رواية قلوب حائرة للكاتبة الفصل التاسع
🦋#الفصل_التاسع🦋
بعد مرور يومان
خرجت ثريا من المَشفي بعد إلحاح منها علي عدم الرغبة بوجودها داخل المَشفي
فهي لا تٌحبذ تلكَ الأجواء وتنزعج بشدة من وجودها بها ،وأيضاً تفتقد أطفال رائف وتريد إحتضانهما ،
وافق الأطباء علي خروجها بعد تشديد منهم بإتباع الإرشادات والمحذورات علي ياسين وأهمها أن لا يٌحزنها أحد أو يرهقاها بالحديث .
مر أسبوعًا منذ خروج ثريا وتحسنت حالتها سريعً بعد إهتمامهم جميعاً بها وإلتفافهم حولها بحب وحنان وأيضاً بعد إطمئنانها علي أطفال رائف ومليكة،
وقد أخذ ياسين إجازة من عملهِ كما أنهٌ قد كرَّسَ كل وقتهِ للإهتمام بها ،
وأيضاً ليَكُن بجانب حبيبتهٌ التي بات يعشق قربها منهْ وبات يعشق وجودهٌ معها بذاتْ المكان حتي وإن لم تعطهِ إهتماما كقبل بل ويصل للتجاهل الشديد أحياناً إلا أنهٌ أصبح عاشقاً لكل ما فيها .
تطورت مراحل عشقه بوتيرة سريعة حتي أنهٌ باتَ يحلٌم باليوم الذي سيجمعهٌ بها حتي وإن لم تكٌن له زوجه بالنمط المعتاد ولكن يكفي أنهٌ ستجمعها به غرفة وسَريرُ مشترك، أو هكذا هو تخيل .
كان يجلس علي مقعد مجاور إلي تخت ثريا الموضوع بغرفتها وهو يحمل أنس ويجلسهٌ علي ساقيهِ ينظر بعشق علي تلك الجالسةِ بجانب ثريا وهي تحمل لها كأساً من العصير ،
دلفت نرمين من باب الغرفة فمنذ خروج والدتها من المَشفيَ وهي مٌقيمة معهم وكان مٌحمد يريد المكوث معها بحجة الوقوف بجانبهم
ولكنها رفضت بشدة مٌعللتاً بأن ياسين وعز لم يوافقا علي مَبيت رجل في المنزل بعد وفاة رائف وهذا ما كان سيحدث بالفعل، فذهب هو للمكوث عند والدتهٌ وبات يأتي لزيارتها كل فترة بحجة الإطمئنان عنها وعن إبنهِ .
جلست نرمين فوق السَرير تحت قدميْ والدتها وتحدثت:
_عاملة إيه الوقت يا ماما ؟
نظرت لها ثريا بحنان وتحدثت مٌطمئنة إياها:
_الحمدلله يا حبيبتي أنا بقيت أحسن بفضل الله ياريت يا نرمين تروحي بقا لجوزك بدل ما هو قاعد عند مامته كده، وكمان متبهدل رايح جاي عليكي إنتي وإبنك،
وأكملت بإستحياء:
_ تعبتكم معايا يا بنتي .
تحدث ياسين بمرح:
_تعبك راحة يا ماما، وبعدين إيه المشكلة لما تتعبيها شوية، ماهي طول عمرها تعباكي وتعبانا كلنا معاها .
نظرت لهٌ بعتاب مٌصطنع وتحدثت بمشاكسة:
_أنا يا أبيه ، أنا تعباكم معايا طول عمركم، مٌتشكره يا سيدي، مٌتشكره جدا.
ضحكوا جميعاً ما عدا تلكَ الحزينة الجالسة بإمتعاض جراء وجوده فمؤخرا باتت تتجنب تواجدها معه بنفس المكان والحديث معهٌ
نظر لها ياسين موجهاً حديثهٌ لها بمشاكسة:
_مليكة ممكن أتعبك معايا وأطلب منك فنجان قهوة.
نظرت له بحنق وتحدثت بصوتٍ رخيم:
_حاضر، هطلب من عَليه تعملهولك حالاً
_ لكن أنا عاوز أشربه من إيدك إنتي..جُملة قالها بترجي .
تحدثت ثريا وهي تري معاملتها السيئة له مؤخراً
_معلش يا مليكة، قومي إعملي القهوة لياسين وإعملي لي فنجان معاه بعد إذنك .
قاطعها ياسين بحزم:
_وبعدين معاكي يا ماما، مش قولنا القهوة ممنوعة بأمر من الدكتور .
تحدثت مليكة بحب وهي تنظر لها بحنان:
_معلش يا ماما إتحملي كمان إسبوعين زي الدكتور ما أمر، وبعدها صدقيني هعمل لك أحلا فنجان قهوة في الدنيا كلها .
إبتسمت لهما ثريا وتحدثت :
_طب يلا روحي إعملي القهوة لياسين .
نظرت له بضيق وتحدثت بحنق :
_حاضر يا ماما، بعد إذنكم .
إبتسمَ ياسين وهو ينظر إلي ثريا التي بدورها إبتسمت أيضاً بوهن .
نظرت لهما نرمين بإستغراب وتحدثت بتهكم:
_هو فيه إيه بالظبط ، ومالها الكونتيسة مليكة قالبة وشها علينا كده ليه ؟
وبعدين هي إزاي بتتكلم كده مع ياسين !
نظرت لها ثريا وتنهدت:
_هبقا أقول لك بعدين يا نرمين.
وقفَ ياسين حاملاً أنس وتحدثَ متحججاً :
_بعد إذنك يا ماما هروح أشرب القهوة بره علشان أشرب معاها سيجارة.
أشار الصغير بيدهِ علي جدتهِ وتحدث:
_ أنا هقعد مع نانا .
نظرت لهٌ ثريا ومدت يداها قائلة بحنان :
_تعالي يا قلب نانا
وأخذته بحضنها وهي تشتم رائحتهٌ بسعاده .
دلف إلي المطبخ بعد أن حمحم وأستأذن وجدَها تقف أمام الموقد تصنع لهٌ قهوتهِ وعَليه تجلس علي المنضدة تقوم بتقطع الخضار لتسويته وتجلس بجوارها مٌني الفتاة المٌساعدة لها تقوم ببعض الأعمال .
وقفت عليه بإحترام وتحدثت:
_إتفضل يا باشا، حضرتك بنفسك جاي المطبخ، ده المطبخ نور والله يا ياسين باشا .
إبتسم لها وهو مثبت نظرهُ علي تلك التي مازالت توليهِ ظهرها بدون إهتمام لحمحمتهِ وتحدث:
_ده نورك يا عَلية، أخبارك ايه طمنيني عليكي؟
أجابتهٌ عَليه بسعادة ووجه بشوش:
_الحمدلله يا باشا، أنا بخير طول ما حِسك في الدنيا .
تحركَ بإتجاه الواقفة غير مهتمة بتواجده ووقف خلفها وتحدث بمداعبة لها:
_علي أقل من مهلك وإنتي بتعملي القهوة يا مليكة، أصل أنا بحب كل حاجة خاصة بيا تتعمل علي الهادي، يعني لازم الحاجة تاخد حقها أوي علشان تطلع في أبهي صورها والواحد يعرف يستمتع بيها كويس، ولا أنتي ايه رأيك ؟
زفرت بضيق وتحدثت بمغزي وهي مازالت تواليهِ ظهرها:
_مش دايماً ياسيادة العقيد، ساعات فيه حاجات مابيبقاش منها رجا والإنتظار عليها بيبقي مجرد تضييع وقت مش أكتر، الذكي بقا هو إللي مايضيعش وقته وينتظر حاجة مش هتحصل ولا هتتحسن بمجرد مرور الوقت.
تحدثَ بثقة وبرود مٌمِيت:
_بيتهيئ لك شغلي علمني إن مفيش حاجة إسمها مستحيل كل شيئ بيبقا في أوله صعب بس بعد كده بيلين ويهدي.
إلتفتت ونظرت لهٌ بغضب وابتسمت بسماجة وهي تعطيه قدح القهوة:
_إتفضل قهوتك ياااا يا أبيه.
أصرت أن تتكأ علي كلمة أبيه ليصل له أنها تراه أخاها وفقط ولا يحق لهٌ بأن يحلٌم بالأكثر من ذلك.
نظر لها بحب وعيون هائمة عاشقة وتحدث بإبتسامة ساحرة:
_ميرسي يا مليكة تسلم إيدك.
إرتبكت من تلك النظرة الجديدة عليها منه إهتز فنجان القهوة وهي تناولهٌ إياه نظر لها وإبتسمَ بتسلي إرتبكت وأرادت أن تذهب لكنه كان يحتجزها بجسده العريض
تحدثت بغضب وتلعثم قائلة :
_مممم مٌمكن حضرتك توسع شويه علشان أعرف أعدي ؟
إبتسم ومرر لسانهِ علي شفتاهٌ بتسلي بحركة جعلتها ترتبك أكثر وتحرك جانباً قائلاً:
_ إتفضلي.
تحركت واختفت بسرعة البرق من أمامه ودلفت لثريا من جديد .
تنهد هو براحة وحب وأدار ظهرهٌ ليخرج لكنهٌ تفاجأ بعَليه والفتاة المجاورة لها ينظران لهٌ فاتحين فاههم غير مستوعبين ما يحدث ولا يفهماه حمحم قائلاً:
_طب يا عَليه أنا خارج عاوزة حاجة ؟
تحدثت بإبتسامه:
_عاوزة سلامتك يا ياسين باشا.
بعد خروجهٌ تحدثت مٌني بفضول:
_إنتي فهمتي حاجة من إللي حصل ده يا خالتي عَليه ؟
أجابتها عَليه بإستغراب:
_لا يا مٌني مفهمتش.
تحدثت مٌني بذكاء:
_فيه حاجة غريبة بتحصل هنا في البيت من يوم ما ست ثريا طلبت مننا نخرج كلنا في في الإستراحة بتاعت الجنينة بعد أهل الست مليكة ما وصلوا وبعدها وأنا باصه من الشباك شفت عز باشا وياسين باشا وهما داخلين مستعجلين ،
وبعدها الست ثريا توقع من طولها ونسمع صريخهم ،
أنا الفار إبتدي يلعب في عبي يا خالتي عَليه ومش هيهدالي بال غير لما أعرف أيه إللي حصل يوميها بالظبط،
_ أكملت بذكاء بس إللي أقدر أقولهولك من إللي أنا شفته قدامي دلوقتي إننا هنشرب شربات قريب أوي،
_ثم أكملت بشرود بس شربات ايه إللي هنشربه دي الدنيا كده ممكن تولع ربنا يستر من إللي جاي.
كانت عَليه تستمع لها بإهتمام شديد وبعدها نفضت أفكارها وتحدثت بجدية وحزم:
_كٌلي عيش وخليكي في حالك يا مٌني الناس دي إحنا مش قدهم يا بنتي،
مايغركيش معاملتهم الحلوة لينا دول جبابرة ولو وقعتي تحت إيديهم بأي غلطه مش هيرحموكي ،
خديها نصيحه من واحده في سن أمك خليكي في حالك أحسن لك يا بنت الناس وكٌلي عيش.
◇◇◇◇◇¤◇◇◇◇◇
دلف لمنزلهِ ليلاً بعد الإطمئنان علي ثريا وصعود مليكة لغرفتها وجد أباهٌ يجلس بمكتبهِ ألقي عليهِ السلام وذهب له وجلس أمام مكتبهِ واضعاً قدماً فوق الأٌخري.
نظر له عز بتفاخر وتحدث:
_وحش المخابرات إللي مشرفني ،
جهاز المخابرات كله بقاله أسبوع ملهوش سيرة غير علي ياسين المغربي إللي وقع أكبر تخطيط إرهابي كان هيدمر البلد ،وتخطيته إللي مفيهوش غلطه ووقع بيه الخلية من غير نقطة دم واحدة .
كان يستمع إلي وصف أبيه لهٌ وتفاخرهٌ الشديد به وهو سعيد وتحدث مبتسماً:
_كله بفضل الله وتوجيهات سعادتك عز باشا بنتعلم من سيادتك، ثم أنا أجي أيه في تاريخ حضرتك المشرف في المخابرات ،أنا نقطه في بحرك يا باشا .
إبتسم له عز وتحدث بكبرياء:
_رئيس الجهاز النهارده قال لي بكل تفاخر مبروك ياسيادة اللوا هذا الشِبلْ مِنْ ذاكَ الأسد.
تحدث ياسين بكبرياء :
_وليا الشرف يا باشا.
نظر لهٌ عز وتحدث بجدية وقلق:
_بس أنا عاوزك تاخد بالك من نفسك كويس أوي بعد كده يا ياسين، الناس إللي ورا المجموعه دي مش هتسكت وهيحاولوا ينتقموا منك علي كشف خيبتهم قدام العالم كله ،
لازم تخلي بالك وكويس أوي ومتنساش إنك قدام تخطيط دولي يعني مش هايستسلموا بسهولة .
أجابهٌ ياسين بيقين:
_خليها علي ربنا يا باشا وأهلاً بيهم في أي جولات جديدة إحنا بعون الله قدها وقدود .
ثم نظر ل أبيهٍ وتحدث بإرتباك :
_بعد إذن حضرتك يا باشا أنا كٌنت بفكر أتمم جوازي من مليكة الإسبوع ده،
_وتحدث معللآ بتصنع يعني عمتي ثريا بقت أحسن، وكمان أنا كل شويه عندهم وطارق وكل رجالة العيله بيدخلوا يطمنوا عليها فمٌمْكِن باباها يكون متضايق من زيارتنا دي ومحروج يتكلم،
فاأنا بقول أكتب كتابي عليها وأمنع أي كلام مٌمْكِن يتقال من أي حد .
تنهدَ عز مهموماً وأرجع بظهرهِ للخلف قائلآ بقلق:
_قولت لمراتك يا ياسين ؟
تحدث ياسين بضيق:
_لسه يا باشا ،بس ناوي أفاتحها النهاردة في الموضوع.
تحدث عز بوجهٍ عابس:
_أنا قلقان جداً من رد فعلها هي وأمك، تفتكر أمك هتسكت وتعدي الموضوع كده بالساهل دي مهما كانت ليالي بنت أخوها وأكيد هتزعل علشانها وتقوم الدنيا علينا وعليا أنا بالذات
وأكمل بنبرة قلقة:
_ إنت كده بتفتح عليا طاقة من أبواب جهنم يا ياسين .
تحدث ياسين بثقة :
_سيب موضوع ماما وليالي عليا يا باشا أنا كفيل إني أهديهم هما الإتنين وأقنعهم
واسترسل بترقب شديد:
_لكن مسمعتش رأي حضرتك في إللي أنا قولته ؟
تحدث عز :
_طبعا معنديش مانع أنا كل إللي شاغلني حالياً هو إنك تبلغ امك وليالي غير كده كله سهل وبيني وبينك يا ابني أنا قلقان لحماك يعند هو كمان وليالي يوصل بيها الحال إنها تطلب الطلاق،
واكمل:
_وقتها با ابني متزعلش مني أنا مش هشوفك بتخرب بيتك بإيدك وأقف أتفرج.
نظر لهٌ ياسين بعدم إستيعاب لكلماته وتحدث بنبرة صوت قلقة مضيقاً عيناه قائلاً:
_تقصد ايه بكلامك ده يا باشا ؟
نظر له عز وتحدث بجدية :
_أقصد إن لما خراب بيتك يتحط قصاد أي حاجة تانيه هضحي بأي حاجة وقتها بمعني لو والد مليكه أصر ياخدها هي والولاد وقتها هتدخل وأخد أولادنا بأي طريقة حتي لو هنتضر نعادي بعض ووقتها بقا يبقي ياخد بنته ويشبع بيها هو حر فيها.
هٌنا تغير وجه ياسين وظهر غضبه عِنوَةً عنهْ وتحدث بحنق وغضب:
_مفيش حاجة هتحصل من الكلام ده كله يا باشا أنا قولت لحضرتك إني كفيل بإقناع ماما وليالي ،
وأكمل متحججًا:
_ وبعدين أنا ضميري ما يسمحليش إني أحرم مليكة من أولادها ولا أحرم الولاد منها أسلم حل هو جوازي منها ومفيش غير كده .
نظر له عز وإبتسم داخلياً بعدما رأي عِشق ولدهٌ الظاهر بعيونه لمليكة وتأكد أن ياسين يعشقها ويريدها زوجةً لهْ وليس حفاظاً علي نفسية ثريا والأطفال مثلما إدعي ولكنه أيضاً قلق من ردة فعل منال وليالي ووالدها .
نظر له عز وتحدث بلؤم:
_اللي تشوفه يا ياسين الكورة الوقت في ملعبك إلعب وخطط براحتك أهم حاجة تجيب إجوان واللعبه تبقي حلوه وتستاهل .
نظر له ياسين بعدم فهم لحديث أبيهِ وتحدث:
_كلام حضرتك كله ألغاز ليه كده ياباشا تقصد إيه بيه فهمني ؟
ضحكَ عز وغمرهٌ بغمزه من عينيه وتحدث بمرح:
_إنتَ فاهمني كويس أوي يا سيادة العقيد فبلاش نتلائم علي بعض المهم حاول تخلص من موضوع كلامك مع ليالي بأسرع وقت .
تحدثَ ياسين بجديه وحماس:
_النهاردة كله هيبقي تمام ياباشا
نظر له عز بإستغراب وأبتسمَ قائلاً بلؤم:
_يااااا للدرجة دي مِستعجل ؟
نظر له ياسين وتحدث بإرتباك :
_ايه مستعجل دي يا باشا لا طبعاً أناااا بس عاوز أطمن قلب عمتي وأحسم لها موضوع قلقها علي أولاد رائف.
ضحك عز وتحدث بمداعبة :
_طب ماهو ده إللي أنا كنت أقصده بكلامي يلا إنتَ بقا فهمت ايه من كلامي يا ياسين باشا .
قرر ياسين الإنسحاب من أمام والدهٌ الذي يبدوا عليه أنه كشف ما بداخلهِ وقرأهٌ بعيونه فوقف معتذراً ومنسحباً
قائلاً
_طب بعد إذن حضرتك يا باشا أنا هطلع علشان أفاتح ليالي في الموضوع تصبح على خير يا سيادة اللوا .
أوقفهٌ عز بجديه وتعقل:
_ياسين إتكلم مع مراتك بحكمه وعقل واهدي وخٌدها بالراحه مش عاوزين مشاكل يا حبيبي يلا تصبح على خير .
تحدث ياسين بجديه وثقه:
_مش عاوزك تقلق يا باشا .
◇◇◇◇◇¤◇◇◇◇◇
في نفس التوقيت الذي دلف ياسين إلي أبيهِ المكتب قررت نرمين التوجه لغرفة شقيقتها لتستفسر منها سبب حزن مليكه ومعاملتها الجافه لياسين
دقت باب شقيقتها فاستمعت لصوتها وهي تأذن بالدخول فدلفت ، رأتها يسرا وتجاهلتها فهي منذ ذلكَ اليوم توترت علاقتهما ولم تعٌد كما كانت للأن .
تحدثت نرمين بجديه:
_يسرا لو سمحتي عاوزه أتكلم معاكي شويه .
يسرا وهي تتجه لسريرها وتجلس عليه إستعداداً للنوم:
_ إنتي شايفه إن ده وقت كلام أظن الوقت إتأخر و البيت كله نايم .
نظرت لها نرمين بترجي وتحدثت بإصرار :
_يا يسرا من فضلك لازم نتخطي إللي حصل ونرجع تاني زي الأول في النهايه أنا وإنتي ملناش غير بعض ،
بلاش علشاني ياستي علشان خاطر ماما إللي كل شويه تسألنا مالكم وفيه أيه؟
وليه بعدتوا عن بعض ومابقتوش زي الأول؟
أجابتها يٌسرا بغضب:
_ماما معذوره مسكينه ماتعرفش إللي فيها، وبيتهيألي لو عرفت ساعتها ممكن تزعل مني علي إني لسه بتعامل معاكي أصلاً بعد إللي عرفته إحمدي ربنا يا نرمين إني دفنت إللي عرفته ما بينا وماقولتهوش لحد .
زفرت نرمين بقلة صبر:
_خلاص يا يسرا مش كل شويه هتزليني وتفكريني بالموضوع ده،
المهم أنا كنت جيالك علشان أعرف أيه إللي حصل بين ياسين ومليكه مخليها تعامله بالطريقه دي ،
وعلي فكره أنا سألت ماما قدام ياسين وقالتلي إنها هتقولي لما نبقا لوحدنا
لكن بعدها مرات عمو عبدالرحمن جت لزيارة ماما وبعدها علي طول ماما نامت فاأنا بصراحه حاسه الموضوع كبير وقولت أسألك أكيد تعرفي .
تنهدت يسرا وظهر علي وجهها الحزن والهم وتحدثت:
_ياسين عاوز يتجوز مليكه .
جحظت عيناي نرمين وتحدثت بصدمه:
_إنتي بتقولي أيه يا يٌسرا، إتجنن ده ولا ايه ،وايه إللي خلاه يفكر فيها بالشكل ده لتكون شغلته ولعبت عليه هو كمان ؟
تحدثت يٌسرا بغضب:
_ايه التخاريف اللي بتقوليها دي ! ياريت تشيلي مليكه من دماغك يا نرمين وإلا ورحمة بابا أنا إللي هقف لك ،
_ وأكملت بشرود الحكايه مش زي ماأنتي فاهمه وبدأت بقص كل ما حدث عليها
بعد مده تحدثت نرمين برضي :
_يعني مليكه مش موافقه ؟
أجابتها يسرا :
_أيوه وإختارت تاخد ولادها وتعيش بيهم عند باباها
تحدثت نرمين بإعجاب:
_والله برافوا عليها أول مره تتصرف كويس وبعقل ،
أنا شايفه إن مليكه عندها حق ولازم تاخد أولادها وتبعد عند باباها وبكده هتريحنا كلنا ياسين ومراته ومامته وأنا هارتاح وأرجع أجي تاني زي الأول
وإحنا كمان نعرف نطالب وناخد حقنا إللي إتنسي بموت رائف .
كانت يسرا تنظر لها بعدم تصديق لما تراهٌ عيناها من جشع وطمع شقيقتها تحدثت بصدمه:
_إنتي امتي بقيتي كده؟ امتي بقيتي بالجشع والطمع ده ،خلاص مابقاش يهمك غير الفلوس وإزاي تخلصي من مليكه وولادها !
_ وأكملت طب وأمك إللي وقعت من طولها وكانت هتروح مننا لمجرد ما سمعت مليكه بتقول هتمشي وتاخد الولاد ،مافكرتيش فيها ،مجاش علي بالك ايه اللي مٌمكن يجرالها تاني؟
إزاي بقيتي بالأنانيه دي كلها ومبتفكريش غير في نفسك ومصلحتك وبس !
تحدثت نرمين بجديه وتهكم:
_بقولك يا يسرا مش وقت مثاليات وعواطف هبله إنتي فاهمه يعني ايه ياسين يتجوز مليكه؟
يعني هاتكون تحت حمايته هي وولادها ،
يعني حقنا هايضيع ويموت وسطيهم ،
وياسلام بقا لو ياسين بيه حب الهانم وعرفت تلعب عليه وتاكل عقله زي رائف الله يرحمه يبقا وقتها قولي علي حقنا يارحمان يا رحيم،
لكن لو غارت في داهيه هي وأولادها، ساعتها مع الوقت هيتنسوا وممكن كمان تتجوز وتاخد الولاد معاها
وساعتها أنا وإنتي وأولادنا اللي هانعيش في الخير ده كله !
_ وأكملت وماتقلقيش هنديهم حقهم مش هناكله عليهم لكن بالعقل حقهم بالعقل يايسرا مش ياخدوا الجمل بما حمل .
ذهبت يسرا سريعاً بإتجاه الباب وأشارت بيدها لها وتحدثت :
_إطلعي بره يا نرمين ومش عاوزه أشوف وشك في أوضتي تاني .
نظرت لها نرمين بغضب وتحدثت:
_براحتك يا حنينه لكن بكره تجيلي زاحفه علي رجليكي علشان نشوف حل بعد ما الهانم تكون كوشت علي كل حاجه وساعتها الندم مش هيفيدك يا يسرا وهافكرك ،
وخرجت وصفقت يسرا خلفها الباب وبدأت بالبكاء علي حال شقيقتها التي تحولت لشخص عديم الرحمه والإنسانيه حتي أنها لم تعد تهتم لأمر والدتها المريضه أو لأبناء أخيها الأيتام ،.
◇◇◇◇◇¤◇◇◇◇◇
عوده إلي ياسين ▪︎▪︎▪︎
دلف إلي جناحهِ بعد إستعدادهِ واتخاذه قراراً بمواجهة ليالي بالأمر وجدها بإنتظاره وهي في حاله مغريه لرجولتهِ ترتدي ثياباً مثيره للغايه وتنظر لهٌ بنظرات ذات مغذي ومعني،
نظر لها وابتسم بإغراء ذهب لها علي الفور وجذبها بعنف إرتدمت بصدره ،فقد سهلت عليهِ مهمته وقرر أن يستغل ذلكَ الوضع لصالحهْ فالأن سيعيش معها أوقاتاً سعيده ويذيقها من عشقه ألواناً من العسل المٌصفي حتي يثملها فتكون بحاله مزاجيه أفضل ويكون الحديث أهدي وألطف،
هكذا تخيل ياسين، لكن مالايعرفه عن النساء هو أن أهون عليها الأن أن تدفنهٌ بيدها تحت الثري ولا يتفوه بتلك الكلمات المٌمِيته لأي أنثي .
قضا معاً وقتاً سعيداً ليس بالقليل وبعد مده خرج من المرحاض وهو يرتدي رداء الحمام وجدها تجلس علي السرير وتٌمْسكْ بيدها كأساً من المشروب تناولهٌ إياه بسحر جلس بجانبها وأخذهٌ منها وتجرعهٌ ،
نظر لها بجديه وتحدث :
_ليالي كنت عاوز أتكلم معاكي في موضوع كده بس عاوزك تسمعيني للأخر من غير ماتقاطعيني وعاوزك تبقي هاديه أوي وتحاولي تفهميني .
أجابتهٌ وهي تنظر بعيونهٌ بعشق وتحدثت بإثاره:
_ومين غيري يفهمك يا ياسين باشا لو لوله حبيبتك ما فهمتكش ؟
وتحدثت بتساؤل وشغف:
_لكن قولي الأول هاتسفرني فين بمناسبة ترقيتك ؟
وأكملت بتفاخر وكبرياء:
_ما تتصورش موضوع العمليه الأخيره ده مسمع في البلد كلها إزاي صاحباتي كلهم هيتجننوا وبيحسدوني علي أسد المخابرات إللي أنا متجوزاه .
نظر لها ببريق بعيناه وتحدث بنشوه:
_حبيبي إسمعيني الأول وبعدها كل طلباتك مجابه هبقي تحت أمرك فاللي إنتي عاوزاه كله ،سفر ،مجوهرات، كل حاجه هاتطلبيها تتنفذ فوراً
_وأكمل مٌخدراً مشاعرها وقبل كل ده لازم تعرفي إني بحبك أوي وإني ماعنديش أغلي منك علشان أسعدك بشتي الطرق .
لمعت عيناها طامعه و تحدثت بدهاء:
_ يااااه ده شكله موضوع مهم أوي إللي يخليك توافق علي كل طلباتي بسهوله كده حتي من غير ماتعرفها علي العموم إتفضل يا سيدي أنا سمعاك .
جلس بجانبها وأمسك يدها وقبلها وتحدث بجديه:
_إنتي تعرفي ايه السبب إللي خلي عمتي ثريا جتلها أزمه قلبيه ؟
نظرت لهٌ بإستغراب وحدثت حالها ،ماذا يريد أن يتحدث ؟مالي أنا بتلك الثريا أو أزمتها!تري ماالذي يدور بعقلك الذري ياسين ؟
تحدثت بإستغراب:
_لا يا ياسين ماأعرفش ولما سألناك وقتها أنا وعمتو أيه إللي حصل ووصلها لكده قولت لنا إن مفيش سبب معين .
تنهد ياسين وأكمل :
_وقتها ما كانش ينفع أقول يا ليالي ،
في اليوم ده أبو مليكه إتصل عليا أنا وبابا علشان يبلغنا إنه عاوزنا نروحله ضروري عند عمتي ثريا،
ولما روحنا بلغنا إنه قرر ياخد مليكه هي والولاد يعيشوا معاه هو شايف إنه مايصحش بنته تعيش في البيت من غير راجل ،
وخصوصاً إننا كلنا بندخل عندهم علشان نتطمن علي عمتي ويسرا وأولاد رائف الله يرحمه ،
يعني تقدري تقولي إنه مش مٌتقبل و رافض فكرة إن فيه رجاله غريبه بتدخل البيت في وجود بنته فقرر ياخدها هي وولادها،
عمتي أول ما سمعت كده وقعت من طولها لولا ستر ربنا علينا كان زمانها حصلت رائف .
تحدثت ليالي بتعالي وإستهزاء:
_ايه الراجل ده هو لسه فيه ناس بتفكر بالرجعيه والتخلٌف ده ؟طب وبعدين ايه اللي حصل كمل ؟
أكملَ ياسين بجديه:
_للأسف تفكيرك غلط يا ليالي سالم عثمان مش راجعي ولا مٌتخلف زي ما وصفتيه
كل الحكايه إنه راجل بيفهم في الدين والأصول كويس يا حبيبتي وفعلا لو بصنالها من ناحية الشرع وكمان العرف هنعرف إنه ليه كل الحق ،
مليكه لسه صغيره وحلوه وإحنا كلنا بندخل علشان نتطمن عليهم الراجل عاوز يجتنب الشبهات وياخد بنته في حضنه وبصراحه هو معاه حق ،
لكن لما نيجي نحسبها من وجهة نظرنا كعيلة المغربي هنلاقي إن إحنا كمان مش هنقدر نبعد ولاد رائف عننا دول رجالتنا ومانقدرش نسيبهم يتربوا بعيد عن بيت وعز أبوهم .
ليالي تأكيداً علي حديثهْ:
_عندك حق طبعاً وخصوصاً إن فعلا الولاد محبوبين جداً من الكل،
ده عمو عز لازم يشوفهم أول ما يصحي وقبل ماينام كلنا بصراحه بنحبهم ده حتي أنا اللي مابحبش الأطفال بحب أنس جداً
ده طبعا غير وضع طنط ثريا ويسرا هايكون ايه ده كده البيت هايبقي فاضي أوي عليهم .
تحدث ياسين ولمعه ظهرت بعيونه من حديثها المٌثمِر:
_بالظبط كده الله ينور عليكي يا حبيبتي
وأكمل بتخابث وهو ينظر داخل عيناها :
_دي حتي عمتي ثريا ما هديتش وحالتها إتحسنت غير لما طمناها وقولنا لها علي حل للمعضلة دي كلها، منه ها يرضي سالم بيه ومنه أولاد رائف يفضلوا في حضنها وحضن عيلة المغربي .
تسائلت بإستغراب وحيرة:
_حل ايه ده يا ياسين إللي طنط ثريا وسالم بيه إتفقوا ووافقوا بيه ؟
إبتلع لعابه ونظر لها بدقه قائلاً :
_لما هدينا وفكرنا كويس لاقينا إن مفيش غير حل واحد إللي ممكن يخرجنا من المشكلة دي ويقفل الموضوع ده خالص وللأبد ،
والحل هو إن واحد من رجالة المغربي يتجوز مليكه وبكده سالم بيه هيهدي ويشيل ايده من التحكم في مليكه وأولادها كمان أولاد رائف هيفضلوا هنا في حضن ثريا ومليكه .
نظرت لهٌ بذهول ودق قلبها بوتيرة سريعة وقد باتت تعرف ما هو السر وراء تلك المحاضرة والحديث الطويل التي لم تدري مٌنذ البداية المغزي من ورائه لكنها الان باتت علي دراية شبة كاملة من هو الزوج المنتظر ،
نظرت له بترقب وتحدثت بتلعثم:
_وياتري بقا مين هو اللي العيله الكريمه إستقرت وأختارت إنه ينال شرف إنقاذ العيله وإنقاذ قلب ثريا هانم ؟
نظر لها بتعاطف وتحدث بحذر:
_ليالي أنا قررت أتجوز مليكة .
تٌري ماذا ستكون ردة فعل ليالي علي قرار ياسين ؟