عليه ما حدث وطلبت منه الحضور الفوري ليسترسل بقوة وشراسة صقر بعدما اخترق فؤاد بعينيه الغاضبتين:
-لكن تجيب سيرة يوسف ليه؟، يوسف ده ليه أب وجد بتتهز له شنبات في مصر كلها، ومن الشنبات دي أسيادك اللي فوقيك وبيرأسوك في النيابة
ليسترسل بابتسامة ساخرة:
-المصالح بقى يا…. صمت ليسترسل متهكمًا بما أخبرته به إجلال عبر الهاتف:
-مش وكيل نيابة باين؟

نطق كلمتهُ الآخيرة مقللاً من شأن فؤاد ليهتف الاخر بثباتٍ:
-أه وكيل نيابة وإتقابلنا قبل كده بس شكلك ناسي

نطقها قاصدًا واقعة محضر السُكر الخاصة بـ “عمرو” ليقطب الأخر جبينهُ وهو يعتصر ذاكرته للتذكر ليبتلع لعابه حينما تذكر بالفعل،باغته الاخر بذات مغزى وتهديدًا مُبطن:
-وقريب قوي هنتقابل في مكتبي، يا… يا سيادة النائب… نطقها بابتسامة ساخرة ليستطرد باستفزاز:
-أه وبالمناسبة،مسمهاش المصالح، المسمى اللايق عليكم هو”حاميها حراميها”

نطقها وهو يُشير بأصابع كفيه بطريقة مسرحية لتشتعل عيناي نصر من وصفه “بالحرامي” أمام ذاك الجَمع الذي طالما إحترموه وهابوه والان وبكل بساطة يُنعت باللص أمامهم من ذاك الجريء،ليهتف بعينين غاضبتان:
-إنتَ عارف إنتَ واقف قدام مين ومين اللي إنتَ بتقل أدبك عليه ده؟

-آه طبعاً عارف،نائب برلمان فاسد واخد من وظيفته اللي المفروض يحمي بيها مصالح الناس ويخدمهم، ستار لأعماله المشبوهة… نطقها بقوة ليبتسم الأخر مرددًا بذات مغزى:
-مظبوط كلامك، وإنتَ بنفسك هتكون واحد من ضمن أعمالي المشبوهة
التفت لرجاله ليهتف صائحًا:
-تعالى يا بقف منك ليه خدوه على الاستراحة بتاعة المواشي وارموه هناك على ما نخلص من كتب كتاب سيدكم عمرو وبعدها أفضى له

بلمح البصر كان يُجنب حلة بدلته ليظهر جراب الكتف ويسحب سلاحهُ منه ليشد أجزاءه وبسرعة البرق كان يصوب فوهتهُ باتجاه دماغ ذاك الـ نصر متحدثًا بتهديد مباشر:
-اللي هيقرب مننا خطوة واحدة هفجر له دماغه

هتفت بنبرة حادة لتنبيه ذاك المتجبر قبل أن يتهور أحدًا من الطرفين وتتحول لمجزرة:
-قبل ما تتصرف بتهور لازم تعرف إن اللي واقف قدامك وبتهدده ده يبقى إبن سيادة المستشار “علام زين الدين” عضو هيئة المحكمة الدستورية العليا

ارتعب داخل نصر وانتفض قلبه حين استمع لإسم ذاك العَلم، الغني عن التعريف”علام زين الدين ” ليوجه له الحديث بعدما ابتلع ريقه:
-الكلام اللي بتقوله إيثار ده حقيقي؟!

ابتسم ساخرًا ليسألهُ بمراوغة:
-يفرق معاك؟

ارتجف جسد نصر وظهر الإرتعاب فوق ملامحهُ ليسترسل فؤاد بنبرة صارمة:
-خلى التيران اللي إنتَ مشغلهم دول يبعدوا عن طريقنا

على الفور أشار لهم نصر ليسحبوا أسلحتهم لتتشبث به بقوة وهي تنطق بدموعها المتألمة وعينيها المتوسلة:
-هات لي إبني منهم يا فؤاد،أخدوه مني ومشفتهوش من إمبارح
مالت برأسها تترجاه بعيناها لتتابع بشهقاتٍ متقطعة بفضل بكائها الحار:
-خليهم يدهولي يا فؤاد

شعر بعجزٍ أمام دموعها التي نزلت على قلبهِ أشعلته،وشعورًا بالمرارة لم يتذوق لهُ مثيلاً من ذي قبل هاجمهُ،وعلى غرةٍ باغتهُ شعورًا بالغضب اقتحم جسده ولو خرج لحطم كل ما قابلهُ وحولهُ لجحيمًا،جذبها بقوة ليحتوي جسدها المنتفض رُعبٕا كي يحميها ولو باستطاعته شق صدرهُ كي يخبأها بداخله ليشعرها بالأمان لفعلها دون تردُد،تطلع عليها وبنبرة صوت تحمل أمان الدُنيا وحنانها نطق:
-متخافيش،مش هخرج من هنا غير بيكم إنتم الإتنين

هزت رأسها عدة مرات بارتعاب بعدما باغتها شعورًا عجيبًا بالامان برغم ما يدور حولهما من أجواءٍ تنذر بنشوب حربًا تنتظر على الأبواب،حول بصره إلى عزيز الواقف كالفرخ المبلول بعدما استمع وتعرف على شخص ذاك الغريب ليرمقهُ بنظراتٍ جحيمية لو خرجت لفتكت به وحولته لرمادًا في الحال ليصيح بحدة وازدراء:
-إنتَ، هات الولد حالاً وبلاش تتحداني

حول عزيز بصره إلى نصر فاسترسل فؤاد بنبرة صارمة:
-إتقي شري ومتخلنيش احطك في دماغي، أنا لحد الوقت عامل إعتبار إنك اخو مراتي، لكن قسمًا بالله إن ما جبت الولد حالاً لاعيشك أسوء أيام حياتك

ارتعبت أوصالهُ وهتف بصوتٍ مرتبك لينأى بحاله من سخط ذاك المتجبر:
-الولد عند جده نصر

بصوتٍ صارم هتف فؤاد أمرًا نصر:
-إبعت هات الولد

برغم رعبه من فؤاد إلا أنه تحدث بقوة ترجع لعشقه لحفيده:
-الولد إبننا،وطالما أمه اتجوزت يبقى جدته منيرة أولى بيه،وخلي القانون يُحكم بينا يا باشا

نطق كلماته ليحول بصره إلى عزيز أمرًا إياه بالتحدث ليصيح الاخر بكامل صوته وهو يرمق شقيقته بنظراتٍ إحتقارية لارضاء نصر والحظي بوعودهُ السخية:
-مش روحتي اتجوزتي من ورانا وجبتي لنا العار،من بكرة الصبح هاخد أمك والمحامي ونرفع قضية ضم حضانة

ارتعب جسدها وخرجت من إحتواء فؤاد ليجذبها ويُعيدها إليه من جديد بعدما شعر بترددها ليُصيح بكامل صوته وهو يدس كف يده بجيب معطفه بعدما جنب السلاح:
-كويس إنك فكرتني
ليسترسل ساخرًا وهو يُخرج ورقة آخرى وكأن جيوبه اليوم تحتوى على الورق الرابح:
-والله كنت ناسي

مد يده ليُلقى بالورقة في الهواء ليتابعها الجميع حتى استقرت على الارض وهو يقول:
-بمناسبة المحامي، الحاج غانم الله يرحمه كتب البيت والأرض اللي حيلته لـ إيثار
وبات يرمق أشقائها الثلاثة ووالدتها بازدراء:
-الله يرحمه كان عارف ندالتكم وحب يحميها من قلة أصلكم

اتسعت عينيها بتيهة،يا الله،كيف غفلت عن ورقة خلاصها التي تركها لها أبيها الغالي ولم تستعملها كسلاحًا يحميها من أولاءك الذئاب،يبدوا أن الله قد جعلها تغفل عنها خصيصًا كي يحميها من شر هؤلاء المحسوبين عليها أهلاً وما هم إلا بعصابة أرادوا بيعها في سوق النخاسة ليتربحوا من بيعتها،لو علموا أمرها لقبرها عزيز بأرضها وتخلص منها ليحصل على الأوراق،نظرت عليه بتشتُت متعجبة ليراودها سؤالاً باغت عقلها:
-كيف حصل على تلك الأوراق ومن أين علم بأمرها من الاساس؟!

في حين صرخ عزيز بعيناي تطلق سهامًا نارية من شدة غضبه:
-إنتَ كده بقى لعبت في عداد عُمرك، وأنا لحد الارض والبيت ولا هيهمني منصبك ولا دياولوا، إن شالله تكون إبن رئيس الجمهورية نفسه ما انتاش خارج من هنا على رجليك

صاحت منيرة بقوة:
-إنتَ راجل كداب، غانم لا يمكن يكتب اللي حيلته للبت ويسيب الرجالة من غير سند

مال وجدي على الورقة ليلتقطها وبدأ بقراءة محتواها لينطق فؤاد باستنكار:
-للأسف،الحاج غانم كان عارفكم كويس قوى
هز وجدي رأسهُ ليقول بحيرة وعدم استيعاب:
-أبويا لا يمكن يعمل كده،لا يمكن يخالف شرع ربنا ويكتب كل اللي حيلتنا لـ إيثار ويحرمنا من حقنا فيه
ليستطرد وهو يرمق فؤاد بتشكيك:
-إنتَ بتكذب وكل ده محصلش

هتفت بنبرة قوية مؤكدة كل ما قِيل على لسان فارسها بعدما إطمأنت في وجوده:
-لا مش بيكذب،بابا فعلاً كان شاهد على عقد جوازي من فؤاد،وقبل زيارته ليا كتب لي كل اللي حيلته بيع وشرا عند المحامي محمد عبدالسلام مسعود،واهو موجود في البلد وتقدروا تروحوا تسألوه وهو هيأكد لكم الكلام

شعر وكأن روحهُ تحومُ هائمة بسماء العشق بعد أن أكدت على حديثه ليتطلع أيهم إليها بشرودٍ تام وحيره من أمره، هو يعلم جيدًا أن الكذب ليس من طبع شقيقته ليهتف عزيز باشتعال روحه وهو يرى أحلامهُ تنهار حلمًا تلو الأخر:
-والله لو حلفتوا لي من هنا للسنة الجاية ماهصدق إن أبويا كتب لها كل اللي حيلتنا وخد شقانا ورماه في حجرها
واستطرد باستنكار:
-ولا إنه جوزها بعقد عند محامي،ولو فعلاً جوزها لك زي ما بتقول،كان هيخبي علينا ليه؟!

أجابهُ بمنطق:
-لسبب بسيط جدًا، وهي حضانة يوسف اللي ممكن تروح منها لو إتجوزت بعقد رسمي عند مأذون

بنبرة حادة ووجهٍ ساخط نطقت إجلال بجبروت:
-وأهو اللي خباه إتعرف ويوسف مش هيخرج من بيت جده
حولت بصرها لترمق إيثار باحتقار وهي تتابع بعينين تطلقُ شزرًا:
-مش إختارتي راجل علشان تترمي في حُضنه أخر الليل من غير ما تعملي حساب لإبنك؟
لتسترسل بقسمٍ حاد:
-ورحمة أبويا ولا يكون إسمي إجلال بنت الحاج ناصف ماهتشمي ريحة يوسف تاني طول ما فيا نفس يا بنت غانم

ارتجف جسدها ليميل عليها ويهمس بجانب أذنها لبث الأمان بداخلها:
-إهدي وإوعي تسمحي لاي حد منهم يوترك أو يهز ثقتك بنفسك،ووعد مني،مش هنخرج من هنا غير ويوسف جوة حُضنك
لم تدري من أين تأتيها كل تلك الثقة به ولا مصدر ذاك الشعور بالأمان الذي يتغلغلُ بكامل حواسها من مجرد الإقتراب منه والإستماع لنبرات صوتهِ الذي أصبح مصدرًا للأمن والأمان،ما كان منها سوى الإنصياع لكلماته وكأنها فرمان جعلها تلتزمُ الصمت وتجاورهُ وهي مازالت تتشبثُ بثيابه كطفلة صغيرة بـ ولي أمرها،إلتف ليطالعها بنظراتٍ كـ ذئبٍ خبيث:
-مش هتخطي وجود جوزك زي ما إنتِ عملتي وهحترم وجوده ومش هرد على إهانتك لمراتي إحترامًا ليه
ليسترسل وهو ينظر إلى نصر بنبرة أمرة:
-إبعت هات يوسف علشان يرجع معانا القاهرة يا سيادة النائب

بابتسامة ساخرة رد عليه:
-أدهولك إزاي وإنتَ لسه قايلها بلسانك يا إبن الأصول، الحاج غانم جوزها لك في السِر زي الحرامية علشان حضانة يوسف متروحش منه

بنبرة قوية نطق بثباتٍ هائل:
– ومين قال لك إن حضانة يوسف هتروح من مامته،القانون بيقول إن بعد زواج الأم الحضانة تُنقل لأم الأم يا رجل القانون
ليستطرد ناظرًا لعزيز بتهديدٍ صريح:
-وأم الأم مش هتطالب بضم الحضانة لأن ظروفها المادية غير مؤهلة لتربية الولد
واسترسل موضحًا بذات مغزى:
-وهتربية فين ومنين وهي مجرد ما هترفع قضية الضم هاجي بنفسي مع قوة من الشرطة وأستلم البيت والأرض وأحط عليهم حراسة

وتابع مسترسلاً بتهكم:
-لكن طول ما انتوا حلوين ومبتعملوش مشاكل تزعلوا بيها مراتي، البيت والأرض هيبقوا بتوعكم لحد ما الولد يتم السِن القانوني، وساعتها إيثار هتنقل ملكية كل حاجة وترجعها لكم تاني

-لا والله كتر خيرك وخيرها…نطقها عزيز وهو يرمق كلاهما بحقدٍ ونظراتٍ لو خرجت لأشعلت بهما النيران على الفور، لولا ارتعابه من منصب ذاك الغريب لفتك به وأنهى حياته وحياة تلك التي جلبت لهم العار على حد تفكيره بل ولم تكتفي عند هذا الحد،فقد استولت على كل ما ترك والده من ميراث عنوةً عن الجميع،شعورًا بالقهر أصابه ولأول مرة وما جعل الدماء تغلي بعروقه هو صمته وابتلاعه لحسرته ومرارة حلقه مجبرًا دون أن يطلق حتى صريخًا يعلن به عن قهرته

نطق نصر بكبرياء:
-طب ده بالنسبة لنسايبك،لكن إحنا ملناش ماسكة يا باشا، إحنا ناس سُمعتنا زي الفل وحالتنا المادية تخلينا نعيشه ملك، الواد هيفضل في حُضن أبوه لحد ما المحكمة تحكم لنا بالحضانة

بابتسامة ساخرة أجابه متهكمًا:
-هو أنتَ متعرفش قانون بلدك ولا إيه يا رجُل القانون،المفروض الولد يفضل مع أمه وسيادتك تقدم على طلب ضم حضانة براحتك وتستنى الحُكم

ثم ضيق عينيه مسترسلاً ليسألهُ بتخابث وتهكم:
-هو مش أبوه بردوا كان معمول له محضر سُكر في النيابة من كام شهر؟
ليهز رأسهُ متأثرًا بتصنُع وهو يتابع بطريقة تمثيلية:
-طب ده كلام يا سيادة النائب،أنهي محكمة دي اللي هتحكم بضم طفل لأب سُكري؟!

نطقها لتتحول ملامح وجهه من ساخرة لحادة كالصقر وهو يهتف بحدة:
-إيثار وإبنها في حمايتي ومش هخرج من هنا من غيرهم هما الإثنين، ولو مش عاوز شوشرة تبعت تجيب الولد حالاً وتسلمهولي
واسترسل مهددًا بنبرة صارمة وعينين حادتين كالصقر:
-وإلا هخرج من هنا أنا ومراتي على مكتب النائب العام بذات نفسه، وهقدم بلاغ في عضو مجلس الشعب اللي خطف أنثى متزوجة وأجبر المأذون على عقد قرانها من راجل تاني،ولولا وصولي أنا جوزها في الوقت المناسب كان زمان الكتاب إنكتب

ابتلع نصر ريقه وسرت الرعشة بأوصاله ليتابع فؤاد بذات مغزى:
-الإنتخابات على الأبواب يا نصر بيه،وإنتَ مش ناقص شوشرة في بلد يا ويل اللي بيفقد فيها منصبه،بعيد عنك،بيبقى ملطشة للي يسوى واللي ميسواش،ناهيك عن بتوع الاموال العامة اللي بيجبوه من قفاه ومن أين لك هذا؟

نكس رأسه وشعر بالمذلة وهو ينظر إلى إجلال التي رمقته باحتقار لضعفه أمام ذاك الذي نصر إبنة غانم عليها وهي التي منت حالها واستعدت لإذلالها من جديد والدعس على كرامتها لتنتقم منها بشأن واقعة زجها بمدلل أمه داخل السجن والتي لم تتخطاها إلى الآن

صمتٍ مُريب أصاب الجميع ليقطعه عمرو الذي اتجه صوب أحد الرجال المسلحين واختطف من يده السلاح موجهًا إياه صوب فؤاد بتهور بعدما فقد صوابه وهو يرى حبيبته تحتمى منه خلف ظهر أحدهم،مما جعل الاخر يسحب إيثار ليخبأها خلف ظهره لحمايتها أولاً وبسرعة البرق كان يوجه فوهة سلاحه باتجاه رأس عمرو،بدورها ثشبثت بثيابه محتمية به وقلبها ينتفض رُعبًا على فارسها الهمام الذي أتى لينقذها من بيت الأشرار،ليجن جنون عمرو الذي تحدث باشتعال بعدما رأى ذاك المشهد المدمي لقلبه:

إنتهى الجزء الاول من الفصل

الصفحة السابقة 1 2 3 4 5 6 7 8 9 10 11 12 13الصفحة التالية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

من فضلك قم بتعطيل حاجب الإعلانات لتستطيع تصفح الموقع